الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

كشف حساب أولمبياد باريس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اختتمت دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس، لكن باب الجدل والمناقشات والمعارك لم يُغلق بل فُتح على مصراعيه، والسبب هو التكلفة التي تجاوزت ثلاثة أضعاف القيمة المرصودة. التكلفة المبدئية التي تم إعلانها حتى الآن بلغت 9 مليارات يورو (9.6 مليار دولار) وقد تتجاوز العشرة مليارات بعد الحساب النهائي. هناك 2.4 مليار يورو إسهام الحكومة الفرنسية من المال العام حسبما كان مقررا. 

لكن رئيس ديوان المحاسبة بيار موسكوفيسي يقول إن استثمارات القطاع العام قد تصل إلى خمسة مليارات يورو.

 ورد البعض في وسائل الإعلام أن هناك انحرافا في الميزانية. حتى وزيرة الرياضة أميلي أوديا كاستيرا استغربت، قائلة: "لا يوجد سبب لأن تصل تكلفة الاستثمارات إلى خمسة مليارات". عدد من خبراء الاقتصاد تحدثوا لصحف فرنسية عن المكاسب التي تتحقق لخزينة الدولة بأرباح تصل لـ 12 مليار يورو، وأن الناتج المحلي الإجمالي يستفيد بنسبة 0.3%. وأشاروا إلى انتعاش السياحة والإنفاق السياحي من القادمين من الخارج ومن داخل فرنسا، ناهيك عن المبيعات ذات الصلة بالرياضة. لكنّ مستثمرين في قطاع السياحة أكدوا عكس ذلك تماما، حيث أشاروا إلى أن إشغالات الفنادق تراجعت إلى الربع في هذا الشهر المعروف عادة بأنه أكثر أشهر السنة استقطابا للسياح. ولم يتجاوز عدد الزائرين لباريس خلال فترة الأولمبياد 1.2 مليون شخص، بينما بلغ العام الماضي في نفس الفترة 4 ملايين شخص.

 ورغم الجدل الدائر حول التكلفة الضخمة للتنظيم فستكون نسخة باريس بين الأقل تكلفة في تاريخ الألعاب الحديثة. وقد بلغت الأموال المقدمة من اللجنة الأولمبية (1.2 مليار يورو) ومثلها من الرعاة، والتذاكر المباعة (1.4 مليار يورو). وتم إنفاق (4.4 مليار يورو) على استئجار ملعب "إستاد دو فرانس" ومصاريف القوى الأمنية (فرد الأمن تكلف حوالي ألفي يورو)، والإقامة في القرية الأولمبية، وحتى مصاريف الراقصين والراقصات الذين نكدوا على "مؤمني" العالم في حفل الافتتاح. وخططت الدولة لبيع المساكن التي بنتها في القرية الأولمبية إلى المواطنين بعد انتهاء الألعاب لتسترد حوالي 600 مليون يورو تكلّفتها في عمليات الإنشاء. كما استطاع سكان المناطق القريبة من القرية الأولمبية تحقيق مكاسب بالملايين من تأجير بيوتهم لفرق التغطية الإعلامية.

 كما تحققت مكاسب لسلاسل توريد الأغذية نتيجة زيادة الطلب على الطعام، رغم شكاوى الوفود المتكررة من سوء الطعام وقلته وتكلفته المبالغ فيها.   

تلك بعض الملامح الاقتصادية التي أثارت ومازالت تثير جدلا بين الفرنسيين حول أولمبياد باريس، ويبقى جدل آخر وكشف حساب للفرق المشاركة ذات النتائج الهزيلة، وفي مقدمتها مصر؛ ولا أحد يدري عما ستسفر عنه.

أما الجدل الرياضي بالنسبة للاعبين فهناك من سيظل يذكر هذه الدورة ويعيشون بعقدتها طوال حياتهم. فهذه لاعبة الفريق الأولمبي للاجئين الأفغانستانية، مانيزا تالاش، قد استبعدت من منافسات "البريك دانس"، عقب ظهورها في التصفيات مرتدية قميص كتبت عليه "حرروا المرأة الأفغانية".

 ومن المفارقات أن اللجنة التنظيمية التي لم تعترض على الكم الهائل من الشعارات الأيديولوجية والسياسية التي تضمنها حفل الافتتاح، اعتبرت أن الشعار الذي ظهرت به اللاعبة "سياسي وجندري" واللجنة تحظر تلك الشعارات وهذا مدعاة لإقصائها. هذه القصة السلبية غطت على "الزهو" الذي أحاط بالرسالة الإنسانية لمشاركة 36 رياضيا يمثلون الفريق الأولمبي للاجئين والتي تروج للتوعية بخطورة أزمة اللاجئين ضحايا الحروب والنزاعات الملتهبة على الكوكب.

ومن مفارقات هذه الدورة أيضا استبعاد ثلاثة لاعبين من استكمال مشوار البطولة بسبب عدة جرامات زائدة في أوزانهم. ولن تنسى لاعبة الملاكمة المصرية يمنى عياد استبعادها لزيادة وزنها عن الوزن المسموح بـ 700 جرام، وستعيش لفترة بذنب ذلك الإحراج رغم أن الزيادة بسبب أنوثتها التي خذلتها وسببت لها تجريحا أيضا، حيث جاءت الدورة الشهرية في غير موعدها -ربما بحكم القلق والتوتر-وأضافت أكثر من كيلوجرام لوزنها مقارنة بوزنها قبل يوم. ولم يعذرها أحد رغم كون نفس الأشخاص الذين تنمروا عليها لم يرحموا أيضا زميلتها الجزائرية إيمان خليف لسبب عكسي وهو الانتقاص من أنوثتها. 

وقد حدثت صدمة مماثلة أيضا للاعبة الهندية فينيش فوجات بسبب 200 جرام زيادة في وزنها وتم استبعادها هي الأخرى من المنافسة على الذهب في مصارعة السيدات. ولاقى رضوان مسعود لاعب الملاكمة الجزائري نفس المصير باستبعاده من منافسات الجودو بسبب الوزن الزائد. 

أما الاستبعاد الذي سبب فضيحة بجلاجل فكانت بطلته لاعبة الجمباز اليابانية شوكو مياتا بسبب تدخين السجائر، وجرى ترحيلها لبلادها مع الإيقاف وفرض عقوبة. ولا يستبعد أن تُقدم هذه المراهقة ذات التاسعة عشر على الانتحار حيث لا يوجد في قاموس المجتمع الياباني احتمال لارتكاب خطأ!   

أما استبعاد السباحة البرازيلية آنا كارولينا فييرا فكان بسبب مغامرتها في برج ايفيل دون إذن من اللجنة الأولمبية. وبعد كل هذا يبقى السؤال الأهم: هل ساهمت الأولمبياد في تعزيز الروح الرياضية والأخوة والصداقة ونبذ العنصرية والتنمر كما هو الهدف من تنظيمها؟ أظن أن تحليل مضمون صفحات التواصل الاجتماعي كفيل بالإجابة "المخيبة للآمال"!