كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية اليوم الأحد أنه في خضم الاضطرابات في فنزويلا، تريد الولايات المتحدة من دول أمريكا اللاتينية أن تقود الجهود لإيجاد حل حيث فضلت السماح لقادة كولومبيا والبرازيل والمكسيك بتولي زمام المبادرة في الضغط على حكومة فنزويلا، لكن قد يكون من المحتم أن تمارس واشنطن دورا أكثر نشاطا.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها إنه بعد أسبوعين تقريبا من إعلان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إعادة انتخابه لولاية ثالثة على الرغم من تأكيد الولايات المتحدة وآخرين بأن لديهم "أدلة دامغة" على فوز المعارضة الساحق، لا يزال مستقبل فنزويلا والسياسة الأمريكية هناك في حالة من الغموض.
وتابعت الصحيفة أنه على الرغم من قول إدارة بايدن إن مرشح المعارضة إدواردو جونزاليس فاز بوضوح بعدد أكبر من الأصوات، إلا أنها لم تعلن فوزه. وبدلًا من ذلك، دعت إلى إصدار جميع النتائج الرسمية وإلى قيام مادورو والمعارضة بالتفاوض على "انتقال" السلطة.
وأضافت الصحيفة أنه بدلًا من تولي زمام المبادرة في الضغط على مادورو للتنحي وتهديده بالعقوبات وغيرها من الأعمال العقابية إذا رفض كما فعل البيت الأبيض في الماضي، وضعت الإدارة الحالية آمالها في ثلاث حكومات يسارية في أمريكا اللاتينية لإقناعه بالاستسلام.
ونوهت الصحيفة بأنه حتى الآن، يبدو أن جهود رؤساء المكسيك وكولومبيا والبرازيل، الذين تربطهم جميعًا علاقات مستقرة نسبيًا مع مادورو، لم تحقق سوى القليل بينما سيجتمع وزراء خارجية الدول الثلاث مع نظرائهم الفنزويليين اليوم، بهدف التخطيط لاجتماع بين الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور والرئيس الكولومبي جوستافو بيترو والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ومادورو يوم الأربعاء المقبل.
وأشارت الصحيفة إلى أن كولومبيا تعتزم اقتراح اتفاق أولي بحيث يطلق مادورو سراح جميع السجناء السياسيين ويوقف اضطهاد المعارضة في مقابل تخفيف جزئي للعقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفقًا لشخص قريب من المفاوضات، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.
وأضاف أن هذا لن يكون "مقايضة"، بل سيحتاج مادورو إلى القيام بالبادرة الأولى لحسن النية ومن غير الواضح ما إذا كانت إدارة بايدن ستدعم مثل هذا الاتفاق.
ونوهت الصحيفة بأن هذا يأتي بعدما فتح المدعي العام لمادورو تحقيقا جنائيا مع زعماء المعارضة المختبئين حاليًا، بما في ذلك جونزاليس. وبينما رفضت الحكومة إصدار النتائج الرسمية لانتخابات 28 يوليو، والتي تقول إن مادورو فاز بها بنسبة 51 في المائة، اتهمت المعارضة بتزوير مطبوعاتها الخاصة لنتائج الدوائر الانتخابية التي تظهر جونزاليس بأكثر من ضعف عدد مادورو.
ووصف مادورو منظمي المعارضة المحليين بأنهم "إرهابيون" واعتقل الآلاف في حملات أمنية منذ الانتخابات كما ألغى جوازات سفر الناشطين والصحفيين وأمر الفنزويليين بحذف واتساب، الأداة الأساسية للاتصالات المعارضة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في خضم الاجتماعات مع ممثلي الحكومة والمعارضة، أصدر الرؤساء الثلاثة في أمريكا اللاتينية بيانات حثوا فيها المجلس الانتخابي الوطني الذي يسيطر عليه مادورو على إصدار النتائج الكاملة للتصويت في كل دائرة انتخابية والسماح "بالتحقق المحايد".
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض شون سافيت قوله: "إن المجتمع الدولي متحد في دعوتنا لمادورو وممثليه لإصدار نتائج فرز الأصوات غير المزورة والمفصلة. وحتى الآن، لا يوجد دليل يدعم فوز مادورو من قبل اللجنة الانتخابية."
وأضاف:" نرحب بالمشاركات من شركائنا الدوليين الذين يدعون إلى الشفافية لتكريم أصوات الشعب ودعم طريق سلمي للمضي قدمًا يحترم إرادة الشعب الفنزويلي. وتدعم الولايات المتحدة هذه الجهود بقوة".
وأشار مسئولان كبيران في الإدارة الأمريكية، تحدثا للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويتهما إلى أن تنصيب رئيس فنزويلي جديد ليس مقررًا حتى يناير المقبل، مما يترك الوقت لبناء الضغط على مادورو من داخل نصف الكرة الأرضية وخارجه.
وأضاف شخص مقرب من المحادثات بين زعماء أمريكا اللاتينية إنهم يعتقدون أنه من غير المرجح للغاية أن يوافق مادورو على نقل السلطة في الأمد القريب، أو يوافق على صفقة لتقاسم السلطة مع المعارضة لكن المفاوضات قد تضع الظروف لمساحة ديمقراطية في المؤسسات الحكومية في فنزويلا ولإجراء انتخابات تشريعية أو محلية تنافسية في عام 2025.
ووفقا للصحيفة، فإن الجهود الأمريكية في الماضي، بما في ذلك حملة الضغط الشديدة التي شنتها إدارة دونالد ترامب السابقة لزيادة العقوبات على مادورو وحكومته والاعتراف بزعيم المعارضة آنذاك خوان جوايدو رئيسا، لم تفعل الكثير لتغيير الوضع في فنزويلا.
وقال أحد كبار المسئولين في الإدارة الأمريكية بشأن إحالة الأمر إلى المكسيك وكولومبيا والبرازيل، التي تطمح جميعها إلى الزعامة الإقليمية: "أعتقد أننا مرتاحون للموقف الذي اتخذته الدول الثلاث الآن لقد قالوا جميعا إن هناك حاجة إلى الشفافية في النتائج."
كما أن الدول الثلاث، بدرجات متفاوتة، مهمة أيضا لأهداف أمريكية أخرى في المنطقة، بما في ذلك مكافحة تدفقات المخدرات والهجرة، فضلا عن وقف النفوذ في نصف الكرة الأرضية للجهات الأخرى مثل روسيا والصين وإيران، وفقا للصحيفة.