الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"خدمات التوصيل".. عندما تصبح "راحة" المستهلك مجرد خرافة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

“خدمات توصيل الطلبات”، ذلك الابتكار الذي كان يومًا ما يُعد من أكثر  وسائل الراحة في عصرنا الرقمي، وأيضًا مصدرًا لا ينضب لتوفير فرص العمل للشباب، تحولت قصة النجاح إلى قصة جديدة من قصص الرعب اليومية التي يعيشها مختلف المستخدمين وكأن معاناتهم اليومية لاتكفي.

عند ظهورها بدت تلك الخدمات بأنها قمة التطور البشري، حيث يمكنك الحصول على ما تريد من خلال ضغطة زر سحرية على هاتفك الذكي.

كانت تلك الضغطة كافية لجعل الحياة أكثر راحة، ولكن الأمور تغيرت وأصبحت الجودة حلمًا من أحلام الماضي.

الآن، تتراجع جودة خدمات التوصيل بشكل يدعو للدهشة، وأصبحت التجربة تشبه في بعض الأحيان محاولة شراء وجبة ساخنة من كوكب آخر.

المشاكل أصبحت أكثر من أن يتم تجاهلها، لتشمل التأخير الطويل في التوصيل، وفقدان الطلبات، وسوء التعامل مع العملاء، ليبدو أن هذه الخدمات أصبحت جزءًا من المؤامرة الكونية لتعليمنا الصبر.

من أكثر الأمور التي تجعلنا نفكر في العودة إلى العصور الحجرية، هي ظاهرة التأخير المستمر في توصيل الطلبات. العملاء يجدون أنفسهم في حالة من الترقب المقلق وهم ينتظرون وصول طلباتهم، التي ربما تكون قد بدأت بالتحلل، لمدة ساعات، حتى أن البعض يقسمون أن الوجبة كانت في حالة أفضل قبل أن يتم تحضيرها! ثم، بعد الانتظار الطويل، هناك احتمال كبير أن تكون الطلبات ناقصة أو خاطئة، أو لا تأتي من الأساس مما يجعلنا نتساءل هل توصيل البيتزا الآن هو جزء من تدريبات البقاء على قيد الحياة؟

أما خدمات النقل الذكي، فحدث ولا حرج فقد تحولت من رمز للراحة والأمان إلى مغامرة يومية محفوفة بالمخاطر، كان من المفترض أن تكون هذه الخدمات بديلًا حديثًا للنقل التقليدي، لكن بدلًا من ذلك، تحولت إلى وسيلة غير مضمونة للمغامرة.

الشكاوى من السائقين غير المؤهلين أصبحت منتشرة بشكل ملفت لا يمكن إغفاله فقد وصلت الي ساحات المحاكم، والمركبات أحيانًا تبدو كأنها جزء من مخلفات متحف السيارات القديم.

تأخير الوصول لم يعد مشكلة، بل أصبح "ميزة"، والتحرش والخطف والاغتصاب أمور تُثير قلق الركاب في كل رحلة تقريبًا، حيث يمكن أن يتحول السائق من صديق إلى شرير في أقل من خمس دقائق.

الشركات التي تقدم خدمات التوصيل سواء للطلبات أو الأشخاص، بدلًا من مواجهة هذه المشكلات بحلول جادة، قررت أن تتغنى بنسبة الفشل التي لا تتعدى 1%، وكأن تلك النسبة تكفي لتغطية كل تلك الفوضى.

ولعلها تعتقد أن هذه المشكلات الصغيرة ليست ذات أهمية لأن نسبة الخطأ ضئيلة. ويبدو أن الحسابات التقليدية للأرباح والخسائر أصبحت هي الفلسفة الجديدة لهذه الشركات، متجاهلةً بذلك المعنى الحقيقي للثقة والجودة.

في الختام، على الرغم من كل هذا، لا يزال الكثيرون  يستخدمون تلك الخدمات كجزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية، وعلى الرغم من العواقب المتوقعة لكل طلب، لا يمكننا إنكار أهميتها. ومع ذلك، من الواضح أن تحسين الجودة واستعادة ثقة المستخدمين يجب أن يكونا على رأس أولويات هذه الشركات، لضمان استمرار استخدامها وتطويرها في المستقبل. حتى ذلك الحين، نتمنى لكم حظًا سعيدًا مع مغامرتكم التالية مع خدمات التوصيل.