أفادت صحيفة "واشنطن بوست" في تقريرها بأن تغير المناخ يساهم في زيادة درجات الحرارة، مما يهدد بزيادة حدوث الطقس المتطرف. ووفقًا لدراسة أُجريت في عام 2020، تم رصد حالات عدة حيث كانت درجات الحرارة تقترب من أو تتجاوز قدرة البشر على التحمل. وهذا يشير إلى خطورة الوضع وضرورة تقييم المخاطر المرتبطة بهذا التغيير.
وفي هذا السياق؛ ذكرت الصحيفة أن عبء الوفيات المرتبط بالحرارة ليس موزعًا بشكل متساوٍ. فقد شهدت مناطق مثل جنوب آسيا، والشرق الأوسط، وساحل أمريكا الشمالية الغربي، ومكسيكو موجات شديدة الحرارة.
بالإضافة إلى ذلك، لم يتعرض جميع الأفراد للخطر بنفس الدرجة؛ حيث يتعرض كبار السن والأطفال، وكذلك الفقراء الذين يفتقرون إلى الموارد للحفاظ على برودتهم أثناء موجات الحر بشكل خاص، كما أن البلدان النامية والدول التي تفتقر إلى تكييف الهواء معرضة بشكل أكبر.
وأشار التقرير إلى أن الاستعداد والبنية التحتية يلعبان دورًا مهمًا في التعامل مع الطقس المتطرف.
ويعتمد عدد الوفيات الناجمة عن الطقس المتطرف على شدة الطقس وتكرار موجات الحر ومدة استمرارها، فضلًا عن قدرة الناس على التكيف مع سيناريوهات الاحتباس الحراري.
في هذا الصدد، لفتت الصحيفة إلى أهمية البنية التحتية للتبريد مثل تكييف الهواء وزراعة الأشجار للظل.
ففي اليابان، يرتدي عمال البناء ورجال الشرطة بدلات مكيفة الهواء أثناء العمل في الخارج، بينما تظل هذه التقنية غير متاحة في دول مثل المكسيك ونيجيريا وبنجلاديش.
علاوة على ذلك، أكدت الصحيفة أن التطور التكنولوجي قد أحرز تقدمًا هائلًا في حماية البشر من الكوارث الطبيعية على مدى القرون الماضية.
ومع ذلك يبقى السؤال حول ما إذا كانت التكنولوجيا والنمو الاقتصادي قادرين على مواكبة هذا التقدم، رغم الطقس المتزايد التقلب؟.
وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة العالمية، هناك بصيص أمل يتمثل في انخفاض معدلات الوفيات بسبب الطقس البارد.
فقد وجدت الأبحاث أن معدل الوفيات بسبب البرد قد انخفض منذ بداية القرن في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك يعتمد التأثير الصافي للاحتباس الحراري على الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة بشكل كبير على مدى استعداد الناس للتعامل مع الطقس المتطرف.
ولتجاوز هذه التحديات، يتطلب التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري العالمي اتخاذ خطوات حاسمة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى المسؤولة عن الاحتباس الحراري التي تسهم في رفع درجات حرارة الأرض.
فقد ارتفعت درجة الحرارة العالمية اليوم بمقدار 2.1 درجة فهرنهايت منذ بداية القرن العشرين.
ومن هذا المنطلق تبذل الحكومات في العديد من الدول جهودًا مكثفة لوقف هذا الاتجاه من خلال السعي لتحقيق خفض شامل في الانبعاثات إلى الصفر في نهاية المطاف.
على صعيد آخر، أوضحت الصحيفة أن البشرية قد تعلمت إلى حد كبير كيفية حماية نفسها من الطبيعة وصياغة النظم البيئية حول احتياجاتها. فقد ساعد تكييف الهواء والتدفئة الداخلية في حماية العديد من الأشخاص من الحر والبرد.
وأدى التقدم الاقتصادي والأتمتة إلى تقليل الحاجة إلى العمل الخارجي في قطاعات مثل الزراعة، مما قلل من تعرض العمال للظروف الجوية القاسية.
ومع ذلك، لم يكن التقدم في ترويض الطبيعة متجانسًا. فقد شهدت بعض من أغنى دول العالم، مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، زيادة في معدل الوفيات المرتبطة بالحرارة.
في الوقت نفسه؛ تعاني جنوب آسيا، التي لا تزال فقيرة ولديها عدد سكان يتجاوز مليار نسمة، من حالة طوارئ فورية.
وأكدت الصحيفة أن الوضع الحالي يثير تناقضًا؛ إذ لا يمتلك سوى ثلث الأسر في العالم تكييفًا للهواء. لحماية البشرية من ارتفاع درجات الحرارة، سيكون من الضروري نشر المزيد من أجهزة التكييف في المستقبل القريب، مما يتطلب استهلاك كميات كبيرة من الطاقة.
وهذا قد يؤدي إلى انبعاثات إضافية من ثاني أكسيد الكربون. حتى لو نجحت الحكومات في خفض الانبعاثات إلى الصفر اليوم، ستظل درجات الحرارة في العالم ترتفع لبعض الوقت بسبب الغازات التي أطلقتها البشرية سابقًا.
فإن أفضل نهج هو تعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتوفير الكهرباء بطريقة صديقة للبيئة، بالإضافة إلى الاستثمار في البنية التحتية اللازمة للتكيف مع عالم أكثر حرارة.