الأحد 06 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

فرص وتحديات يفرضها انتخاب “السنوار”!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

واحدة من أهم أهداف انتخاب القيادى يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسى لحركة حماس، الإمعان فى تأكيد فشل خطط وسياسات رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو أمام الرأى العام الإسرائيلى.
فهاهو المتهم الأول بالتخطيط لعملية طوفان الأقصى فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ والذى يتصدر قائمة الاغتيالات الإسرائيلية قد أصبح زعيمًا للحركة من داخل الأنفاق التى مازالت تكبد قوات جيش الاحتلال خسائر يومية على مدار ٣٠٧ أيام، قدرت الصحف العبرية إجماليها بنحو عشرة آلاف جندى وضابط بين قتيل وجريح.
حماس بانتخابها السنوار لم ترد القول فقط بأنها مازالت تنظيم قوى يتمتع بهياكل داخلية متماسكة رغم إداعاءات نتنياهو بالقضاء على عشرات الآلاف من مقاتليها وقيادييها؛ وإنما إرادت أيضًا التشديد على أن خيار المقاومة المسلحة للمحتل سيبقى الأول طالما استمر العدو الصهيونى رافضًا لحل الدولتين.
ومع ذلك ما يتعين علينا البحث فيه هو رسائل وأهداف الكيان الصهيونى من اغتيال إسماعيل هنية وغيره من قادة حماس وباقى فصائل المقاومة؛ وإصرار نتنياهو على تحقيق ما يسميه “النصر المطلق” فى قطاع غزة!!.
على الجميع فى دول المنطقة أن يربطوا بين تصويت الكنيست بالإجماع على رفض إقامة دولة فلسطينية ومسلسل الاغتيالات ضد قيادات المقاومة والإصرار على إعادة احتلال قطاع غزة.
ذلك النهج لا يخص مجرم الحرب الصهيونى نتنياهو وحده، لكنه توجه عام تتبناه أغلب النخب السياسية الإسرائيلية، أى أن رحيل نتنياهو لن يغير فى الأمر شىء.
هذه النخب يقف وراءها غالبية الرأى العام الإسرائيلى، وبعد أن ضمنوا تدجين السلطة الفلسطينية يريدون الآن القضاء على كل أشكال المقاومة وتنظيماتها السياسية والمسلحة لأنها تعمل فى اتجاه إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الخامس من يونيو/حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية وهو ما أعلنت حماس موافقتها عليه.
دعوة الإرهابى الصهيونى وزير المالية سموتريتش لقتل مليون فلسطينى من خلال تجويعهم وتعطيشهم، بل ووصفه تلك الجريمة بـ ”العمل الأخلاقى” يبرز حقيقة سياسية مفادها أن الحفاظ على حركات وتنظيمات المقاومة الفلسطينية بل ودعمها وتعزيزها كونها حركات تحرر وطنى يحقق مصلحة الأمن القومى لدول منطقة الشرق الأوسط كافة؛ فبدون هذه الحركات لن تكون هناك دولة فلسطينية، وبدون قيام هذه الدولة لن يكون هناك استقرار وستظل المنطقة دائمًا على حافة السقوط فى هاوية الحرب الشاملة.
علاوة على ذلك سيظل الاحتلال الصهيونى مصدرًا لتوليد التطرف والتشدد الدينى المضاد لاسيما وأنه يستخدم شعاراته الدينية الخاصة فى تبرير احتلال الأراضى الفلسطينية بل والمزيد من أراضى الدول العربية المحيطة والملاصقة لفلسطين، بل انه بات يطلق مبررات دينية لحرب الإبادة التى يشنها وجرائمه البشعة التى يرتكبها يوميًا ضد المدنيين العزل.
لا مصلحة لأحد فى الإقليم العيش تحت تهديد إندلاع حرب واسعة النطاق لتحقيق أحلام هذا الكيان المؤسسة على مجموعة من الخزعبلات والخرفات التراثية التى دونها اليهود العبرانيين تحت زعم “وعد الله بالأرض من النيل إلى الفرات لشعبه المختار”.
قبل الإشارة إلى الفرص التى يخلقها وجود يحيى السنوار كرجل يعتبره الكثيرون من الجناح المتشدد نشير إلى أهم التحديات التى عليه مواجهتها فى الداخل الفلسطينى؛ وهو إتمام ملف المصالحة بين كل الفصائل وفى القلب منها حركة فتح وإعادة الحياة مرة أخرى إلى منظمة التحرير الفلسطينية والبناء على التفاهمات التى تم التوصل إليها مؤخرًا فى بكين، فليس من المتصور الاستمرار فى مقاومة عدو غاشم وغادر بينما التصدعات والشقوق مازالت تهدد بنيان البيت الفلسطينى.
أما الفرص التى يفرضها وجود شخص كيحيى السنوار على رأس حركة حماس فتتمثل فى تخفيض وتيرة التصعيد بالمنطقة والتوصل لاتفاق ينهى الحرب فى غزة ويمنع الرد الإيرانى على اغتيال هنية ومن ثم يحول دون اندلاع حرب مدمرة لا يرغب فيها أحد.
بعد اغتيال كل من القيادى العسكرى فى حزب الله فؤاد شكر بضاحية بيروت الجنوبية وزعيم المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية فى طهران شهدت المنطقة نشاطًا دبلوماسيًا كثيفًا ووساطات سياسية وجهتها الأولى والأخيرة العاصمة الإيرانية طهران.
الكل يناشد إما بعدم الرد أصلًا، أو توجيه ضربة غير موجعة للكيان الصهيونى وهذا ما يؤكد إدراك الجميع أن اندلاع حرب شاملة ليس فى مصلحة أحد.
أهم ما تم تسريبه للصحافة الأمريكية فى هذا الصدد، إضطلاع واشنطن لعمل صفقة شاملة من شأنها خفض وتيرة التصعيد وتهدئة الجبهة اللبنانية وإنهاء أزمة الأسرى الصهاينة فى غزة وتوقيع اتفاقية تطبيع جديدة بين المملكة السعودية والكيان الصهيونى.
إذا صحت هذه التقارير فهذا يعنى أن الولايات المتحدة لديها قلق حقيقى من أن تجد نفسها متورطة فى حرب فى الشرق الأوسط يجرها إليها نتنياهو بينما حربها فى شرق أوروبا مازالت تستنزفها وتستنزف حلفائها فى الاتحاد الأوروبى بخلاف التحدى الذى تواجهه فى المحيط الهادى وبحر الصين الجنوبى بسبب جزيرة تايوان.
تقارير أخرى تتحدث عن أن اغتيال إسماعيل هنية بواسطة قنبلة تم زرعها مسبقًا فى مقر إقامته يخفف من حدة شعور طهران بالإهانة واختراق سيادتها بالمقارنة إذا تم الاغتيال عبر هجوم جوى كما أشارت التقارير الأولية، وكل هذا فى رائى يمنح فرصة للدول الكبرى فى المنطقة مصر - السعودية - تركيا للضغط على الولايات المتحدة كى تجبر نتنياهو على الالتزام بصفقة يتم بموجبها الوقف النهائى لهذه الحرب والبدء فى عملية إعادة إعمار غزة مقابل تبادل للأسرى بدلًا من التركيز على جهود الوساطة مع طهران.
وقف الحرب فى غزة نهائيًا يحفظ ماء الوجه الإيرانى ويجعله يتنازل عن حقه فى الرد على الكيان الصهيونى لأن الثمن حقن دماء مئات الآلاف من الفلسطينيين، ورأيى أنه أيضًا ثمن يقبل به حزب الله ليعطل قراره بالانتقام لاغتيال قياديه الكبير فؤاد شكر.
كما أن اتفاق كهذا يوجد مخرج لنتنياهو نفسه من تهديداته العنترية الكاذبة للقضاء على المقاومة وتحقيق ما أسماه النصر المطلق.
أقل السيناريوهات خطورة حال لم يتسبب الرد الإيرانى وحلفائه فى الانزلاق نحو حرب شاملة، استمرار حرب الاستنزاف ضد العدو الصهيونى والتى يتعرض لها على مدار الشهور الماضية، غير أن خسائر هذه الحرب لا تطال اقتصاد الكيان الصهيونى فقط، فقد وصلت آثارها إلى اقتصادات جميع دول المنطقة بلا استثناء.