قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن الرئيس الأمريكى جو بايدن وصل إلى نهاية صبره تجاه سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وسط استياء الجيش الإسرائيلي.
كما يتهم مئات الآلاف من الإسرائيليين الذين يتظاهرون بانتظام نتنياهو بمحاولة إطالة أمد الحرب.
ومع تزايد الضغوط من المنظمات الدولية والقوى الأوروبية وأسر الرهائن وأعضاء الكونجرس الأمريكي، يشعر كثيرون بأن نتنياهو، كما وصفه بايدن، "يخدعهم" بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار.
وأضافت الصحيفة أن القناة ١٢ الإسرائيلية أفادت بأن غضب بايدن جاء بعد أن أبلغ نتنياهو الرئيس الأمريكى بأن إسرائيل تمضى قدمًا فى مفاوضات صفقة الرهائن مقابل وقف إطلاق النار وسترسل وفدًا لاستئناف المحادثات قريبًا.
وانتهت المكالمة الهاتفية بين الزعيمين بقول بايدن لنتنياهو: "لا تأخذ الرئيس على محمل الجد".
يأتى هذا التوتر فى أعقاب سلسلة من الضربات الإسرائيلية التى استهدفت قادة حماس، مما يزيد من خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحلل آرون ديفيد ميلر، الذى تعامل مع سبعة رؤساء وزراء إسرائيليين، لاحظ أن "إسرائيل تعيش فى منطقة خطيرة، أما نحن فلا".
وأضاف ميلر أن "نتنياهو لم يُظهِر أى تقدير أو احترام لمصالح الولايات المتحدة والرئيس الأمريكى مثلما فعل من سبقوه".
وأوضحت الصحيفة أن هناك اعتقادًا بين رؤساء الدفاع الإسرائيليين بأن نتنياهو غير مهتم بصفقة الرهائن ووقف إطلاق النار مع حماس.
وأفادت صحيفة "هآرتس" بأن هناك قناعة بين قادة الدفاع الإسرائيليين بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليس مهتمًا بالتوصل إلى صفقة للرهائن أو اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة حماس.
وذكرت الصحيفة أن مواجهة محتدمة حدثت بين نتنياهو ورؤساء الدفاع، حيث قال رئيس جهاز الأمن الداخلي، رونين بار: "يبدو أن رئيس الوزراء لا يعتزم المضى قدمًا فى الاتفاق المقترح". وأضاف بار مخاطبًا نتنياهو: "إذا كان هذا هو موقفك، يجب عليك أن توضح لنا ذلك بشكل صريح".
وأضافت الصحيفة أن نتنياهو قد يكون على وشك إقالة وزير الدفاع يوآف جالانت ورئيس أركان الجيش الإسرائيلى هيرتسى هاليفى ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، بسبب معارضتهم لطريقة تعامله مع مفاوضات إعادة الرهائن. وإذا حدث ذلك، فقد نشهد اضطرابًا سياسيًا مشابهًا للمرة الأخيرة التى حاول فيها نتنياهو إقالة جالانت.
وأشارت الصحيفة إلى أنه يمكن أن يكون هناك عدة أمور صحيحة فى نفس الوقت. فمن ناحية، يفضل نتنياهو استمرار الحرب على مواجهة شركائه فى الائتلاف بشأن خطة الهجوم على غزة، ويتخذ خطوات استفزازية وهو يعلم أن الولايات المتحدة ستنقذ إسرائيل عند رد إيران، ويرفض تحديد تعريف واضح "للنصر" أو الاستراتيجية اللازمة لتحقيقه.
وقال خبير الشرق الأوسط، روبرت ساتلوف، إن الاستراتيجية الإيرانية تتضمن استهداف إسرائيل من خلال دعم وتدريب وتمويل وتوجيه الجماعات المسلحة بالوكالة فى لبنان واليمن وسوريا والعراق وغزة. وأشار ساتلوف إلى أن تطوير إيران لأنظمة الصواريخ والطائرات بدون طيار بعيدة المدى التى تستهدف إسرائيل يشكل جوهر الأزمة الحالية.
وفى ظل توقعات إسرائيل برد فعل من إيران وتعزيز الولايات المتحدة لوجودها العسكرى فى المنطقة، يتساءل الكثيرون عن مسار التصعيد بين الطرفين.
ما لم تحدث أخطاء جسيمة فى الحسابات من جانب إيران أو إسرائيل، فمن المحتمل أن يتم الرد الإيرانى والهجوم المضاد الإسرائيلى بطريقة تجنب اندلاع حرب إقليمية واسعة. ومن الممكن أن يعود الجانبان إلى حالة الجمود، والمفاوضات التى لا تنتهي، والقتال المستمر، وتضاؤل الآمال فى إنقاذ أرواح الرهائن المتبقين.
وقد يلجأ الرئيس بايدن إلى خطوات جريئة، مثل زيارة الوسطاء فى المفاوضات (مصر وقطر)، مع خفض المساعدات العسكرية المقدمة لجميع الأطراف (إسرائيل).
وقد يتحدث بايدن مباشرة إلى الجمهور الإسرائيلى (مثل ما فعل نتنياهو فى الكونجرس الأمريكي) ويوضح لإسرائيل أنها لن تجد صديقًا أكثر إخلاصًا ووفاءً من الولايات المتحدة، ولكن يجب على الإسرائيليين الضغط على حكومتهم لتحديد أولوياتها بوضوح نحو وقف إطلاق النار وإعادة الرهائن.
إذا زار بايدن إسرائيل، يمكنه توضيح أن حماس قد ضعفت بشكل كبير وأن استمرار النزاع لن يعزز الأمن الإسرائيلي، بل إن الفوائد من استمرار القتال أصبحت ضئيلة. حتى لو لم تكن هذه الجهود كافية لإنهاء الحرب بالكامل، فإن بايدن سيبذل كل ما فى وسعه لدفع جميع الأطراف نحو التوصل إلى اتفاق.
يجب على إسرائيل، بما فى ذلك قادتها وشعبها، أن تفضل السلام ومخاطره الأمنية على الاستمرار فى الصراع. وإذا لم يتم تحقيق ذلك، فقد يصبح من الصعب على أى رئيس أمريكى إيقاف القتال المستمر.