تصاعدت حدة التوتر في لبنان خلال الأيام القليلة الماضية بعد التهديدات المتبادلة بين حزب الله المتمركز في جنوب لبنان وجيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد اغتيال فؤاد شكر القيادي في الحزب الأسبوع الماضي بالضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.
وتسببت التوترات بين الجانبين في إسراع العديد من الأشخاص للخروج من لبنان حيث شهد مطار رفيق الحريري، في بيروت، تدفقا هائلا من المسافرين لمغادرة لبنان خلال الأيام الأخيرة، ودعوة العديد من الدول لرعاياها بالمغادرة.
وفي هذا السياق، قالت شبكة الإذاعة الأمريكية "أن بي أر" أن المطار الرئيسي والوحيد في لبنان يشهد ازدحاما كبيرا بسبب هرع الأجانب وحاملي جنسيات الدول الأخرى لمغادرة البلاد خوفا من اندلاع حرب وشيكة بين حزب الله المدعوم من إيران، وإسرائيل، في ظل التصعيد غير المسبوق الذي تشهده المنطقة.
وأوضحت الإذاعة الأمريكية، أن المخاوف من إغلاق المطار دفعت المسافرين الأجانب للإسراع في مغادرة لبنان، وهو البوابة الوحيدة للخارج حيث من المتوقع أن يؤدي إلى توسيع القتال بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان.
وأشارت إلى أن اختراق سلاح الجوي الإسرائيلي حاجز الصوت فوق العاصمة بيروت، سبب حالة من الرعب بين اللبنانيين والأجانب وبات الوضع خارج السيطرة، لتزداد دوافع الهروب من البلاد والعثور على رحلة قبل أن يصدر قرار بإلغاء الرحلات.
ويتزامن ذلك مع دعوة العديد من الدول لرعاياها بمغادرة لبنان على الفور خشية من حرب شاملة ستكون البلد ميدانها الرئيسي.
ومن المتوقع تشن إيران ضربات انتقامية كبرى ضد دولة الاحتلال بعد مقتل الزعيم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال تواجده في طهران الأسبوع الماضي.
ونوهت الإذاعة الأمريكية إلى أن العديد من شركات الطيران اضطرت لإلغاء العديد من الرحلات أو توجيهها إلى بلدان أخرى خوفا من استهداف طائراتها، في الوقت الذي ضاعفت شركات التأمين من تكاليف التأمين على الرحلات المتوجهة إلى لبنان.
وبحسب الإذاعة، فإنه في ظل ارتفاع أقساط التأمين، أعلنت الخطوط الجوية الفرنسية ولوفتهانزا وشركات طيران أوروبية أخرى الأسبوع الماضي أنها أوقفت رحلاتها إلى بيروت، تاركة شركة الطيران الوطنية اللبنانية، طيران الشرق الأوسط، لمحاولة العثور على المزيد من الطائرات، الأمر الذي بدأ يثير قلق السكان المحليين ووزارة السياحة اللبنانية.
كما يخشى الطيارون وفرق الطيران في الشركات الذهاب إلى لبنان خشية التعرض للاستهداف في ظل تبادل التصعيد بين حزب الله ودولة الاحتلال الإسرائيلي.
وأصدرت السفارة الأمريكية في بيروت بيانا بفيديو يطلب من المواطنين بالسعي للخروج من البلاد على الفور، في حين طلب وزير الخارجية البريطاني، بنفسه المواطنين في لبنان بالمغادرة، قائلا، “رسالتي للمواطنين في لبنان واضحة: غادروا حالا”.
وتشكل هذه التحذيرات ضربة قوية لقطاع السياحة المنتظر في لبنان خلال فترة الصيف، إذ أنه هو موسم الزواج وعودة اللبنانيين المغتربين إلى البلاد للاجتماع بأسرهم، الأمر الذي سيكلف البلاد خسائر ضخمة في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تشهدها البلاد ويقضي على أي فرص للتعافي في المستقبل القريب.
ويحذر مراقبون من أن اندلاع حرب جديدة بين حزب الله وإسرائيل، سوف يكون مدمرا للاقتصاد اللبناني، الذي يعاني بالأساس، مع شكوك في قدرة البلاد على تلبية الاحتياجات خلال الحرب، مثل توفير الغذاء أو العلاج للمصابين.
وقدرت الحكومة اللبنانية الخسائر التي تعرضت لها البلاد جراء التصعيد في الجنوب اللبناني بين حزب الله وإسرائيل منذ أكتوبر الماضي، بعدة مليارات دولارات، خاصة قطاعات الزراعة والتصنيع والسياحة والاستثمار.