قالت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، إن مؤشر الإرهاب العالمي الذي أصدره معهدُ الاقتصاد والسلام عام 2022 أكد أن الحضور الإرهابي في دول أمريكا اللاتينية متنوع ومتباين بشكل كبير من دولة لأخرى، وأن مستوى الإرهاب هناك ازداد كثيرًا عما كان عليه قبل عقد من الزمن؛ حتى أصبح تحديًا خطيرًا في وجه المجتمع الدولي بأسره، خصوصًا بعد أن أصبحت بعض هذه الدول مركز خدمات لوجستية لبعض التنظيمات الإرهابية، التي تمتد آثارها إلى الشرق الأوسط، وتعتبر واردات السلاح من أبرز مؤشرات التهديدات والتحديات الأمنية التي تتعرض لها الدول، سواء التهديدات التقليدية؛ كالحاجة إلى تعزيز هويتها القومية، أو غير التقليدية؛ كالتنظيمات الإرهابية على اختلاف أنواعها وتوجهاتها، والتجارة غير المشروعة، والجريمة المنظمة.
وأضافت "عبدالرحيم"، خلال تقديمها برنامج "الضفة الأخرى"، المذاع عبر فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن هذه التهديدات تزيد من وطأة الأزمات السياسية والاجتماعية القائمة، مع توفير بيئة خصبة لاستمرار مغذيات الإرهاب، ونتيجة ذلك تتدفق تلك الواردات في دول أمريكا اللاتينية والكاريبي على جميع القوى الأمنية والعسكرية الرسمية للدول، وعلى الحركات والقوى السياسية المعارضة، فضلًا عن عصابات الجريمة المنظمة.
وعرضت تقريرًا بعنوان “علاقة التنظيمات المتطرفة بالأنشطة غير المشروعة مثل تجارة المخدرات في أمريكا اللاتينية”، مشيرة إلى أنه يتضح من التقرير أن التنظيمات الإرهابية تنشط في البيئة التي تتوافر فيها أسبابه، وتدعم استمراره وبقاءه؛ ولذلك نشط في بعض دول أمريكا اللاتينية التي توافرت فيها عوامل شتى أسهمت في تغذية حالة العنف والإرهاب في بلدانه؛ فبالنظر إلى البيئة السياسية العامّة، فهذه الدول توفر بيئة خصبة لنمو العنف والإرهاب؛ كغياب الاستقرار السياسي، وضعف الرقابة المؤسساتية، ووهن الأحزاب السياسية، وشدة الاستقطاب، وقد كان لهذه الأوضاع السياسية أثرًا واضحًا في المشهد الاقتصادي، من ضعفَ برامج التنمية في هذه الدول الذي أدى إلى انخفاض متوسط دخل الفرد وارتفاع مستويات الفقر، مما نتج عنه الإخفاق في تحقيق النمو الاقتصادي الشامل، وغياب الثقة في المؤسسات السياسية، وتأجيج الاحتجاجات الشعبية؛ وتبدو مجمل الأوضاع في الدول اللاتينية بيئة مناسبة لمختلف التنظيمات الإرهابية، ومع أنها ليست بيئة نشاط لتلك التنظيمات، فإنها تمثل إحدى البيئات الخدمية (اللوجستية) لها، حيث تزداد فرص تنظيمات الإرهاب في الاستفادة من البيئة السياسية والاجتماعية لتنمية مواردها.
كما عرضت تقريرًا بعنوان “أنشطة الإخوان في العقارات”، موضحة أنه لم يقف حجم استثمارات الإخوان على سوق العقارات أو تجارة الحلال كما رأينا في التقرير ومن أهم الاستثمارات الإخوانية في أوروبا بنك التقوى الذي أسسه الإخواني يوسف ندا، وبنك أكيدا الدولي الذي أسسه التنظيم الدولي، وهو متورط في دعم العديد من الجماعات المتطرفة والأصولية، وكذلك مؤسسة أوروبا التي أنشئت عام 1997 وشغل منصب مديرها التنفيذي أحمد الراوي عضو المكتب الدولي للجماعة، كما تمكن التنظيم منذ أوائل الثمانينيات من القرن العشرين من بناء هيكل متين من شركات الـ"أوف شور" بالتوازي مع نمو ظاهرة البنوك الإسلامية، ومن خلال هذا الهيكل تمكن من إخفاء ونقل الأموال عبر العالم، ونظرا لممارسات جماعة الإخوان المشبوهة في مجال الاستثمار في أوروبا وجهت السلطات الفرنسية في مايو الماضي 2023 ضربة قاصمة لتنظيم الإخوان بعد مصادرة 25 مليون يورو من أموال التنظيم على خلفية التحقيق في قضايا إرهاب وتطرف تتعلق بأنشطة الجماعة، هذه الإجراءات التي أقدمت عليها فرنسا لا تستهدف فقط تنظيم الإخوان، على اعتبار أنه لا يظهر أو يُمارس أنشطته بصفته "تنظيم الإخوان"، ولكن من خلال عدة مؤسسات دينية وثقافية وأيضا اجتماعية تنشط في فرنسا، وتروج لأفكار الجماعة، والقرار الذي اتخذته فرنسا يهدف إلى الحد من أنشطة التنظيم الدولي للإخوان، وتضييق الخناق على الجماعة، وأن تداعيات مثل هذه الإجراءات في فرنسا لن تكون مباشرة، ويتبعها وضع كافة الأنشطة الخاصة بتلك المنظمات تحت الرقابة، وإذا تبين أنها شاركت في أعمال عدائية أو إرهابية، أو شجعت على العنف تقوم السلطات بإغلاقها أو حلها بشكل نهائي.