الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

إِنَّ الفِراقَ مَعَ الغَرامِ لَقاتِلي!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تناول شيخ الصوفية الأكبر محي الدين بن عربي، فى رواية تعتبر  إعجازا بكل المقاييس، هذه الشخصية الثرية التى لقبت بالشيخ الأكبر، عرفانا وتقديرا لما لها من علم وفكر ومكانة روحية، تجعلك تتساءل كيف أمكن الروائي المبدع "محمد حسن علوان" أن يكتبها فى  روايته "موت صغير"، وأن يضعها ويضع أفكاره وهو محيط هائل من الحكمة والمعرفة والتجلي فى صفحات قليلة.. كيف أمكنه ذلك؟ لن تجد إجابة خاصة وأنت تعرف أنه لا يمكن أن تتحدث عن الأدب الصوفى عامة دون أن تتوقف عند مؤلفات شيخ الصوفية الأعظم محى الدين بن عربي، والتى بلغت المئات، غير الرسائل والأشعار.

اثنان فقط من مؤلفاته الكثيرة والمثيرة، ما زالات حتى الآن تثيران الحيرة والاختلاف والتفاوت الشديد جدا فى الآراء حولهما.

الأول  هو كتاب  "الفتوحات المكية"، الذى يوصف بأنه كتاب الشيخ الأكبر، وهذا الكتاب يُعدُّ من  أهم  كتبه  على الإطلاق، وهو أشهر كتاب موجود فى تاريخ  التصوف الإسلامي فى الحاضر والماضي، وقد أحدث ضجة فكرية كبرى منذ أن صدر وحتى الآن ما زال محل خلاف واختلاف بين السلفية والصوفية.

الأجمل هو أنه بذكاء شديد وبراعة أشد ابتعد الروائى المتميز، محمد حسن علوان فى روايته "موت صغير" عن هذا الخلاف، وعن الوقوف مع الكتاب أو ضد ما جاء به هذا الكتاب الضخم الفريد والغريب فى أفكاره،  ولم يذكره فى الرواية إلا بسطور قليلة بدأها بحبكة روائية شيقة من خلال زيارة الشيخ زاهر شيخه ووالد الحسناء "نظام" فى مسكنه بمكة حيث كتب فى سطور قليلة:

"‫طرق الباب فقمت فتحته دون أن أسأل من ورائه فإذا بالشيخ زاهر يقف مبتسمًا كدأبه.. رحّبت به واستأذن في الدخول فأذنت له.. وقال: جئتك من غير موعد لأني أعرف أن ليس في دارك امرأة أو ولد ثم أكمل عبارته وهو يضحك ضحكةً خفيفة: ‫ فلا غضاضة أن أجيء متى شئت..

رد عليه:  البيت بيتك يا شيخي فلتحلّ علينا بركتك دائمًا..

– بارك الله فيك علمت أنك أوقفت درسك في المسجد‏ من أيام... ولم أنتبه لغيابك إلا هذا الصباح... لعل المانع خيرًا؟

‫ فأشار بيده إلى كتاب مفتوح كان  يتأمله قبل دخول الشيخ زاهر البيت وقال: إنه التأليف يا شيخي..

‫ أضاء وجه الشيخ بملامح سرور وقال وهو يبتسم: ‫ هذا والله حسن وماذا تؤلف؟ ‫

قال:  عن جميع ما فتحه الله عليّ من فنون المعارف  في مكة أسمّيه (الفتح المكيّ) ‫

ومتى تراك تفرغ منه؟ ‫ تنهد  طويلًا وقال: كنت قد عزمت أن أفرغ منه في بضعة شهور لولا هذا الصداع الذي ابتليت به، وكلما جلست للكتابة وقطعت فيها شوطًا انتهب رأسي فأفقد قدرتي على التفكير والتمييز، ولا يزال بي حتى يجبرني على التوقف!

‫ ضاقت عيون الشيخ زاهر وبدا على ملامحه تعاطفٌ أبويّ وقال: شفاك الله يا ولدي..

هذه هى السطور  القليلة التى استطاع الروائي المبدع أن يهرب بها من الاقتراب من كتاب "الفتوحات المكية"، والذى يحتاج إلى مؤلفات لتناوله أو حتى للإِشارة  إلى ما جاء فيه..

‫ أما ديوان "ترجمان الأشواق" فقد استهل الشيخ الأكبر محي الدين بن عربى ديوانه بكلمات توضح سبب تأليفه للديوان وفيها يذكر كيف تعرف على "نظام"  بنت الشيخ زاهر  والتى أحبها ومن أجلها أَلْف  ديوان
"ترجمان الأشواق" وقد وصفها  بقوله: لم أرَ أحسنَ منها وجهًا، ولا أعذبَ منطقًا، ولا أرقَّ حاشيةً، ولا ألطفَ معنىً، ولا أدقَّ إشارةً...

أما  الفرق بين الشوق والاشتياق وكيف وقع  الحب والغرام   بين  الشيخ الأكبر و"نظام" ابنة الشيخ زاهر  كما كتبه الشيخ  الأكبر  فى مقدمة كتابه "ذخائر الأعلاق"، وهو شرحه لديوان "ترجمان الأشواق" وأيضا كيف استطاع بالسرد الرائع  الروائى المتميز" محمد حسن علوان" أن يتخيله فى روايته "موت صغير" فهذا ما سنعرفه الأسبوع المقبل بإذن الله.