يأتي يوم السادس من شهر أغسطس الجاري ذكري ميلاد رجل المخابرات المصرية البطل أحمد الهوان ابن السويس الذي ولد فى مثل هذا اليوم عام 1937، والمعروف إعلاميا ودراميًا باسم "جمعه الشوان" من خلال مسلسل دموع في عيون وقحة للفنان الكبير عادل إمام عن قصة من ملف المخابرات المصرية للكاتب صالح مرسي.
كان أحد أبطال عمليات المخابرات المصرية ضد العدو الإسرائيلي فى الفترة ما بين " 1967 – 1973 " أي بعد هزيمة 5 يونيو 1967 مرورًا بحروب الاستنزاف حتى نصر أكتوبر 1973.
وقد استطاع أحمد الهوان “جمعة الشوان” عميل المخابرات المصرية أن يخدع العدو الإسرائيلي بالكثير من المعلومات المضللة بعد أن استطاع التغلب على تجارب جهاز كشف الكذب بعد أن جندته المخابرات الإسرائيلية وقدم لهم معلومات مضللة عن تحركات الجيش المصري فى إطار خطط التمويه والخداع المصرية خلال فترات معارك الاستنزاف وحتى نصر أكتوبر 73.
وقد بدأت قصة الجاسوسية بعد أن هاجر “ الهوان” وأسرته من السويس إلى القاهرة بسبب العدوان الإسرائيلي على مدينة السويس التى تعرضت للقصف والتدمير للمصانع والبيوت والمساجد والكنائس والبنية الأساسية حيث قتل العشرات من أبناء السويس من قبل العدو الإسرائيلي الذي كان يستهدف المدنيين.
وصدر قرار من رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر بتهجير أبناء السويس حفاظًا على حياتهم إلى داخل محافظات مصر وهي الفترة التى عانى فيها أبناء السويس بسبب البعد عن مدينتهم وما سمي بفترة التهجير مع أبناء الإسماعيلية وبورسعيد.
وقد اضطر "الهوان" أن يسافر إلى اليونان لارتباطه بالأعمال البحرية حيث كان يعمل بميناء بورتوفيق بالسويس، وهناك تم التقاطه من قبل المخابرات الإسرائيلية وتجنيده لمد إسرائيل بالمعلومات عن منطقة القناة والسويس وأسرار الجيش المصري.
وبعد أن عاد للوطن وتعامل مع المخابرات المصرية فترة اللواء عبد السلام محجوب الملقب بـ"الريس زكريا" فقد تم تدريبه وإعداده فنيا ونفسيا للتعامل وخداع العدو حيث حصل على ثقة جهاز المخابرات الإسرائيلية وحصل منها على أحدث جهاز للتخابر فى ذلك الوقت وهو عبارة عن أول جهاز التليفون المحمول الذي كان يستخدم فى التجسس والعمليات المخابراتية ولا تملكه إلا الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وقد قام أحمد الهوان ابن السويس إهداء الجهاز إلى المخابرات المصرية.. وبعدها أعلن عن إنهاء العملية المخابراتية بالعبارة الشهيرة التى أرسلت من قبل المخابرات المصرية إلى المخابرات الإسرائيلية "شكرا لحسن تعاونكم والتي أرسلت للمخابرات الإسرائيلية"، فى حينها حيث تم كشف العملية من قبل المخابرات المصرية لتعطي درسًا للمخابرات الإسرائيلية المعروفة باسم "أمان".
ولقد كان لي الشرف بإقامة حفل شعبي لتكريم البطل أحمد الهوان بمقر نقابة المحامين بالسويس وبدعم معنوي من نقيب المحامين الأسبق المرحوم فوزي قناوي وذلك بحضور مجموعة من شباب وأبناء السويس منهم أعضاء فرقة السويس المسرحية وعدد من الشعراء والفنانين والمطربة أحلام سعد والكابتن غزالي وحشد من أبناء السويس من الشخصيات العامة والمثقفين.
وقد قمت بنشر حوارًا طويلًا معه بجريدة الأهالي، وذلك بعد لقاء صحفي طويل بمسكنه الخاص بشارع الفلكي بجوار مجلس الشعب وهو المسكن الذي كان يقوم به أحمد الهوان بإرسال إشارته المضللة بالمعلومات إلى الكيان الإسرائيلي.
لقد اتسم البطل أحمد الهوان ابن السويس بشجاعة أولاد البلد وشهامتهم وإقدامهم على مواجهة الصعاب وحب الوطن.. كما كان إنسانًا بسيطًا طيب القلب كارهًا للنجومية أو اصطناع البطولة.
وقد ظل وفيا للسويس ومصر وتوفي فى الأول من نوفمبر 2011 بعد أن وقع على بيان الجبهة الوطنية للتغير ضد الظلم والفساد.
وتم تكريمه بإطلاق اسمه على أحد شوارع السويس بمنطقة الغريب أثناء فترة اللواء العربي السروي محافظ السويس الأسبق استجابة إلى مطالب شعبية تخليدًا لبطولاته من قبلنا.
يذكر أن الرئيس السادات قد كرم أحمد الهوان ابن السويس بمقر المخابرات المصرية وقد ذكر الرئيس السادات لـ أحمد الهوان فى حديثه معه أثناء التكريم، أن السويس صاحبة مواقف وطنية حيث كانت السويس حصن أمان للرئيس السادات أثناء هروبه من الانجليز، كما كانت السويس السبب فى زواجه من السيدة جيهان السادات وأن للسويس دينًا وتقديرًا وطني حيث قام شباب المقاومة الشعبية وقوات الجيش الثالث بتدمير دبابات العدو الإسرائيلي الأمريكية الصنع فى شوارع السويس وتم منع احتلال إسرائيل للسويس التى كانت تريده السيدة جولدا مائير وموشيه ديان أن تكون السويس رهينة مثل الجولان للالتفاف على نصر أكتوبر 1973.
وبعد سيبقى اسم الهوان خالدًا فى ذاكرة السويس الوطنية الخصبة رغم عدم وجود متحف وطني لها.