على مدار الأسابيع الماضية تابع المراقبون والمحللون لأنشطة الجماعات الإسلامية المتطرفة، ولا سيما بجنوب شرق آسيا، سلسلة المراجعات الفكرية، التى أعلنت بموجبها الجماعة الإسلامية فى إندونيسيا تفكيك هيكلها، والالتزام بالإسلام القويم.
هذه المراجعات التى انتهت بتفكيك الجماعة، المتورطة تفجيرات بالى الدامية، التى وقعت فى عام ٢٠٠٢، بقدر ما مثلته من مفاجأة فإنها أثارت سلسلة من التساؤلات حول مستقبل التيار المتشدد فى إندونيسيا، وشرق آسيا بوجه عام.
معهد تحليل سياسات الصراع، الكائن فى العاصمة الإندونيسية، جاكرتا، نشر تقريرا أكد فيه إعلان ستة عشر من كبار قادة الجماعة الإسلامية امتثالهم للدولة، وخضوعهم للقانون.
خطورة الجماعة الإسلامية فى إندونيسيا أنها تمتلك نحو خمسين مدرسة دينية، تتولى فيها تربية النشء على مذهبها ومعتقداتها المتطرفة، وهو ما أعلن قادة الجماعة الستة عشر أنهم بصدد مراجعته، وتغيير المناهج لتكون وسطية ومعتدلة وخالية من التطرف.
ومما يثير الشك فى نفوس عدد كبير من المتابعين أن الجماعة شهدت انقساما بين قادتها، لا سيما من جيل الوسط، الذين لم يتفقوا جميعا على تفكيكها، وإنما أعلن عدد منهم عدم الالتزام بقرار التفكيك، وأكدوا أنهم سيعملون وفق المنهج المتطرف المعتاد، دون الاتصال بالقادة الذين أعلنوا الخروج على نهج الجماعة، وإجراء المراجعات، وهو ما يطرح سؤالا كبيرا: هل انتهى دور الجماعة الإسلامية فى إندونسيا إلى الأبد؟
ويرى هشام النجار، الخبير فى شئون الجماعات المتطرفة، أن الهدف الرئيسى للجماعة الإسلامية بإندونيسيا كان بناء خلافة دينية، تمتد فى النطاق المحيط بمنطقة تمركزها، وصولا إلى ماليزيا وسنغافورة، مستخدمة فى ذلك أعمال العنف ضد الأفراد والمؤسسات والممتلكات بزعم الجهاد.
وحذر النجار مما وصفه بـ"إعطاء الأمان للجماعة"، قائلا: "تفكيك الجماعة الإسلامية فى إندونيسيا، هدفه أن تحتفظ بقدراتها المادية، وما تمتلكه من مدارس واستثمارات، وهو ما يطرح السؤال الحقيقى وهو لماذا إذا كانت ستتفكك بالفعل؟".
وتابع هذا السؤال يشير إلى أن الجماعة الإسلامية فى إندونيسيا لديها خطط خفية، بحيث تحتفظ بقدراتها، وتخفف الضغط عنها، ثم تعود فجأة وقد تعاظمت هذه القدرات، ومعها تعاظم الهدف، والقدرة على ممارسة العنف والتدمير.
وشدد النجار على أن الجماعة الإسلامية فى إندونيسيا لا يجب أن تغيب عنها الأعين، وتغادر بؤرة الاهتمام الأمني، قبل عشر سنوات على الأقل، يتم خلالها تصفية البنية التحتية لديها القادرة على العنف، مضيفا: "لا يجب ترك الجماعة تعمل على هواها، وإنما يجب أن تخضع لرقابة صارمة، تضمن تفكيك بنيتها القادرة على إطلاق أعمال العنف.
سياسة
بعد تفكيكها.. هل انتهى دور الجماعة الإسلامية فى إندونيسيا إلى الأبد؟
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق