حذر كبير مستشاري الصحة العامة من أن حالة الطوارئ المناخية تشكل "خطرا حقيقيا" على تدفق السياح إلي إسبانيا حيث يضرب ارتفاع درجات الحرارة وموجات الحر المتكررة الوجهات الساحلية الأكثر شعبية للسياح في البلاد.
وأعلن رئيس قسم الصحة وتغير المناخ في وزارة الصحة الإسبانية هيكتور تيجيرو، إن الآثار السلبية بسبب حالة الطوارئ المناخية دفعت الوزارة بالفعل إلى بدء محادثات مع السفارة البريطانية حول أفضل السبل لتثقيف السياح "المعرضين للخطر" حول التعامل مع الحرارة المرتفعة.
وبشأن مخاطر حالة الطوارئ المناخية على اختفاء السياحة من أجزاء من إسبانيا في المستقبل، قال تيجيرو: "إنها تشكل خطر حقيقي لأن المناطق السياحية الإسبانية الكبيرة، المناطق الأكثر اعتمادا على السياحة، هي الأماكن التي سيكون فيها تأثير تغير المناخ أكبر في إسبانيا، مثل جنوب وشرق شبه الجزيرة، خاصة ساحل البحر الأبيض المتوسط، هناك خطر واضح من أن المناطق التي توجد بها معظم السياحة ستصبح غير مأهولة للسكن بسبب موجات الحر الشديدة،" بحسب ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وأضاف أن مثل هذه الظروف يمكن أن تقلل عدد السياح، أو ترفع تكاليف تكييف الهواء في الفنادق حيث ستحتاج الوحدات إلى العمل لفترات أطول من الوقت.
وقال تيجيرو: "إن السياحة هي واحدة من العديد من القطاعات المعرضة لخطر تغير المناخ. بصرف النظر عن حقيقة أنه يسبب توترات في مناطق معينة، فإن مجال صناعة السياحة سيحتاج إلى التكيف مع الواقع المناخي. لهذا السبب نحتاج إلى تكييف القطاع السياحي، والنظر في الحد منه، ومحاولة التخفيف من آثار تغير المناخ قبل أن يسوء الوضع، لكن إسبانيا هي الدولة الأكثر عرضة لتغير المناخ في الاتحاد الأوروبي ولن يتغير ذلك على المدى القصير."
وأدت المخاوف بشأن السياحة المفرطة في إسبانيا، التي استقبلت 85.1 مليون زائر دولي العام الماضي، بزيادة قدرها 19٪ عن عام 2022، إلى مظاهرات كبيرة في جميع أنحاء البلاد في الأشهر الأخيرة. واشتكى المتظاهرون في جزر الكناري من أن وجود الكثير من السياح يؤدي إلى تفاقم نقص المياه، بينما يسعى النشطاء في جزر البليار إلى الحد من عدد السيارات القادمة إلى الجزيرة عبر العبارة.
وتوقع تقرير للحكومة الإسبانية نشر قبل ثماني سنوات أن تغير المناخ يمكن أن يغير صناعة السياحة في البلاد بشكل كبير، ويؤدي إلى ازدحام الشواطىء بشكل مفرط، وضغط كبير على وسائل النقل، ما يتسبب في نقص المياه في ذروة الموسم وإجبار منتجعات التزلج على الجليد على الإغلاق. وتوقع التقرير أنه بحلول عام 2080، يمكن أن تنخفض السياحة من شمال أوروبا بنسبة 20٪ عن مستواها في عام 2004 حيث دفع ارتفاع درجات الحرارة الناس إلى قضاء العطلة في المنزل.
وأضاف تيجيرو، تظل موجات الحر ودرجات الحرارة المرتفعة هي الأعراض الأكثر وضوحا لحالة الطوارئ المناخية، وهي خطرة بشكل خاص على السياح غير المعتادين عليها.
وتابع: "نحن في مناقشات، مع السفارة البريطانية على وجه الخصوص، التي نتعاون معها بالفعل في جوانب مختلفة من تغير المناخ وإزالة الكربون، للبدء في التفكير في كيفية جعل السياح الذين يأتون أكثر وعيا بأزمة المناخ ولمنحهم المزيد من النصائح حتى يتمكنوا من حماية أنفسهم."
وأكد: "يواجه السياح مخاطر أكبر بسبب الحرارة المرتفعة لأنه من الواضح أنهم غير معتادين عليها، وهو عامل مهم للغاية. يمكننا أن نرى أنهم ليس متكيفين معها، ليس لديهم عادة حماية أنفسهم من الحرارة المرتفعة، ويميل الجميع إلى الاسترخاء في الإجازات ولا يتم أخذ الأمور على محمل الجد عندما يتعلق الأمر بالبقاء بعيدا عن الشمس في أكثر الأوقات حرارة في اليوم."
وناشد تيجيرو السياح لاتباع شعار الحكومة بشأن الحرارة المرتفعة، وهو: "احمي نفسك، ورطب نفسك، وأنعش نفسك "، بالإضافة إلي الاستماع إلي نصائح السكان المحليين الذين يعرفون أهمية البقاء بعيدا عن الشمس بين منتصف النهار والساعة 4 مساء.
وقال إن عدد الأشخاص الذين توفوا بسبب ضربة الشمس العام الماضي كانوا بين السياح، الذين تزيد أعمارهم عن 50 أو 60 عاما، بسبب قيامهم بنزهات في الصيف مرتفع الحرارة وأصيبوا بضربة شمس.
وأضاف: "قرأت عن حالة ماتت فيها امرأة لأن زوجها لم يتحدث الإسبانية بشكل جيد ما أدي إلي فشله في الحصول على المساعدة عبر الهاتف بعد انهيارها. أعتقد أن السياح بحاجة إلى تذكر أنهم أكثر عرضة للخطر من السكان المحليين، وهذا يعني أنهم بحاجة إلى الالتزام بشكل كبير بالتوصيات عندما يتعلق الأمر بالبقاء رطبا والابتعاد عن الشمس."
وتم توضيح المخاطر في أجزاء أخرى من جنوب أوروبا تعاني من الحرارة الشديدة. وفي يونيو الماضي، توفي العديد من السياح الأجانب، بمن فيهم مقدم البرامج في التلفزيون البريطاني مايكل موسلي، بسبب درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير معتاد في اليونان.
وأشار تيجيرو إلى أن ما يقرب من 3000 شخص يتوفون بسبب ارتفاع درجات الحرارة كل عام في إسبانيا، وأن نوبات الحر تسبب زيادة بنسبة 10٪ في دخول الحالات العاجلة إلى المستشفيات.