ازدادت جرائم دهس المواطنين وقتلهم بالخطأ فى الفترة الأخيرة، وخصوصًا بين المشاهير، فبعد أن تسبب كل من الفنان عباس أبو الحسن فى صدم سيدتين وقتل إحداهما، وتكرر نفس الأمر مع مطرب المهرجانات عصام صاصا ووفاة الشخص الذى صدمه على الطريق الدائري، وتكرر الأمر أخيرًا مع نجل الفنان أحمد رزق.
وتكرار تلك الوقائع وحالا القتل الخطأ فتح الباب مجددا للحديث عن الأسباب والعقوبات القانونية المقررة طبقا للقانون.
فى البداية، قال الدكتور صلاح الطحاوي، الفقيه القانونى وأستاذ القانون الدولي، إن انتشار وقائع الدهس فى الفترة الأخيرة أمر خطير للغاية، ويؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أنها ظاهرة سيئة تهدد أمن واستقرار المجتمع، وخاصةً أن الإعلام لا يُسلط الضوء سوى على المشاهير فقط، فى حين أن هناك عشرات حوادث السير تحدث بشكل يومى على الطرق السريعة والصحراوية بسبب غياب الوعى وقلة التركيز، ولا نعلم عنها شيئًا.
شروط القتل الخطأ
وأضاف «الطحاوي» فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أنه يشترط لقيام جريمة القتل الخطأ، ركنان، أولهما الركن المادى وهو الذى يسفر عن وفاة أو إيذاء شخص، وثانيهما ركن الخطأ وهو الخطأ الذى يسند إلى الجاني.
وحدد المشرع صوره فى عدة عوامل وهى الإهمال والرعونة وعدم التحرز وعدم مراعاة القوانين واللوائح.
وثانيهما رابطة السببية وتنحصر بين الخطأ المرتكب والضرر الحادث، وقضى أنه تقرير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها وهو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة لها أصلها بالأوراق.
عقوبة القتل الخطأ فى دهس المواطنين
وقال «الطحاوي»، إن العقوبة المُقررة طبقًا للقانون تختلف فى حالة كل من الفنان عباس أبو الحسن، ومطرب المهرجانات عصام صاصا، وأخيرًا نجل الفنان أحمد رزق.
وأوضح الفقيه القانوني، أنه بعد قرار النيابة بإجراء تحليل مخدرات لمطرب المهرجانات عصام صاصا، أصبح أمام جريمتين واقعتين وثابتتين تمامًا، الأولى وهى القيادة تحت تأثير المخدرات، والثانية هى دهس مواطن وتسببه فى وفاته.
وتابع: «قانون المرور الجديد فرض عقوبات صارمة وكبيرة على قائدى السيارات ومتعاطى المخدرات بعد تكرار الوقائع التى تهدد حياة الأبرياء وتعرضهم للخطر»، مُضيفًا أن العقوبات القانونية تختلف حسب الواقعة ومدى الضرر الذى تسبب فيه المتهم للضحية.
وأكد أستاذ القانون الدولي، أن المادة ٧٦ من قانون المرورالجديد نصت على معاقبة كل من قاد مركبة وهو تحت تأثير مخدر أو مسكر أو السير عكس الاتجاه فى الطريق العام داخل المدن أو خارجها بالحبس مدة لا تقل عن سنة.
ووفقًا لقانون المرور الجديد: «إذا ترتب على القيادة تحت تأثير مخدر أو المسكر أو السير عكس الاتجاه إصابة شخص أو أكثر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، وغرامة لا تقل عن ١٠ آلاف جنيه».
واقعة عصام صاصا
أما عن واقعة عصام صاصا، والتى تسبب فى وفاة شخص، فمن المتوقع أن تصل العقوبة للحبس مدة لا تقل عن ٣ سنوات ولا تزيد على ٧ سنوات وغرامة لا تقل عن ٢٠ ألف جنيه.
كما يتم إلغاء رخصة القيادة مع عدم جواز منحة رخصة قيادة جديدة إلا بعد مرور مدة مساوية لمدة عقوبة الحبس المقضى بها على المتهم، لافتًا إلى أن العقوبة نفسها توقع على المتهم المتسبب فى إصابة أى شخص بعجز كلي.
واستكمل أستاذ القانون الدولي، أن الفنان عصام أبو الحسن قد يُعاقب طبقًا لنفس المادة ٧٦ من قانون المرور الجديد، لأن القيادة هنا فيها تهور وإهمال تسببا فى وفاة إحدى الضحايا.
التصالح فى جرائم القتل الخطأ
ولفت الفقيه القانونى إلى أن القانون أتاح التصالح فى مثل هذه الجرائم لأنها غير متعمدة، وتسمى الجنحة المرورية.
وفى حالة تصالح المتهم فى أهل المجنى عليه، يتم حفظ تهمة القتل الخطأ، وإخلاء سبيل المتهم سواء قتل خطأ أو إصابة خطأ، وذلك بعد طلب التحريات إذا كان هناك شبهة جنائية.
وعن الجهات القضائية التى يجوز الصلح أمامها، فأوضح «الطحاوي»، أنها ٤ خطوات أولها محضر صلح أمام قسم الشرطة، ثم التصالح أمام النيابة، وبعد ذلك التصالح أمام المحكمة المختصة، وأخيرًا محضر صلح موثق بالشهر العقارى.
جرائم القتل الخطأ للقصر
وأشار «الطحاوي» إلى أن واقعة نجل الفنان أحمد رزق، تختلف تمامًا عن واقعة عباس أبو الحسن، وعصام صاصا، لأنه لم يتجاوز السن القانونية، ولذلك تمت إحالة قضيته لنيابة الطفل.
وتابع: «نصت المادة ١٢٢ فقرة ٢ من قانون الطفل ٢٠٠٨ على اختصاص محكمة الطفل دون غيرها بالنظر فى أمر الطفل عند اتهامه فى إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف، كما تختص بالفصل فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد من ١١٣ إلى ١١٦ والمادة ١١٩ من هذا القانون».
واستثناء من حكم الفقرة السابقة يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو لمحكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال، بنظر قضايا الجنايات التى يتهم فيها طفل جاوز سنه خمسة عشر عاما، وقت ارتكابه الجريمة متى أسهم فى الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل.
ولما كان الأصل هو انعقاد الاختصاص لمحكمة الطفل المستبدلة بمحكمة الأحداث، إلا أن هناك استثناءين،الأول هو جواز محاكمة الطفل أمام محكمة الجنايات أو محكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال شريطة توافر أربعة شروط لا استثناء فيها أو قياس عليها أو تقريب إليها.
شروط ثبوت جريمة القصر
أن تكون الواقعة جناية، أن يُجاوز سن الطفل ١٥ سنة وقت ارتكاب الجريمة، أن يساهم الطفل مع بالغ فى ارتكاب الجناية، أن يقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية على البالغ مع الطفل.
أما إذا كان هناك مع الطفل الحدث آخرون بلغ اقتضى الحال إقامة الدعوى عليه بتهمة القتل العمد فإن محكمة الجنايات تكون مختصة بنظر الدعوى المتهم فيها الطفل الحدث والآخر البالغ المتهمين فيها ويحكمهم فى ذلك نصوص قانون العقوبات المصرى فى المادة ٢٣٠ وما بعدها، كما أنها موضحة للعقوبة المستوجب تطبيقها.
من جهتها قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن انتشار حوادث الطرق سببه الرئيسى هو تعاطى المخدرات، وهذا يشكل خطرا كبيرا على المجتمع المصري.