الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة العرب

أوزار الحرب.. الأزمة السودانية مستمرة والمجتمع الدولي يبحث عن حل

البرهان وحميدتي
البرهان وحميدتي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهدت الأزمة السودانية خلال الأسابيع القليلة الماضية، مباحثات متعددة في عدد من العواصم بغية التوصل إلى وقف الحرب المستمرة منذ منتصف شهر أبريل ٢٠٢٣ بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع، فمن القاهرة إلى أديس أبابا، ومن جدة إلى المنامة، ومن نيروبي إلى جيبوتي، وفي الانتظار جنيف كانت كل هذه محطات بُحث فيها عن الحل في السودان، ووقف نزيف الدم ونزوح الشعب المكلوم منذ أكثر من ١٥ شهرا.

يبحث الشعب السوداني عن طوق نجاة من الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل ٢٠٢٣ بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع، وتسبب في مقتل وإصابة عشرات الآلاف ونزوح الملايين إلى دول الجوار على رأسها مصر التي استقبلت ما يقرب من نصف مليون سوداني على مدار الشهور الماضية بحسب بيانات الأمم المتحدة.

مؤتمر القاهرة

وخلال الأسابيع القليلة الماضية عادت المحادثات الإقليمية والدولية بشأن الأزمة السودانية وكانت البداية في القاهرة حيث اجتمعت القوى المدنية السودانية على رأسها تنسيقية القوى الديمقراطية "تقدم"، تحت شعار "معا من أجل إيقاف الحرب" وخرج المؤتمر الذي استمر على مدار يومي ٦ و٧ يوليو الجاري، ببيان ختامي أكد على ضرورة إنهاء الحرب وطالب الأطراف التي تؤجج الصراع بالامتناع عن إشعال الصراع في البلد العربي.

وأضاف البيان الختامي أن المؤتمرين اتفقوا على أن الحرب التي اجتاحت بلادنا وقتلت وشردت وأذلت شعبنا ومزقت نسيج بلادنا الاجتماعي، صبيحة الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣، لا تمثل فقط علامةً فارقةً ولكنها تاريخٍ جديدٍ يُلزم كل سودانى وسودانية بالنظرِ والمراجعةِ الدقيقةِ لمواقِفنا كافة. 

كما أكد المؤتمرون ضرورة الالتزام بإعلان جدة والنظر في آليات تنفيذه وتطويره لمواكبة مستجدات الحرب، بحسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية.

وتوجه المؤتمرون بالدعوة والمناشدة إلي الدول والجهات الداعمة لأطراف الحرب بأيٍ من أشكال الدعم المباشر وغير المباشر، للتوقف عن إشعال المزيد من نيران الحرب في السودان، كما ناشد المؤتمرون المجتمعين الإقليمي والدولي الإيفاء بالتزاماتهم.

أما المسار السياسى لحل الأزمة فقد أجمع المؤتمرون على المحافظة على السودان وطنًا موحدًا، على أسس المواطنة والحقوق المتساوية والدولة المدنية الديمقراطية الفدرالية.

وأشار البيان إلى أن اجتماع القاهرة يمثل فرصةً قيمةً إذ جمعت لأول مرة منذ الحرب الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية، كما جمعت طيفًا مُقدرًا من الشخصيات الوطنية وممثلي المجتمع المدني، توافقوا جميعًا على العمل لوقف الحرب باعتبار أن ذلك هو سؤال سائر السودانيين ومطلبهم الأساس. 

وتوافق المؤتمرون على لجنة لتطوير النقاشات ومتابعة هذا المجهود من أجل الوصول إلى سلام دائم.

مشروع سلام آبي أحمد

وفي اليوم التالي من انتهاء المؤتمر في القاهرة أجرى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد زيارة مفاجئة إلى بورتسودان التقى خلالها الفريق أول عبد الفتاح البرهان.

وجاء استقبال آبي أحمد في بورتسودان، من جانب البرهان الذي قاد بنفسه السيارة التي تقلهما من المطار إلى مقر لقائهما، إلى جانب انتشار اللافتات المرحبة في شوارع السودان.

وأكد وزير الخارجية الإثيوبي تاي سيلاسي، أن آبي أحمد وصل إلى بورتوسودان حاملا مشروع للسلام وإنهاء الحرب في السودان. 

وكانت زيارة آبي أحمد مفاجئة لموقفه السابق من الأزمة السودانية حيث انحاز بشكل واضح للدعم السريع ضد الجيش، وطالب خلال قمة إيجاد التي عقدت في يوليو من العام الماضي، في أديس أبابا بضرورة فرض حظر طيران ونزع الأسلحة الثقيلة في السودان.

وعبرت وزارة الخارجية السودانية آنذاك عن دهشتها من تصريحات آبي أحمد، بأن هنالك فراغا في قيادة الدولة مما يفسر بأنه عدم اعتراف بقيادة الدولة الحالية وتستنكر دعوته لفرض حظر جوي ونزع المدفعية الثقيلة خلافًا لمواقفه وتفاهماته المباشرة القائمة مع رئيس مجلس السيادة الإنتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان.ولم تستغرق الزيارة ساعات حتى غادر آبي أحمد، عائدا إلى إثيوبيا ونشر البرهان عبر حسابه الرسمي بمنصة إكس "شكرا دكتور آبي أحمد رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية الشقيقة على زيارتك وتضامنك مع حكومة وشعب السودان" ليرد عليه آبي أحمد بتغريدة قال فيها " بما أن التحديات التي يواجهها شعب السودان هي تحدياتنا أيضًا، وسلامهم هو سلامنا، فإننا ملتزمون بالعمل من أجل إغاثة ورخاء الشعب السوداني".

ومن القاهرة إلى أديس أبابا حيث رعى الاتحاد الأفريقي مؤتمرا آخر للقوى السودانية في الفترة بين ١٠ إلى ١٥ يوليو الجاري، لكن قاطعته تنسيقية "تقدم" بسبب تحفظها على بعض الأطراف المشاركة فيها، ولم يتمخض عنه أي جديد بشأن الحل في السودان.

جنيف.. تشاؤم وحذر

ودعت الولايات المتحدة القوات المسلحة السودانية وميليشيات الدعم السريع إلى محادثات وقف إطلاق النار لإنهاء الصراع المدمر في السودان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميللر عبر حسابه الرسمي بمنصة إكس الثلاثاء الماضي ٢٣ يوليو ٢٠٢٤ إنه يجب على القوات المسلحة السودانية وميليشيات الدعم السريع الاستماع إلى نداءات الشعب السوداني من أجل السلام، وتحسين وصول المساعدات الإنسانية، واستعادة المستقبل الديمقراطي.

وأعلن قائد ميليشيات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" ترحيبه بالدعوة والمشاركة في المحادثات، فيما قالت الخارجية السودانية إن السلطات تدرس الخطوة.

وبعد يومين من الدعوة الأمريكية، قالت تنسيقية تقدم في بيان لها "نرحب بالدعوة المقدمة من الخارجية الأمريكية وسويسرا للقوات المسلحة والدعم السريع للعودة للتفاوض بجنيف في الرابع عشر من أغسطس القادم".

وأضاف بيان تقدم المنشور الخميس ٢٥ يوليو ٢٠٢٤ "كما نشيد بقبول الدعوة من الطرفين للانخراط في عملية تفاوضية جادة ومسئولة توقف كارثة الحرب وتنقذ الشعب والوطن من مخاطر استمرار الحرب. كما ندعو الشعب السوداني لتبني خيار السلام لإيقاف الموت والدمار والنزوح الذي لحق به".

الدعوة الأمريكية كانت لها ردود أفعال متناقضة حيث قال رئيس التحرير صحيفة المجهر السياسي السودانية الهندي عز الدين، إن تاريخ الولايات المتحدة مع السودان من مفاوضات نيفاشا وأبوجا وانتهاءً بجدة، لا يبشِّر بخير، ولا يثمر سلامًا ووحدةً واستقرار، فنيفاشا انتهت إلى تقسيم السودان إلى دولتين، وأبوجا انتهت إلى تمرد ثان للقائد مناوي، وجدة مثلت غطاءً لمليشيا الدعم السريع لغزو المزيد من المدن والقرى ابتداءً من نيالا وانتهاءً بسنجة.

وأضاف "عز الدين" عبر حسابه الرسمي بمنصة "إكس" أن "أمريكا ظلت الشريك الأساسي في منبر جدة تتفرج على تمدد التمرد في السودان لسنة وشهرين بعد توقيع اتفاق ٢٠ مايو ٢٠٢٣، دون أن تلجمه وهي القادرة على ذلك، حتى إذا ما تواصل كفيل التمرد مع البرهان، وبدأت التفاهمات المباشرة بين بورتسودان وأبوظبي تأخذ مسارها وتؤتي أُكلها، استشعرت أمريكا الخطر، وأحست بأنها قد تفقد مفاتيح المؤامرة، فسارعت إلى إصدار دعوة جديدة لمفاوضات على نمط جدة في سويسرا !! دون أن تخبر العالم ماذا حققت جدة على الأرض !!".

وأشار إلى أن طريق مفاوضات سويسرا سيكون وعرًا ومعقدًا ونتيجته ستكون عودة آل دقلو للحياة السياسية في السودان وعدم تحقيق سلام دائم وعادل، كما جرى بعد نيفاشا وأبوجا وجدة، لأن الاستراتيجية الأمريكية واحدة ولا تتغير.

تدخل واشنطن أثار عدد من التساؤلات حول أسباب المبادرة الأمريكية في الوقت الحالي لمحاولة وقف الحرب في السودان، وبدا أنها محاولة من الولايات المتحدة لقطع الطريق على روسيا التي بدأت تدخل على خط الأزمة بعد زيارة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار إلى موسكو في شهر يونيو الماضي، والتي تباحث خلالها عن إنشاء مركز لوجستي روسي في السودان.

وأكد السفير السوداني في روسيا محمد الغزالي التجاني سراج أن موسكو ستنشئ نقطة دعم مادي ولوجستي، مشيرا بحسب حواره مع وكالة سبوتنيك الروسية في ٢٣ يوليو الجاري، أنها ليست موجهة ضد أي طرف، بل في إطار العلاقات بين البلدين".

وكان نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوجدانوف، زار مدينة بورتسودان في أبريل الماضي، برفقه وفد من وزارتي الخارجية والدفاع.