قالت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، إن العالم ما زال يُتابع تداعيات نتائج الانتخابات الفرنسية على ضوء ما حققه تحالف أحزاب اليسار الفرنسي "الجبهة الشعبية" من نجاحات؛ خاصة في الجولة الثانية بتقدمه بعدد نوابه في البرلمان للمركز الأول متقدما على تحالف الأحزاب الداعمة للرئيس ماكرون وليحل تحالف أحزاب اليمين المتطرف في المركز الثالث خلافا لكل التوقعات التي كانت تُرشح تحالف اليمين المتطرف للفوز بالنصيب الأكبر من مقاعد الجمعية الوطنية “البرلمان”.
وأضافت “عبدالرحيم”، خلال تقديمها برنامج “الضفة الأخرى”، المذاع عبر فضائية “القاهرة الإخبارية"، أن تحالف اليسار الانتخابي ضم حزب فرنسا الأبية، والذي يوصف بأنه حزب يساري متطرف والحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وحزب الخضر ومجموعة من الأحزاب والتيارات اليسارية الراديكالية، ومن الطبيعي والمنطقي أن تُعرب الأحزاب والقوى والتيارات والشخصيات اليسارية في العالم سعادتها وترحيبها بفوز اليسار الفرنسي في تلك الانتخابات؛ لكن الأمر اللافت والمُثير للدهشة عند البعض ترحيب وسعادة جماعة وفقًا للتوصيف السياسي والفكري لها أنها جماعة يمينية محافظة، وأقصد جماعة الإخوان التي تحتفل وتحتفي بفوز وانتصار اليسار المتشدد والشيوعي والاشتراكي؛ بل وتذهب بعض منصات الإخوان الإعلامية وبعض منظري الجماعة للقول بأنهم “أي الإخوان” كانوا مشاركين وداعمين في انتصار اليسار الفرنسين متسائلة: “أيه اللي يخلي الإخوان يناصروا اليساريين والشيوعيين؟، مجيبة أنها المصلحة والأهداف ولو وصفناها بلغة السياسة ”أنها الانتهازية السياسية"، وعن الإخوان والانتهازية السياسية ستكون حلقة الليلة من "الضفة الأخرى".
وأوضحت أنه منذ تأسيس جماعة الإخوان سنة 1928 وحتى الآن هناك الكثير من المواقف والمحطات والتصريحات التي تكشف وتثبت أن الانتهازية السياسية أمر مألوف ومعتاد ومتكرر في سلوك وممارسات جماعة الإخوان، معقبة: سنرصد بعضًا من تلك الانتهازية الإخوانية في ماضي الجماعة وحاضرها؛ والتي أرسى قواعدها ومارسها ببراعة المؤسس الأول حسن البنا ودارت في فلكها وغزلت على منوالها فكرًا وتدريبًا وتأهليًا لكوادرها وقياداتها لتتحول "الانتهازية السياسية" على يد حسن البنا وأخوانه إلى "علم" أو "فن" أصيل من ثوابت ومرتكزات الجماعة.
ولفتت إلى أن هناك محطات انتهازية لحسن البنا مع الملك فاروق ومع الإنجليز والأمريكان والأحزاب السياسية في عهده، ونرصد انتهازية الإخوان مع ثورة يوليو 1952 وجمال عبد الناصر؛ ثم مع السادات ومبارك وصولا للانتهازية الإخوانية المعاصرة في الموقف من أحداث يناير 2011 وما تلاها ووصول الإخوان لقصر الاتحادية، ونتوقف أمام المشهد الأخير وهو موقفهم من نتائج الانتخابات البرلمانية الفرنسية وسنعتمد في هذا الرصد السريع لشهادات وتصريحات موثقة من سجل مسيرة وتاريخ الإخوان الممتد من 1928 وحتى الآن.
وعرضت الإعلامية داليا عبدالرحيم، تقريرًا بعنوان “الإخوان وسياسة الانتهازية.. الآلية والأغراض”.
ونوهت بأن أول هذه الأشياء يتمثل في استغلال الإخوان للدين لتحقيق مكاسب سياسية، حيث استغلت جماعة الإخوان الدين لتحقيق مكاسب سياسية عبر مجموعة من الاستراتيجيات والتكتيكات التي ساعدتها في بناء قاعدة شعبية وتأثير سياسي كبير، ومن بينها تركيز جماعة الإخوان على إنشاء شبكات تعليمية ودينية لتعزيز فهمهم للإسلام وتفسيرهم له بين الجمهور من خلال المدارس والمراكز التعليمية، فعززت الجماعة مبادئها ونشرها بين الأجيال الناشئة، كما استخدمت الجماعة الخطاب الديني للترويج لأجندتها السياسية عبر الخطب والمحاضرات والكتب والمنشورات، وفسر قادة الجماعة النصوص الدينية بطرق تدعم أهدافهم السياسية، مما أعطاهم شرعية دينية في أعين أتباعهم، واستغلت الجماعة الفترات التي تشهد أزمات سياسية أو اقتصادية لتعزيز مكانتها في أوقات الاضطرابات، وقدمت نفسها كبديل للحكومات القائمة، معتمدة على خطاب ديني يعد بالاستقرار والعدالة.
ولفتت إلى أن ثاني شئ يتمثل في التعاون مع أنظمة الحكم، حيث تعاونت جماعة الإخوان مع الأنظمة الحاكمة في عدة مناسبات لتحقيق مكاسب سياسية، مستفيدة من التحالفات المؤقتة والتنازلات الاستراتيجية على سبيل المثال قدمت جماعة الإخوان تنازلات للأنظمة الحاكمة مقابل السماح لها بممارسة أنشطتها السياسية والدعوية، فمثلا قد تتجنب الجماعة انتقاد الحكومة بشكل مباشر مقابل السماح لها بفتح مراكز تعليمية أو تنظيم فعاليات دينية، وتعاونت جماعة الإخوان مع الأنظمة الحاكمة في مواجهة أعداء مشتركين، سواء كانوا قوى سياسية معارضة أو جماعات مسلحة، وهذا التعاون أتاح لكلا الطرفين تحقيق أهدافهما من خلال توجيه الموارد والجهود نحو القضاء على تهديدات مشتركة، كما عقدت جماعة الإخوان صفقات سرية مع الأنظمة الحاكمة، تتضمن وعودًا بعدم التورط في الأنشطة المعادية للنظام مقابل السماح لها بممارسة أنشطتها الدعوية والاجتماعية، وهناك أمثلة حية على استغلال الجماعة وتعاونها مع بعض الأنظمة؛ ففي عهد الرئيس أنور السادات تم الإفراج عن العديد من أعضاء الإخوان وسُمح لهم بممارسة أنشطتهم الدعوية مقابل دعمهم له ضد القوى اليسارية والقومية، وفي عهد حسني مبارك شهدت الجماعة فترات من التسامح النسبي الذي سمح لها بالمشاركة في الانتخابات والحياة السياسية، أما في سوريا في فترة الستينات تحالفت جماعة الإخوان مع النظام البعثي لفترة قصيرة لمواجهة القوى السياسية الأخرى، قبل أن تنقلب العلاقات إلى مواجهة دامية في الثمانينيات.
وأشارت إلى أن ثالث هذه الأمور يتمثل في تغيير المواقف والمبادئ حسب الظروف، حيث تُعرف جماعة الإخوان بقدرتها على التكيف وتغيير مواقفها ومبادئها حسب الظروف المحيطة بما يخدم مصالحها، وهذه المرونة مكنتها من البقاء والتأثير في مشهد سياسي متغير ومعقد في فترات القمع، قد تتبنى الجماعة خطابًا أكثر اعتدالًا وتركيزًا على المشاركة السياسية السلمية، وفي المقابل في أوقات الفرص السياسية قد تتبنى مواقف أكثر حزمًا لتعزيز أجندتها، وتعتمد الجماعة على تأويلات متعددة في تفسير النصوص الدينية لتبرير تغييرات مواقفها، وهذا التفسير يُمكن أن يتغير لتلبية الاحتياجات والأهداف السياسية للجماعة، وتُغير الجماعة تحالفاتها السياسية حسب الظروف؛ ففي بعض الأحيان تتحالف مع القوى العلمانية أو القومية عندما يكون ذلك مفيدًا، وفي أحيان أخرى تتحالف مع قوى إسلامية أخرى لتعزيز موقعها.
وأكدت أنه بعد ثورة 2011، وسقوط نظام حسني مبارك تحولت جماعة الإخوان إلى قوة سياسية رئيسية وشاركت في الانتخابات، حيث فازت بالرئاسة والبرلمان، ولكن بعد الإطاحة بمحمد مرسي في 2013، عادت الجماعة إلى العمل السري والمواجهة مع النظام الجديد، وكذلك في الأردن تغيرت مواقف جماعة الإخوان حسب الضغوط السياسية والمجتمعية، وفي بعض الفترات تعاونت مع الحكومة، وفي فترات أخرى، اتخذت مواقف معارضة، فضلا عن ممارسة العنف والإرهاب؛ حيث أنه رغم تقديم جماعة الإخوان نفسها كحركة سياسية ودعوية سلمية، تورطت في فترات متعددة من تاريخها في استخدام العنف والإرهاب ضد الدولة المصرية وهناك أمثلة كثيرة على ذلك من بينها اغتيال رئيس الوزراء محمود النقراشي عام (1948)، ومحاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عام (1954)، وبعد الإطاحة بمحمد مرسي في يوليو 2013 تصاعدت أعمال العنف من قبل أنصار جماعة الإخوان مثل الهجمات على مراكز الشرطة والكنائس ودعم الجماعة وتوجيه بعض الجماعات الإرهابية في سيناء، مثل "أنصار بيت المقدس"، والتي نفذت عدة هجمات ضد قوات الجيش والشرطة.
وقالت إن العرض السابق كشف قواعد وأسس ممارسة الانتهازية السياسية للإخوان وأساليب تلك الممارسات، والسؤال هنا: “هل اعتماد الانتهازية السياسية كأداة حركة وتفاعل مع الواقع حالة خاصة اعتمدها التنظيم الأم الإخوان في مصر”؛ أم هي نهج وسلوك عام اعتمدته كل تنظيمات الإخوان وفروعه؟، موضحة أن الإجابة عن هذا السؤال أن اعتماد الانتهازية السياسية كان قاسمًا مشتركًا وله حضوره الدائم في ممارسات الإخوان في كل الفروع والتجمعات في العالم، وأشار العرض لتحالف إخوان سوريا مع نظام الرئيس الأسبق حافظ الأسد ثم المواجهة معه، ويحضرني هنا موقف إخوان الجزائر في بداية تسعينات القرن الماضي جرت في الجزائر انتخابات المحليات، وحقق تحالف التيار الاسلامي بقيادة الإخوان الحصيلة الأكبر من المقاعد في الجولة الأولى من تلك الانتخابات ليطلق قيادي كبير في الجماعة تصريحا شهيرا موجهة كلامه للشعب الجزائري قائلا: هذا آخرعهدكم بالصناديق الزجاجية"، ويقصد صناديق الاقتراع؛ ويقصد بوصولهم للحكم تنتهي الديموقراطية أو بتعبير آخر نعم للديقراطية لمرة واحدة، وتسبب هذا التصريح في إلغاء المرحلة الثانية من الانتخابات وفي دخول الجزائر في العشرية السوداء؛ أي في مرحلة إرهاب جماعات الإسلام السياسي والتي استمرت لمدة 10 سنوات، وماذا عن انتهازية الإخوان في تونس، وأبرز مثال هو راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس والمفكر الإخواني، وفي مرحلة من حياته عاش في المنفى في أوروبا بين باريس ولندن وهناك نشط كلاجئ سياسي واشتهر بمؤلفاته وحوارته مع الأوروبيين وقدم رؤى معتدلة في كتبه ومقابلاته الصحفية وفي ندواته كمحاضر ومفكر إسلامي يدعو للديمقراطية في البلدان الإسلامية ويقبل بالتعددية الحزبية والمذهبية ويعلي من قيم التسامح وقبول الأخر واحترام حقوق الإنسان وناصر الحركات المدافعة عن النساء، ولاقت أفكاره وكتبه رواجًا وقبولًا في أوروبا واعتبره الأوروبيين مفكرًا إسلاميًا تقدميًا ومنفتحًا، وبعد ثورة الياسمين في تونس "أول ثورات الربيع العربي" عاد راشد الغنوشي لتونس ليقود حركة الإخوان وليكشف عن وجه آخر مختلف تمامًا عن وجهه الأوروبي "عاد ليُهدد ويتوعد من يختلف مع الإخوان؛ عاد ليبرر للإرهاب ويرعاه؛ عاد ليهاجم الغرب وقيمه؛ عاد ليهدد نساء تونس السافرات وما زال حتى اللحظة يُعرقل هو وجماعته سعي الشعب التونسي للوصول للاستقرار والقضاء على الإرهاب.
واستطردت أنه لا يختلف حال إخوان السودان؛ بل يمكننا القول أن الإخوان في السودان قد تفوقوا على جميع إخوانهم في نهج الانتهازية السياسية؛ خاصة تلك التي تمت برعاية وتخطيط قائد ومفكر الإخوان حسن الترابي، ونال الشعب السوداني الكثير من الويلات والمحن خاصة في عهد الرئيس المخلوع حسن البشير والذي دخل معه الإخوان في مسلسل طويل من التحالفات والدعم ينتقل بعدها للعداء والمواجهة لتعود مرحلة من التهدئة والتعاون؛ مرة ينقلب البشير على الإخوان ومرة ينقلب الإخوان على البشير؛ على الرغم من أن حسن البشير كان محسوبًا على الإخوان فكرًا؛ بل وتذهب مصادر سودانية للتأكيد على علاقته التنظيمية بجماعة الإخوان، ولكنها المصالح وتقاطعاتها أي “الانتهازية السياسية”.
وعرضت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، تقريرًا بعنوان “جذور الانتهازية السياسية عند حسن البنا”.
وقالت إن جماعة الإخوان ترفع الانتهازية شعارًا لها منذ نشأتها في عام 1928؛ فالمؤسس الأول حسن البنا لم يُعلن نيته خوض غمار السياسة أو ممارسة العنف إلا في المؤتمر الخامس للجماعة في العام 1938، أي بعد 10 سنوات كاملة من النشأة، وكان هدف البنا وقتها جمع عدد كبير من الأتباع والأنصار بعدها لم يكن لديه مشكلة في أن يكشف عن وجه التنظيم الحقيقي، ولذلك أنشأ الجناح العسكري للجماعة في العام 1939، عندما اطمئن لوجود عدد كبير من الأتباع الذين خدعهم بأن التنظيم ما هو عبارة إلا عن جماعة دعوية فاكتشفوا عكس ذلك بعد أن باتوا جزءًا منه، وأقام البنا جسورًا قوية مع القصر والملك في الثلاثينات من القرن الماضي، حتى أنه طالبه أكثر من مرة بخوض الحروب من أجل عودة الخلافة العثمانية وتنصيبه بالخليفة؛ ثم سرعان ما انقلب عليه بعد ذلك، كما انقلب على حزب الوفد لصالح أحزاب وكيانات سياسية صغيرة في ذلك الوقت.
وأضافت أن الإخوان جماعة برجماتية تبحث عن مصالحها السياسية بعيدًا عن القيم والشعارات التي ترفعها ولم يعد لها أصلا في الواقع، فحسن البنا أصل للانتهازية السياسية من خلال سلوكه مع الأحزاب والسلطة السياسية، كما أنه درب قادة التنظيم على هذا السلوك؛ فالإخوان هي الجماعة الأكبر التي تحالفت مع كل الأحزاب السياسية ومع أغلب السياسيين في مختلف العصور، ثم انقلبت عليهم جميعًا عندما شعرت أنها أقوى منهم، أو أنها لم تعد تحتاج إلى التحالف معهم.
وأكدت أن هناك محطات بارزة تُجسد انتهازية الإخوان في عهد حسن البنا، أولها قبول حسن البنا دعمًا ماليًا من السفارة الإنجليزية بالقاهرة، أي من الدولة التي تحتل مصر، وكان المبلغ 500 جنيه ويعتبر مبلغًا كبيرًا في ذلك الوقت، فضلا عن الاقتراح الذي قدمه للسفارة الأمريكية بالقاهرة في عام 1947، مع تنامي التيار اليساري والشيوعي بانشاء مكتب مشترك بين الإخوان والأمريكان لمكافحة الشيوعية، على أن تدفع السفارة الأمريكية رواتب شهرية للإخوان الذين حسب مقترحه سيخصصون وقتهم للقضاء على الشيوعية في مصر، علاوة على أنه في عام 1937 كتب حسن البنا في مجلة الإخوان واصفا الملك فاروق: "الفاروق والمثل الأعلى حامي المصحف.. اختاره الله حاميًا للمصحف ونحن ورائك.. أخلص جنودك"، ونظم حسن البنا استقبالا لمبايعة الملك فاروق مستخدمًا الآلاف من كشافة الإخوان بزيهم الشبه عسكري، وعندما اختلف النحاس باشا زعيم الوفد مع القصر والملك وخرج الشعب المصري يهتف "الشعب مع النحاس" خرجت مظاهرات الإخوان تهتف "الله مع الملك" وأطلقوا عليه فاروق أمير المؤمنين، وعندما هتف طلاب الجامعة "لا للملكية نريدها جمهورية".. هتف طلاب الإخوان “لا رئيس إلا الملك”، وكتب حسن البنا رسالة للملك بعد تصاعد الخلافات بين القصر والأحزاب خاصة حزب الوفد، وطلب منه إلغاء الأحزاب والتعددية السياسية والحزبية ويدعوه للاقتداء بهتلر وموسيليني، لأنهم صادروا الحياة الحزبية وبنوا أممًا عظيمة في ألمانيا وإيطاليا، وعندما تولى إسماعيل صدقي رئاسة الوزراء وقاد حملة اعتقالات ضد المعارضة، خاصة اليسارية أعلن الإخوان دعمهم له وهتفوا له "وأذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد"، وحينما تصاعد إرهاب الإخوان في عام 1947 واغتالوا القاضي الخازندار، ونفذوا تفجيرات في عدد من المحلات العامة وأقسام البوليس ووصل لحسن البنا عزم النقراشي باشا حل جماعة الإخوان في 1948، وأعلن حسن البنا في مكتب وكيل وزارة الداخلية عبد الرحمن عمار بعد أن رفض النقراشي مقابلته أنه نادم على اشتغال الجماعة بالسياسة وأنه يعد النقراشي باشا أن تعود الجماعة كجماعة دينية دعوية، وأنه أي حسن البنا مؤيد للحكومة في كل الأمور، وامتدح النقراشي باشا ووصفه بأنه رجل نزيه حريص على خدمة وطنه وأنه عادل في حكمه في كل الأمور، ولكن النقراشي باشا يصر على حل جماعة الإخوان فيكون قرار جماعة البنا اغتيال النقراشي، وهذه مجرد أمثلة على تاريخ الانتهازية الإخوانية في عهد حسن البنا.
وقالت إنه برحيل البنا ورحيل الملكية ومع قيام ثورة 23 يوليو 1952 تغير النظام الحاكم في مصر وتغير حكام الإخوان؛ لكن ظلت الانتهازية فكرًا وسلوكًا متأصلًا في عقل وممارسات الجماعة، موضحة أنه بدأت العلاقة بين الإخوان ومجلس قيادة الثورة بشئ من الود؛ فالحكام الجدد يحلون كل الأحزاب والتشكيلات السياسية ماعدا جماعة الإخوان ومرشد الجماعة الثاني الهضيبي يعلن أنه لا خلاف او سوء تفاهم مع قادة الثورة.
وأضافت أن الإخوان هم أول من أطلق على الحركة المباركة لقب الثورة المباركة، وكان سيد قطب هو صاحب التسمية، وعندما أعلن مجلس قيادة الثورة في أبريل 1953 شعار "الدين لله والوطن للجميع" بدأت بوادر الفتور والخلاف وسبق ذلك عدم حماس الإخوان لصدور قانون الإصلاح الزراعي وطلبوا رفع الحد الأقصى للملكية لـ500 فدان وهو ما رفضه مجلس قيادة الثورة؛ فالإخوان كانوا يعتقدون في البداية أنهم قادرون على احتواء هؤلاء الضباط الشبان، خاصة وأن بعضهم كان على علاقة تنظيمية بالجماعة والضباط الأحرار حاولوا تجنب الصدام مع الإخوان؛ بل عرضوا إشراك رمزين أو ثلاثة من الإخوان في الحكومة الجديدة، ولكن الإخوان رفضوا من رشحهم مجلس قيادة الثورة وأصروا أن يكون الترشيح والاختيار عن طريقهم وفي المقابل تم رفض مطلبهم.
وأوضحت أنه تصاعد الخلاف عندما طلب الإخوان في لقاء قياداتهم مع جمال عبد الناصر عرض القوانين التي ينوي المجلس إصدارها عليهم قبل إعلانها؛ فكان رد عبد الناصر الحاسم "أننا لن قبل الوصاية منكم"، وكعادتهم سعى الإخوان لفتح قنوات اتصال سرية مع السفارة البريطانية في القاهرة، وعقب اللقاء الأخير بين المرشد الثاني وعبد الناصر قرر المرشد إعادة تشكيل الجناح العسكري "النظام الخاص" وأن يكون تحت إشرافه شخصيًا، وتبدلت لغة المدح والإشادة بعبد الناصر ووصفه بالرجل الغيور على وطنه ودينه إلى "هذا البكباشي الأصفر يُمثل خطرًا على الإسلام والجماعة" كما صرح المرشد للوفد الذي كان معه في تلك المقابلة، وقررت الجماعة تكثيف نشاطها الدعوي داخل قوات الجيش والبوليس لإعداد العدة لحكم الإخوان للبلاد، وكانوا يعدون الضباط بالترقيات وتولي مناصب كبرى، وبث الإخوان دعوة بين طباط الشرطة بأنهم أحق من رجال الجيش بالحكم لكونهم على اتصال بالشعب، كما شرع الإخوان في إطلاق حملة دعائية ضد الثورة ورجالها وبشكل خاص ضد عبدالناصر؛ ليصدر مجلس قيادة الثورة قرار حل جماعة الإخوان في 14 يناير 1954، ليشرع الجناح المسلح والمسمي في أدبيات الإخوان النظام الخاص في التخطيط والتجهيز للمحاولة الفاشلة لاغتيال جمال عبد الناصر والتي عُرفت بحادثة المنشية في الإسكندرية في 26 يوليو 1954؛ ليدخل الإخوان في محنتهم الثانية والتي استمرت حتى تولى الرئيس أنور السادات الحكم عقب وفاة عبد الناصر في سبتمبر 1970.
وتابعت في عام 1971 أفرج السادات عن كوادر الإخوان المسجونيين (مجموعة 118)؛ ليبدأ تاريخًا من التفاهمات بين السادات والإخوان كان جوهره التنسيق واستخدام الإخوان لمواجهة حركة اليسار الشيوعي والناصري خاصة في الجامعات وبين صفوف الشباب، وحصل الإخوان على مكاسب كبيرة من تفاهمهم مع السادات؛ فقد عادت مجلة الدعوة المعبر الإعلامي الرسمي عن الجماعة بعد توقف 20 سنة، وسُمح لهم بإقامة الجمعيات الخيرية والخدمية وعادت قيادات إخوانية كانت قد هربت لدول الخليج بعد الصدام مع عبد الناصر في 1954 وعادوا بثروات هائلة وأقاموا مشروعات مثلت قوة اقتصادية ومالية داعمة لنشاط ونمو الجماعة، وكان شرط السادات الوحيد والذي وافق عليه مرشد الإخوان عمر التلمساني ووعد بالالتزام به عدم قيام الإخوان بتجنيد الشباب وخاصة طلاب الجامعات، ولكن الإخوان خدعوا السادات وعملوا على تجنيد واستقطاب كوادر الحماعات الإسلامية التي بدأت تنشط بدعم ورعاية الدولة في الجامعات لمواجهة طلاب اليسار، ومن أبرز تلك الكوادر التي نجح التلمساني في تجنيدهم سرا الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والدكتور عصام العريان، والدكتور حلمي الجزار، وخيرت الشاطر، وأبو العلا ماضي وغيرهم من الكوادر الطلابية والذين نجحوا في تحويل التنظيم الإخواني من تنظيم عجوز شرايينه متصلبة وعقله واهن وقدرته على الحركة شبه معدومة إلى تنظيم نجح خلال سنوات الثمانينات من القرن الماضي في السيطرة والهيمنة والاستحواذ على الاتحادات الطلابية في أغلب الجامعات المصرية ومن بعدها السيطرة على مجالس النقابات المهنية كالأطباء والمهندسين والمحامين والمعلمين.
وأضافت ليعكس هذا التسلل الناعم الذي قاده التلمساني بحرص شديد على تجنب الصدام مع رأس الدولة والنظام وما أسماه خطة أسلمة المجتمع من أسفل إلى أعلى والذي طورها وجعلها أكثر راديكالية فيما بعد فتى الإخوان الصارم المهندس خيرت الشاطر والذي كان أقرب لصقور الجماعة كمصطفى مشهور والهضيبي الابن؛ تلك الخطة التي اشتهرت بخطة التمكين والتي حاولت الجماعة عقب وصولهم لكرسي الحكم في 2012 إقامة دولة المرشد وأخونة مصر بتنفيذ خطة التمكين وأطلقوا عليها اسما كان مُثارًا سخرية الشعب المصري “طائر النهضة” أو مشروع النهضة والذي أسقطه المصريون في ثورة 30 يونيو، ونعود للسادات الذي اكتشف خدعة الإخوان وعدم التزامهم بوعدهم له ويكتشف أيضًا انتهازية الإخوان ولكن بعد فوات الآوان، بعد أن تغولت الجماعة وحلفاؤها ومن تدعمهم من جماعات وأصبحوا يشكلون تهديدًا لنظامه ولشخصه؛ ليأتي الصدام ويصدر السادات أمرًا باعتقال قيادات وكوادر الإخوان ضمن من شملهم الاعتقال في سبتمبر 1981، ولينجح بعدها بأيام مخطط الإرهاب في اغتيال الرئيس السادات في 6 أكتوبر 1981 في ذكرى احتفالات نصر أكتوبر المجيد.
وعرضت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، تقريرًا بعنوان “نماذج من الانتهازية السياسية لجماعة الإخوان.. المحطات الأخيرة”.
وقالت إن من انتهازية الإخوان في العصر الحديث إعلانها عدم المشاركة في المظاهرات التي خرجت عام 2011، ولكنها استغلت الاضطرابات والفوضى التي خلفتها هذه المظاهرات ثم واصلت انتهازيتها مدعية أنها صاحبة الفضل في إسقاط النظام السياسي وقتها، وبعد عام 2011 تنكرت جماعة الإخوان لكل الأحزاب السياسية التي كانت تخطب ودها قبل هذا التاريخ في محاولة للحصول على الشرعية التي كانت تفتقدها، وعندما تسللت إلى السلطة انقلبت على هذه الأحزاب وقامت بتشويهها، وتنكرت الجماعة لكل الأحزاب السياسية، بينما تحالفت مع الأحزاب الدينية والتي كانت تُصرح بين الوقت والآخر بأنها مختلفة معها، ثم خرجت عن بعضها تحت عنوان عريض يُعبر عن انتهازية مطلقة لا ترى فيها إلا نفسها، وتنكروا في أول انتخابات برلمانية بعد العام 2011 لكل الأحزاب السياسية والليبرالية والدينية، حتى خرج بعض شركائهم بعبارة أننا لم نشعر بالحرية والعدالة داخل أروقة حزب الحرب والعدالة، وخاض الإخوان بعدها انتخابات الرئاسة بعد أن صرحوا أكثر من مرة بأنهم لن يخوضوا غمارها في انتهازية معهودة وكذب بواح، كما أنهم خاضوا المنافسة على أغلبية مقاعد البرلمان بعدما أعلنوا أنهم سيُنافسون على قليل منها ليرسخوا أكثر لانتهازيتهم، وهو ما تسببت في كشفهم من قبل الشعب المصري الذي لفظهم بعد ذلك بفترة قصيرة وخرج ليعلن عن ذلك في 30 يونيو.
وأضافت: أود العودة لبدايات حكم مبارك والتي بدأت بالإفراج في عام 1982عن قيادات وكوادر الإخوان الذين اعتقلوا عقب حادثة المنصة والتي راح ضحيتها الرئيس السادات؛ لتبدأ مرحلة جديدة في مسيرة الإخوان تعتمد إلى حد كبير على النشاط العلني ولتتخلى الجماعة عن جزء كبير من موروثها التاريخي المعتمد على السرية وتقاليد التنظيم السري المحظور، ورغم بقاء قانون حظر الإخوان إلا أن الجماعة تعاملت مع الواقع وتعاملت معها دولة مبارك على أنها كيان علني في أغلب الأوقات والمناسبات، ولكن الجماعة هي من فضلت وفقًا لمصالحها وانتهازيتها السياسية أن يظل جزءًا من بنيتها وآلياتها في طي الكتمان والسرية؛ خاصة تلك الملفات الخاصة بعضويتها الحقيقية، وملفات مالية الجماعة ومصادر تمويلها وحجم أموالها واستثمارتها في الداخل والخارج وآلية ومسارات اتخاذ القرار فيها وما يطلق عليه الديموقراطية الداخلية حتى شاع في توصيف الجماعة أنها جماعة نصف سرية ونصف علنية.
وأوضحت أن الجماعة تدخلت في زخم الحياة السياسية والعمل الأهلي متسلحة بما كونته من خبرات وكوادر في تجربة الترشح تحت شعارات الإخوان وأفكارهم في انتخابات الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية، وشهدت مصر في عهد مبارك 7 انتخابات نيابية من انتخابات 1984 وحتى آخر انتخابات قبل رحيله في 2010، وشارك الإخوان في 6 مناسبات وقاطعوا انتخابات 1990، وشهدت تلك المشاركات الإخوانية تبدل وتحرك التحالفات والتفاهمات مع الأحزاب والقوى السياسية، مرة يتحالفون مع حزب الوفد الليبرالي ومرة يخوضوا الانتخابات تحت شعار الإسلام هو الحل في قائمة التحالف الإسلامي ومرة يشاركوا في الانتخابات بعد تفاهم واتفاق مكتوب مع الحزب الوطني الحاكم في انتخابات 2005 ويومها حصلوا عل خمس (1/5) عدد المقاعد، وهي فترة شهدت تواصل وتهدئة بين الإخوان ونظام مبارك، وعندما صعد نجم جمال مبارك وكثر الخديث عن "التوريث" أعلن مرشد الإخوان وقتها مهدي عاكف أن الإخوان من الممكن أن يؤيدوا ترشيح جمال مبارك للرئاسة بشرط أن يجلس معهم يسمع منهم ويسمعوا منه، ومهدت لقبول فكرة التوريث أقلام وصحف مرتبطة بالإخوان قالت بوضوح إن التوريث سنة إسلامية حميدة قامت عليها إمبراطوريات ودول خلافة راشدة ومعتبرة في التاريخ العربي والإسلامي، وهذه نماذج من انتهازية الإخوان في عهد مبارك.
كما عرضت إنفوجرافًا بعنوان “الإخوان وانتهازية استغلال الأزمات المجتمعية والقضايا العامة لتحقيق أهدافهم”، موضحة أن لجان الإخوان الإلكترونية أُطلقت لبث الشائعات وتأليب الرأي العام بمعلومات مغلوطة، والعمل على تضليل المواطنين عبر اقتطاع تصريحات المسؤولين من سياقها، والعمل على التشكيك الدائم في صدق تصريحات المسؤولين الرسميين، واستغلال الحوادث والأزمات للزعم بأن الدولة غير آمنة وتواجه اضطرابات، واستخدام الملفات المهمة لدى المواطنين لتضخيم أزماتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، واستقطاب البسطاء عبر تقديم منح ومساعدات لهم بغرض خدمة أهدافها، واستغلال الجماعة الأنشطة الخيرية في خدمة كوادرها، واستغلال الجماعة مؤسستها الإغاثية في جلب التبرعات لدعم أنشطتها المشبوهة، واستغلال مناطق النزاع لجمع التبرعات كما حدث في أفغانستان والبوسنة والشيشان والصومال وغزة، واستغلال المجتمعات الإسلامية في أوروبا وتجمعات اللاجئين لتحقيق أهدافها، واستغلال بيزنس الحلال لكسب المال والإنفاق على أنشطتها داخليا وخارجيا.
وأوضحت أنه بعد سقوط دولة الإخوان وما تلاها من هزائم وخسارات كبيرة طالت بنيتهم التنظيمية والنوعية والفكرية والسياسية ..وماصاحب تلك الهزائم من انشقاقات وانتقادات عنيفة واتهامات جارحة انطلقت من داخل الصف الإخواني في حق قيادات الجماعة، ولم يعد لدى الإخوان غير شبكات التواصل الاجتماعي وعدد من المنصات الإعلامية يسعون من خلالها لبث سموم أكاذيبهم وهجومهم المتواصل على من أسقطهم وكشف خداعهم وتصدى لإرهابهم ومن هنا نؤكد على أهمية وضرروة مواصلة التصدي لمكائدهم والرد على زيف أفكارهم وكشف استمرارهم في سلوكهم الانتهازي في الداخل والخارج، وهي مواجهة ومعركة مستمرة نأمل أن يكون برنامجنا أحد أسلحتها، ومن ومن هنا يأتي حرصنا على رصد ومتابعة وكشف أبعاد ودوافع أي فعل أو رد فعل يأتي من طرف الجماعة وحلفائها وأنصارها.
وعرضت أيضا تقريرًا بعنوان “انتهازية الإخوان في التواصل مع اليسار في فرنسا”، موضحة أن فرنسا تضم أكبر عدد من الجاليات المسلمة في أوروبا؛ حيث يُقدر عدد المسلمين الذين يعيشون في المجتمع الفرنسي بحوالي 6 ملايين مسلم، وهو العدد الأكبر بين دول أوروبا والغالبية الساحقة من مسلمي فرنسا هم من دول المغرب العربي ونسبتهم (82%) من مجمل مسلمي فرنسا، وتغلغلت جماعة الإخوان في الجاليات العربية والمسلمة في فرنسا لنشر أفكارهم بين أبنائها وتشكيل قاعدتهم الخاصة واتجه الفرع الإخواني الفرنسي نحو بناء شبكة منظمات وجمعيات وارتباط بالأحزاب السياسية داخل المجتمع الفرنسي تنشط في مختلف النواحي، وكشفت الأجهزة الاستخباراتية عن وجود علاقات بين جماعة الإخوان وبين بعض الأحزاب السياسية في فرنسا، تربط بعضهم البعض مصالح سياسية مشتركة متمثلة في استغلال الإخوان للجاليات الإسلامية وتوظيفها لخدمة أهدافها في المجتمع الفرنسي، وخاصة فيما يتعلق بممارسات السياسية، ونجح بعض قيادت جماعة الإخوان في تكوين علاقات قوية مع بعض رجال السلطة وقادة الرأي والصحافيين الذين خُدعوا في الاخوان وتهيأ لهم أنهم مثالاً جيد للإسلام، واستغل الإخوان في فرنسا الجمعيات المناهضة للعنصرية واخترقوا المجالس البلدية، بالإضافة إلى أنهم طوروا اقتصادات قوية بنشرهم لسوق الحلال الذي يلاقي رواجاً من كل المسلمين في فرنسا، ومن بين الأحزاب التي تستغلها جماعة الإخوان لتنفيذ مخططاتها الحزب الشيوعي الفرنسي، وحزب فرنسا الأبية عن طريق عدد من الجمعيات التي لها علاقات وطيدة مع كل من “الحزب الشيوعي الفرنسي”، وحزب “فرنسا الأبية”، ومنها جمعية “التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا” التي تم حلها عام 2020، وحركة “معاداة العنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب” و“جامعة حقوق الانسان”، وكذلك حزب اليسار الإسلامي الذي يعكس التعاون القائم بين أجنحة من اليسار الراديكالي وجماعات الإسلام السياسي، على اختلاف انتماءاتها بدءاً بالإخوان مروراً بالسلفيين وانتهاء بالجماعات المسلحة
وقالت إن جماعة الإخوان حرصت على تقديم وصياغة خطاب معتدل منفتح عقلاني عند التواصل مع الحكومات والهيئات والقوى السياسية والمجتمعات الأوروبية، خطاب يحترم ويقبل بالتعددية المذهبية والفكرية والسياسية، وهو خطاب مراوغ ومخادع وغير حقيقي يكشف عن انتهازية سياسية واخلاقية نجح الإخوان في تمريرها في أحيان كثيرة لعقول البعض في المجتمعات الأوروبية سواء كان هذ البعض أحزاب أو منظمات مجتمع مدني أو ميديا أو مواطنون بسطاء، البعض قبلها بحسن نية أو لنقص في معارفه وخبرته عن جماعة الإخوان، وهناك من قبلها من باب المصلحة والمنفعة الممتبادلة.
وأضافت أن حالة القيادي الإخواني التونسي راشد الغنوشي وكتاباته وخطابه للمجتمعات الأوروبية والتي أشرنا إليها خير مثال على ازدواجية ومراوغة الخطاب الإخواني الموجه للغرب، كما يحرص الإخوان عند ما يقررون الهجرة أو العيش في بلد أوروبي على تقديم أنفسهم كلاجئين سياسيين، هاربين من اضطهاد وقهر ومحرمون من حرية الرأي والاعتقاد في بلدانهم.
وأوضحت أنه يبقى أمر مهم وهو أن بعض أنظمة وساسة أوروبا وأمريكا وبعض المنظمات الحقوقية تحرص على اسثمار تواجد الإخوان على أراضيهم أو فتح قنوات تواصل معهم أو صياغة تقارير حقوقية موجهة لانتقاص أو انتقاد سيادة أو سياسة الدول التي ترفض الدوران في فلكهم، ويستخدمون الحالة الإخوانية (وبذات الآلية يوظفون حالات وأوضاع الأقليات الدينية والعرقية) لاستخدامها كورقة ضغط لتمرير مصالحهم ورؤاهم وهكذا تلتقي وتتوافق الممارسات الانتهازية وتبادل النفع والمصالحن مؤكدة أن هناك مشهدين يُجسدان بوضوح الانتهازية السياسية للإخوان؛ المشهد الأول بعد تجنيد الإخوان لجمال عبد الناصر وخالد محي الدين وإعلان بيعتهما لحسن البنا؛ قال عبد الناصر للبنا أنه يعرف ضباط أخبروه أنهم أعضاء في الإخوان، كيف يكون ذلك وهم لا يصلون ويشربون الخمر، رد البنا بهدوء نحن نعرف أن سلوكهم سيئ لكننا نقبلهم في صفوفنا لأهمية مناصبهم وأدوارهم في الجيش، والمشهد الثاني عندما طلب خالد محي الدين معرفة البرنامج السياسي والمطلبي للإخوان، رد حسن البنا: شوف برنامج سياسي يعني مع ناس وضد ناس.. يعني كل واحد عاوز جلباب على مقاسه، وأنا أحب جلبيتي تكون واسعة الكل يرتاح فيها.. ويعلق خالد محي الدين قائلا: وكان هذا الاجتماع الأول والأخير الذي حضرناه وقطعنا بعده صلتنا التنظيمية بالإخوان.. والمشهدين دول من مذكرات خالد محي الدين "الآن أتكلم".
من جانبه قال سامح عيد، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، إن التنظيم الخاص لجماعة الإخوان الإرهابية كان ضد الإنجليز، وفي نفس الوقت كان يعمل لصالح الألمان، لأنها كانت القوى الصاعدة المقبلة.
وأضاف "عيد"، خلال لقائه ببرنامج "الضفة الأخرى"، الذي تقدمه الإعلامية داليا عبد الرحيم، المذاع على فضائية “القاهرة الإخبارية”، أن إنشاء تنظيم مسلح لجماعة الإخوان لم يكن أمر سهل، مشيرًا إلى أن دعم الإخوان بالسلاح كانت تقف ورائه ألمانيا.
ولفت إلى أن جماعة الإخوان مجدت الزعيم النازي أدولف هتلر، ووصفته بأنه استطاع أن يطور الشعب الألماني ويُخرج أفضل ما في الشعب، وأرسلت أمين الحسيني لزيارة هتلر، وهذا الأمر مصور في فيديون موضحا أن ألمانيا في عهد أدولف هتلر قامت بإعداد جيش إسلامي داخل الجيش النازي.
وأوضح أن "هتلر" كان لديه نظرية بأن الأصولية الإسلامية هي من ستهزم روسيا، لأنهم سيقاتلون بحماس، خاصة وأن الاتحاد السوفيتي كان يضم الشيشان والكثير من الدول الإسلامية التي كانت معبئة بالكراهية ضد الاتحاد السوفيتي، مشيرًا إلى أن الإخوان نفذوا عمليات ضد الإنجليز لصالح الألمان، وأشاعوا أن هتلر أسلم، وأصبح أسمه الحاج محمد هتلر، مؤكدًا أن الشعب المصري كان داعمًا لفكرة انتصار هتلر ليس حبًا في الألمان، ولكن نكاية في الإنجليز.
وبدوره قال هاني دانيال، الصحفي المتخصص في الشؤون الأوروبية، إن تصويت الإخوان والسلفيين للجبهة الشعبية الجديدة في الانتخابات الفرنسية خطوة قد تكون غريبة للبعض.
وأضاف "دنيال"، خلال لقائه ببرنامج "الضفة الأخرى"، الذي تقدمه الإعلامية داليا عبد الرحيم، المذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية، أن تصويت الإخوان والسلفيين للجبهة الشعبية الجديدة سببه محاولة هذه الجبهة دغدغة مشاعر المسلمين، من خلال الوعد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتعامل مع الأفكار المعادية للمسلمين، أو العمل على تقديم أفكار مختلفة في سياسات الهجرة، ومنع ترحيل الأجانب.
وأوضح أن العوامل سالفة الذكر أدت للتصويت الإخوان لأقصى اليسار على مستوى الانتخابات، ولكن هذا الأمر ليس جديدًا، فخلال الانتخابات الفرنسية الأخيرة رصدت المخابرات الفرنسية عن توجه المسلمين للتصويت لجان لوك ميلنشون مرشح اليسار الراديكالي للرئاسة في فرنسا.
وأشار إلى أن المنظمات الإسلامية المعروفة لم تنحاز لمرشح بعينه في الانتخابات الفرنسية، ودعت الناخبين للتصويت للمرشح الأنسب، موضحًا أن الانتخابات الأخيرة ستكون محل اهتمام من المخابرات الفرنسية ومراكز الأبحاث، لمعرفة سبب دعوة الإخوان للتصويت لصالح للجبهة الشعبية الجديدة.
وأكد أن جماعة الإخوان استخدمت بعض الأفكار التي تدفع مشاعر المسلمين للتصويت لصالح الجبهة، خلاف إصدار بعض البيانات من القيادات المحسوبة على الإخوان مثل هاني رمضان.