عرضت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، تقريرًا بعنوان “جذور الانتهازية السياسية عند حسن البنا”.
وقالت “عبدالرحيم”، خلال تقديمها برنامج “الضفة الأخرى”، المذاع عبر فضائية “القاهرة الإخبارية"، إن جماعة الإخوان ترفع الانتهازية شعارًا لها منذ نشأتها في عام 1928؛ فالمؤسس الأول حسن البنا لم يُعلن نيته خوض غمار السياسة أو ممارسة العنف إلا في المؤتمر الخامس للجماعة في العام 1938، أي بعد 10 سنوات كاملة من النشأة، وكان هدف البنا وقتها جمع عدد كبير من الأتباع والأنصار بعدها لم يكن لديه مشكلة في أن يكشف عن وجه التنظيم الحقيقي، ولذلك أنشأ الجناح العسكري للجماعة في العام 1939، عندما اطمئن لوجود عدد كبير من الأتباع الذين خدعهم بأن التنظيم ما هو عبارة إلا عن جماعة دعوية فاكتشفوا عكس ذلك بعد أن باتوا جزءًا منه، وأقام البنا جسورًا قوية مع القصر والملك في الثلاثينات من القرن الماضي، حتى أنه طالبه أكثر من مرة بخوض الحروب من أجل عودة الخلافة العثمانية وتنصيبه بالخليفة؛ ثم سرعان ما انقلب عليه بعد ذلك، كما انقلب على حزب الوفد لصالح أحزاب وكيانات سياسية صغيرة في ذلك الوقت.
وأضافت أن الإخوان جماعة برجماتية تبحث عن مصالحها السياسية بعيدًا عن القيم والشعارات التي ترفعها ولم يعد لها أصلا في الواقع، فحسن البنا أصل للانتهازية السياسية من خلال سلوكه مع الأحزاب والسلطة السياسية، كما أنه درب قادة التنظيم على هذا السلوك؛ فالإخوان هي الجماعة الأكبر التي تحالفت مع كل الأحزاب السياسية ومع أغلب السياسيين في مختلف العصور، ثم انقلبت عليهم جميعًا عندما شعرت أنها أقوى منهم، أو أنها لم تعد تحتاج إلى التحالف معهم.
وأكدت أن هناك محطات بارزة تُجسد انتهازية الإخوان في عهد حسن البنا، أولها قبول حسن البنا دعمًا ماليًا من السفارة الإنجليزية بالقاهرة، أي من الدولة التي تحتل مصر، وكان المبلغ 500 جنيه ويعتبر مبلغًا كبيرًا في ذلك الوقت، فضلا عن الاقتراح الذي قدمه للسفارة الأمريكية بالقاهرة في عام 1947، مع تنامي التيار اليساري والشيوعي بانشاء مكتب مشترك بين الإخوان والأمريكان لمكافحة الشيوعية، على أن تدفع السفارة الأمريكية رواتب شهرية للإخوان الذين حسب مقترحه سيخصصون وقتهم للقضاء على الشيوعية في مصر، علاوة على أنه في عام 1937 كتب حسن البنا في مجلة الإخوان واصفا الملك فاروق: "الفاروق والمثل الأعلى حامي المصحف.. اختاره الله حاميًا للمصحف ونحن ورائك.. أخلص جنودك"، ونظم حسن البنا استقبالا لمبايعة الملك فاروق مستخدمًا الآلاف من كشافة الإخوان بزيهم الشبه عسكري، وعندما اختلف النحاس باشا زعيم الوفد مع القصر والملك وخرج الشعب المصري يهتف "الشعب مع النحاس" خرجت مظاهرات الإخوان تهتف "الله مع الملك" وأطلقوا عليه فاروق أمير المؤمنين، وعندما هتف طلاب الجامعة "لا للملكية نريدها جمهورية".. هتف طلاب الإخوان “لا رئيس إلا الملك”، وكتب حسن البنا رسالة للملك بعد تصاعد الخلافات بين القصر والأحزاب خاصة حزب الوفد، وطلب منه إلغاء الأحزاب والتعددية السياسية والحزبية ويدعوه للاقتداء بهتلر وموسيليني، لأنهم صادروا الحياة الحزبية وبنوا أممًا عظيمة في ألمانيا وإيطاليا، وعندما تولى إسماعيل صدقي رئاسة الوزراء وقاد حملة اعتقالات ضد المعارضة، خاصة اليسارية أعلن الإخوان دعمهم له وهتفوا له "وأذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد"، وحينما تصاعد إرهاب الإخوان في عام 1947 واغتالوا القاضي الخازندار، ونفذوا تفجيرات في عدد من المحلات العامة وأقسام البوليس ووصل لحسن البنا عزم النقراشي باشا حل جماعة الإخوان في 1948، وأعلن حسن البنا في مكتب وكيل وزارة الداخلية عبد الرحمن عمار بعد أن رفض النقراشي مقابلته أنه نادم على اشتغال الجماعة بالسياسة وأنه يعد النقراشي باشا أن تعود الجماعة كجماعة دينية دعوية، وأنه أي حسن البنا مؤيد للحكومة في كل الأمور، وامتدح النقراشي باشا ووصفه بأنه رجل نزيه حريص على خدمة وطنه وأنه عادل في حكمه في كل الأمور، ولكن النقراشي باشا يصر على حل جماعة الإخوان فيكون قرار جماعة البنا اغتيال النقراشي، وهذه مجرد أمثلة على تاريخ الانتهازية الإخوانية في عهد حسن البنا.