قالت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، إن العرض السابق كشف قواعد وأسس ممارسة الانتهازية السياسية للإخوان وأساليب تلك الممارسات، والسؤال هنا: “هل اعتماد الانتهازية السياسية كأداة حركة وتفاعل مع الواقع حالة خاصة اعتمدها التنظيم الأم الإخوان في مصر”؛ أم هي نهج وسلوك عام اعتمدته كل تنظيمات الإخوان وفروعه؟.
وأضافت “عبدالرحيم”، خلال تقديمها برنامج “الضفة الأخرى”، المذاع عبر فضائية “القاهرة الإخبارية"، أن الإجابة عن هذا السؤال أن اعتماد الانتهازية السياسية كان قاسمًا مشتركًا وله حضوره الدائم في ممارسات الإخوان في كل الفروع والتجمعات في العالم، وأشار العرض لتحالف إخوان سوريا مع نظام الرئيس الأسبق حافظ الأسد ثم المواجهة معه، ويحضرني هنا موقف إخوان الجزائر في بداية تسعينات القرن الماضي جرت في الجزائر انتخابات المحليات، وحقق تحالف التيار الاسلامي بقيادة الإخوان الحصيلة الأكبر من المقاعد في الجولة الأولى من تلك الانتخابات ليطلق قيادي كبير في الجماعة تصريحا شهيرا موجهة كلامه للشعب الجزائري قائلا: هذا آخرعهدكم بالصناديق الزجاجية"، ويقصد صناديق الاقتراع؛ ويقصد بوصولهم للحكم تنتهي الديموقراطية أو بتعبير آخر نعم للديقراطية لمرة واحدة، وتسبب هذا التصريح في إلغاء المرحلة الثانية من الانتخابات وفي دخول الجزائر في العشرية السوداء؛ أي في مرحلة إرهاب جماعات الإسلام السياسي والتي استمرت لمدة 10 سنوات، وماذا عن انتهازية الإخوان في تونس، وأبرز مثال هو راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس والمفكر الإخواني، وفي مرحلة من حياته عاش في المنفى في أوروبا بين باريس ولندن وهناك نشط كلاجئ سياسي واشتهر بمؤلفاته وحوارته مع الأوروبيين وقدم رؤى معتدلة في كتبه ومقابلاته الصحفية وفي ندواته كمحاضر ومفكر إسلامي يدعو للديمقراطية في البلدان الإسلامية ويقبل بالتعددية الحزبية والمذهبية ويعلي من قيم التسامح وقبول الأخر واحترام حقوق الإنسان وناصر الحركات المدافعة عن النساء، ولاقت أفكاره وكتبه رواجًا وقبولًا في أوروبا واعتبره الأوروبيين مفكرًا إسلاميًا تقدميًا ومنفتحًا، وبعد ثورة الياسمين في تونس "أول ثورات الربيع العربي" عاد راشد الغنوشي لتونس ليقود حركة الإخوان وليكشف عن وجه آخر مختلف تمامًا عن وجهه الأوروبي "عاد ليُهدد ويتوعد من يختلف مع الإخوان؛ عاد ليبرر للإرهاب ويرعاه؛ عاد ليهاجم الغرب وقيمه؛ عاد ليهدد نساء تونس السافرات وما زال حتى اللحظة يُعرقل هو وجماعته سعي الشعب التونسي للوصول للاستقرار والقضاء على الإرهاب.
وأوضحت أنه لا يختلف حال إخوان السودان؛ بل يمكننا القول أن الإخوان في السودان قد تفوقوا على جميع إخوانهم في نهج الانتهازية السياسية؛ خاصة تلك التي تمت برعاية وتخطيط قائد ومفكر الإخوان حسن الترابي، ونال الشعب السوداني الكثير من الويلات والمحن خاصة في عهد الرئيس المخلوع حسن البشير والذي دخل معه الإخوان في مسلسل طويل من التحالفات والدعم ينتقل بعدها للعداء والمواجهة لتعود مرحلة من التهدئة والتعاون؛ مرة ينقلب البشير على الإخوان ومرة ينقلب الإخوان على البشير؛ على الرغم من أن حسن البشير كان محسوبًا على الإخوان فكرًا؛ بل وتذهب مصادر سودانية للتأكيد على علاقته التنظيمية بجماعة الإخوان، ولكنها المصالح وتقاطعاتها أي “الانتهازية السياسية”.