عرضت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، تقريرًا بعنوان “الإخوان وسياسة الانتهازية.. الآلية والأغراض”.
وأضافت “عبدالرحيم”، خلال تقديمها برنامج “الضفة الأخرى”، المذاع عبر فضائية “القاهرة الإخبارية"، أن أول هذه الأشياء يتمثل في استغلال الإخوان للدين لتحقيق مكاسب سياسية، حيث استغلت جماعة الإخوان الدين لتحقيق مكاسب سياسية عبر مجموعة من الاستراتيجيات والتكتيكات التي ساعدتها في بناء قاعدة شعبية وتأثير سياسي كبير، ومن بينها تركيز جماعة الإخوان على إنشاء شبكات تعليمية ودينية لتعزيز فهمهم للإسلام وتفسيرهم له بين الجمهور من خلال المدارس والمراكز التعليمية، فعززت الجماعة مبادئها ونشرها بين الأجيال الناشئة، كما استخدمت الجماعة الخطاب الديني للترويج لأجندتها السياسية عبر الخطب والمحاضرات والكتب والمنشورات، وفسر قادة الجماعة النصوص الدينية بطرق تدعم أهدافهم السياسية، مما أعطاهم شرعية دينية في أعين أتباعهم، واستغلت الجماعة الفترات التي تشهد أزمات سياسية أو اقتصادية لتعزيز مكانتها في أوقات الاضطرابات، وقدمت نفسها كبديل للحكومات القائمة، معتمدة على خطاب ديني يعد بالاستقرار والعدالة.
وأوضحت أن ثاني شئ يتمثل في التعاون مع أنظمة الحكم، حيث تعاونت جماعة الإخوان مع الأنظمة الحاكمة في عدة مناسبات لتحقيق مكاسب سياسية، مستفيدة من التحالفات المؤقتة والتنازلات الاستراتيجية على سبيل المثال قدمت جماعة الإخوان تنازلات للأنظمة الحاكمة مقابل السماح لها بممارسة أنشطتها السياسية والدعوية، فمثلا قد تتجنب الجماعة انتقاد الحكومة بشكل مباشر مقابل السماح لها بفتح مراكز تعليمية أو تنظيم فعاليات دينية، وتعاونت جماعة الإخوان مع الأنظمة الحاكمة في مواجهة أعداء مشتركين، سواء كانوا قوى سياسية معارضة أو جماعات مسلحة، وهذا التعاون أتاح لكلا الطرفين تحقيق أهدافهما من خلال توجيه الموارد والجهود نحو القضاء على تهديدات مشتركة، كما عقدت جماعة الإخوان صفقات سرية مع الأنظمة الحاكمة، تتضمن وعودًا بعدم التورط في الأنشطة المعادية للنظام مقابل السماح لها بممارسة أنشطتها الدعوية والاجتماعية، وهناك أمثلة حية على استغلال الجماعة وتعاونها مع بعض الأنظمة؛ ففي عهد الرئيس أنور السادات تم الإفراج عن العديد من أعضاء الإخوان وسُمح لهم بممارسة أنشطتهم الدعوية مقابل دعمهم له ضد القوى اليسارية والقومية، وفي عهد حسني مبارك شهدت الجماعة فترات من التسامح النسبي الذي سمح لها بالمشاركة في الانتخابات والحياة السياسية، أما في سوريا في فترة الستينات تحالفت جماعة الإخوان مع النظام البعثي لفترة قصيرة لمواجهة القوى السياسية الأخرى، قبل أن تنقلب العلاقات إلى مواجهة دامية في الثمانينيات.
وأشارت إلى أن ثالث هذه الأمور يتمثل في تغيير المواقف والمبادئ حسب الظروف، حيث تُعرف جماعة الإخوان بقدرتها على التكيف وتغيير مواقفها ومبادئها حسب الظروف المحيطة بما يخدم مصالحها، وهذه المرونة مكنتها من البقاء والتأثير في مشهد سياسي متغير ومعقد في فترات القمع، قد تتبنى الجماعة خطابًا أكثر اعتدالًا وتركيزًا على المشاركة السياسية السلمية، وفي المقابل في أوقات الفرص السياسية قد تتبنى مواقف أكثر حزمًا لتعزيز أجندتها، وتعتمد الجماعة على تأويلات متعددة في تفسير النصوص الدينية لتبرير تغييرات مواقفها، وهذا التفسير يُمكن أن يتغير لتلبية الاحتياجات والأهداف السياسية للجماعة، وتُغير الجماعة تحالفاتها السياسية حسب الظروف؛ ففي بعض الأحيان تتحالف مع القوى العلمانية أو القومية عندما يكون ذلك مفيدًا، وفي أحيان أخرى تتحالف مع قوى إسلامية أخرى لتعزيز موقعها.
وأكدت أنه بعد ثورة 2011، وسقوط نظام حسني مبارك تحولت جماعة الإخوان إلى قوة سياسية رئيسية وشاركت في الانتخابات، حيث فازت بالرئاسة والبرلمان، ولكن بعد الإطاحة بمحمد مرسي في 2013، عادت الجماعة إلى العمل السري والمواجهة مع النظام الجديد، وكذلك في الأردن تغيرت مواقف جماعة الإخوان حسب الضغوط السياسية والمجتمعية، وفي بعض الفترات تعاونت مع الحكومة، وفي فترات أخرى، اتخذت مواقف معارضة، فضلا عن ممارسة العنف والإرهاب؛ حيث أنه رغم تقديم جماعة الإخوان نفسها كحركة سياسية ودعوية سلمية، تورطت في فترات متعددة من تاريخها في استخدام العنف والإرهاب ضد الدولة المصرية وهناك أمثلة كثيرة على ذلك من بينها اغتيال رئيس الوزراء محمود النقراشي عام (1948)، ومحاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عام (1954)، وبعد الإطاحة بمحمد مرسي في يوليو 2013 تصاعدت أعمال العنف من قبل أنصار جماعة الإخوان مثل الهجمات على مراكز الشرطة والكنائس ودعم الجماعة وتوجيه بعض الجماعات الإرهابية في سيناء، مثل "أنصار بيت المقدس"، والتي نفذت عدة هجمات ضد قوات الجيش والشرطة.