قالت صحيفة (ساوث تشاينا مورنينج بوست) الصينية إن التدريبات العسكرية المشتركة التي أجرتها اليابان مع ثلاث قوى أوروبية ؛ كانت تهدف إلى مواكبة مستوى القوات الجوية اليابانية لمستويات الأسلحة العسكرية الأخرى وتؤكد التزام أوروبا بالحفاظ على منطقة المحيطين الهندي والهادئ المفتوحة والحرة.
وذكرت الصحيفة الصينية - في سياق مقال تحليلي نشرته اليوم /الأحد/ على موقعها الالكتروني - أنه خلال تدريبات اليابان المشتركة مع ألمانيا وإسبانيا وفرنسا، والتي استمرت في الفترة من 19 إلى 24 يوليو الجاري، تم نشر طائرات من الدول الأوروبية الثلاث في اليابان لأول مرة وهو ما يؤكد تزايد التواجد الأمني لأوروبا في المنطقة الاستراتيجية في آسيا والمحيط الهادئ.
وقد انطلقت الطائرات المقاتلة وطائرات النقل الألمانية والإسبانية من قاعدة (شيتوس) الجوية في شمال محافظة هوكايدو اليابانية فيما شاركت الطائرات المقاتلة الفرنسية وناقلات التزود بالوقود من قاعدة هياكوري الجوية شمال شرق طوكيو.
ومن المقرر أن تستمر هذه الموجة من التعاون المتعدد الجنسيات، إذ أعلنت اليابان وإيطاليا عن خططهما لإجراء تدريبات مشتركة للطائرات المقاتلة في الفترة من 2 إلى 10 أغسطس المقبل، وستكون هذه التدريبات المرتقبة هي الأولى التي تتدرب فيها القوات الجوية للبلدين معا.
ويقول المحللون السياسيون إن التدريبات الجوية المشتركة بين اليابان والدول الأوروبية تمثل استعداد أوروبا للمشاركة العسكرية وليس مجرد تقديم الدعم الخطابي.
وقال يويتشيرو ساتو أستاذ دراسات آسيا والمحيط الهادئ في جامعة ريتسوميكان آسيا والمحيط الهادئ في اليابان: إن "قوات الدفاع الذاتي الجوية اليابانية هي السلاح الأكثر محلية في الجيش الياباني، فدورها يقتصر في الغالب على الدفاع عن المجال الجوي الياباني".
وأضاف ساتو:"إن التدريبات القتالية مع الدول أعضاء حلف الناتو ليست رمزية سياسيا فقط بل إنها مفيدة أيضا في رفع مستوى التشغيل البيني بينهم وتحسين القدرات".. مشيرًا إلى أن التدريبات المشتركة من شأنها أن تجعل القوات الجوية اليابانية على أهبة الاستعداد.
ومن جانبه.. وصف دانييل فيوت من مركز الأمن والدبلوماسية والاستراتيجية في بروكسل هذه التدريبات بأنها "رمزية وجوهرية" وأنها تؤكد المشاركة العسكرية المتزايدة لأوروبا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وقال فيوت: "كان هناك شعور بأن اهتمام أوروبا بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ كان بلاغيا إلى حد ما لذا فإن التدريبات الوثيقة مع شركاء مثل اليابان تحقق أهداف تعزيز الشراكات العسكرية الأوروبية وتحسين التشغيل البيني وإرسال رسالة إلى الصين".. مضيفا: "لا يمكن لأوروبا أن تدعي أنها تريد دعم منطقة المحيطين الهندي والهادئ المفتوحة والحرة دون تواجد عسكري".. مستشهدا بتدريبات بحرية مشتركة سابقة.
ووفقا للصحيفة، فقد عملت القوى الأوروبية بشكل مطرد على تعزيز وجودها في المنطقة في السنوات الأخيرة، ففي عام 2021 أبحرت سفينة حربية ألمانية عبر بحر الصين الجنوبي وهو أول انتشار من هذا القبيل منذ ما يقرب من عقدين من الزمان، وهذا العام أرسلت ألمانيا سفينتين حربيتين إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ بينما حددت فرنسا توقف الطائرات في قاعدة جوية فلبينية كجزء من تدريباتها السنوية، ومن المقرر أيضا أن تنشر إيطاليا مجموعة حاملة طائرات في بحر الصين الجنوبي والفلبين.
ويقول المحللون إن هذه التحركات هي رد واضح على تزايد النفوذ العسكري للصين في جميع أنحاء المنطقة والذي أزعج الحلفاء والشركاء الإقليميين للولايات المتحدة.
وأشار دانييل فيوت إلى أن أوروبا وحدها تفتقر إلى القوة اللازمة لمواجهة النفوذ الصيني فإنها تعمل بشكل وثيق مع اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا لبناء بنية أمنية إقليمية أوسع نطاقا قادرة على مواجهة بكين.
ووفقا لتقارير صادرة عن المفوضية الأوروبية، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تطوير المعدات العسكرية بشكل مشترك مع اليابان وكوريا الجنوبية.
وأوضح فيوت أنه منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في عام 2022، فرض حلفاء الولايات المتحدة في آسيا عقوبات اقتصادية ومالية على موسكو في حين قدموا مساعدات مادية ودبلوماسية مباشرة لأوكرانيا، كما قدموا أيضا دعما حاسما لتعزيز الأمن الأوروبي.
وذكر جيمس براون أستاذ العلوم السياسية في جامعة تيمبل في طوكيو أن التدريبات المشتركة تمثل تحولا كبيرا.. قائلا:"إن الحكومة اليابانية أدركت أن الأمن الذي توفره الولايات المتحدة وحدها لم يعد كافيا وسط التوترات الإقليمية المتزايدة، لذلك تسعى طوكيو إلى استكمال التحالف مع الولايات المتحدة -والذي لا يزال ضروريا- بعلاقات أمنية أوثق مع دول أخرى متشبهة في التوجه والتفكير".
ويتضح هذا من اتفاق اليابان وبريطانيا العام الماضي على تعميق التعاون الدفاعي من خلال التدريبات المشتركة ومشروع طائرات مقاتلة من الجيل التالي بالإضافة إلى ذلك تخطط بريطانيا بدءا من العام المقبل لإجراء تدريبات عسكرية منتظمة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ مع اليابان والولايات المتحدة.
وقال براون إن القادة الأوروبيين يدركون أن أمن قارتهم متشابك مع أمن آسيا.