نظمت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، مساء أمس، ضمن فعاليات معرض بورسعيد السابع للكتاب، المقام حاليا تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، ندوة بعنوان «حوار مفتوح مع الكاتب الصحفي والروائي شريف عارف»، أدارها المخرج صلاح الدمرداش.
افتتح الدمرداش اللقاء بالتعريف بالكاتب شريف عارف، وهو من مواليد بورسعيد، يشغل منصب المستشار الإعلامي لحزب الوفد، ومدير معهد الدراسات السياسية بالحزب، وعضو الجمعية التاريخية المصرية؛ وله العديد من المؤلفات التاريخية والوثائقية، وتخصص في الملفات والأبحاث والدراسات؛ ذات الطابع التاريخي الوثائقي، وخاصة تاريخ مصر الحديث.
كما تخصص أيضًا في تسجيل التاريخ الشفاهي لعدد كبير من رموز المجتمع المصري المعاصرين للأحداث.
وبدأ عارف حديثه عن مدى تأثره بالشخصية البورسعيدية، التي تتميز بالحكي وقدرتها على سرد الحكايات، وتأثره بفكرة التوثيق من خلال سماعه للحكايات منذ صغره، لافتا إلى أن الحكايات البورسعيدية تمايزت بين الواقع والخيال بشكل جيد ومتميز؛ خاصة وإن كان الشخص الحكاء من شهود الأحداث، وهو ما يُعرف بالتاريخ الشفاهي للأحداث والوقائع، أي أن تجمع شهادات الأشخاص دون القيام بالتحقيق لها؛ ولأن التاريخ ملك للشعوب وللأمة، فمن ثم الحفاظ عليه هو مهمة قومية وطنية؛ لأن الحفاظ على تاريخ هذا الوطن هو حفاظ على مستقبله؛ مؤكدا أن التاريخ لا يتحدث عن الماضي فقط، بل وعن الحاضر وكذلك المستقبل، والتاريخ هو جزء من وجدان الشعوب.
وعن التاريخ الشفاهي (التاريخ المأخوذ من أفواه الرواه) وأداته التوثيق قال عارف إن التوثيق نوعان: التوثيق المقصود وهو السير الذاتية والكتابة التاريخية المباشرة، وهذا لا يعتمد عليه بشكل كبير؛ ولكن يعتمد على النوع الآخر من التوثيق، وهو التوثيق غير المباشر؛ على سبيل المثال ما يظهر في الصور من أزياء وعمارة وأدوات زينة وغيرها، وهو أكثر مصداقية ولذلك فنحن في حالة كبيرة وثائقية.
وعن كتابه «الثورة الأم – سجل وثائقي لأبرز أحداث ثورة 1919 ونتائجها» أوضح عارف أن ذكرى مرور 100 عام على ثورة 1919 دفعته إلى التفكير في تأليف هذا الكتاب خاصة، وأنه مهتم بجمع الوثائق التاريخية، وقد عرض الفكرة على الدكتور هاني سري الدين؛ سكرتير عام حزب الوفد آنذاك، الذي تحمس للفكرة بشدة خصوصًا بعد مشاهدته لعدد كبير من الصور الوثائقية التي احتفظ بها.
ولفت عارف إلى أنه أبرز الصورة في هذا السجل على حساب الكلمة؛ لتأخذ الجانب الأكبر منه، وأن تلخيص الأحداث السياسية في عدد محدود من الكلمات كان من أكثر الصعوبات التي واجهته.
أما عن كتابه «عبقرية أكتوبر – سجل وثائقي مصور للانتصار العظيم ومراحل الإعداد له» قال إنه قبل ثلاثة عقود؛ تشرف بالعمل محررًا عسكريًا، وفي هذا الكتاب يقدم للقراء نوعًا فريدًا من الكتابة المتخصصة؛ لكنها في ذات الوقت تحمل عمقًا إنسانيًا لعسكرية من أقدم وأعرق العسكريات على مستوى العالم، وخلال هذه السنوات التقى عددًا كبيرًا من قادة النصر وصنّاعه في حوارات مطولة وعميقة، استطاع خلالها أن يسجل شهادات وثائقية صوتية ومكتوبة نقل غالبيتها للقارئ.
وأضاف عارف أنه في السنوات التي سجل فيها هذه الشهادات، كان حريصًا دومًا على الاستئذان من القادة في أخذ نسخ من صور ألبوماتهم الخاصة عن ذكريات حرب أكتوبر المجيدة، ومراحل الإعداد لها، وهي صور نادرة تمثل محطات مهمة؛ ليس في تاريخ وأمجاد القوات المسلحة، بل في تاريخ مصر كله، وبعد سنوات وجد نفسه أمام كم هائل من اللقطات النادرة، التقطتها عدسات مصورين عسكريين داخل مختلف القطاعات والوحدات العسكرية، وهو ما دفعه إلى التخطيط؛ لإعداد هذا السجل المصور الذي لا يمثل تاريخًا كاملًا للحرب، ومراحل الإعداد بقدر ما هو توثيق لأحداث في الحرب المجيدة، من خلال عدسات فريدة تتحدث بآلاف الكلمات.
وتحدث عارف عن روايته الوثائقية «شارع نوبار» التي تدور أحداثها في القرن العشرين حول التنظيم السري لثورة 1919 بالقاهرة، وتتناول الصراعات المجتمعية والسياسية المختلفة السائدة في تلك الفترة.
وحكى عارف كيف خرجت الرواية إلى النور قائلا: إنه أهدى الدكتور محمد المخزنجي كتابه الوثائقي «الإخوان في ملفات البوليس السياسي» وفي لقاء آخر معه فوجئ به ينصحه بأن يتجه إلى كتابة الرواية الوثائقية، وبقيت النصيحة حائرة حتى جاءته مقدمة الفكرة، وظلت تطارده وتلح عليه حتى استسلم لها، وبدأ في جمع المعلومات ثم الكتابة، والغريب في الرواية أن ما يقرب من ثلث أحداث الرواية يدور في بورسعيد.
في نهاية اللقاء دار حوار مفتوح بين الكاتب شريف عارف والجمهور، تحدث خلاله عن العديد من الموضوعات، التي تناولتها كتاباته مثل: المنصات الإعلامية، والتحريض ضد مصر، وصورة جماعة الإخوان الإرهابية بعد مرور أكثر من عشر سنوات على ثورة 30 يونيو.