عُقد بقصر الفنون بساحة دار الأوبرا المصرية بأرض الجزيرة اللقاء الثامن ضمن اللقاءاءات التي ينظمها قطاع الفنون التشكيلية والمصاحبة للدورة الـ44 للمعرض العام، واستضاف اللقاء الفنان التشكيلي حمدي عبد الله إحدى العلامات البارزة في الفن التشكيلي المصري المعاصر الذي امتد عطاؤه الفني كأستاذ للفن بكلية التربية الفنية.
ويعد حمدي عبدالله أحد المحركين الثقافيين المشهود له بالكفاءة والرؤية والأسلوب الفني المتفرد كأحد فرسان فن الرسم والذي انتهجه كوسيط تعبيري في مجمل إنتاجه الفني الذي اتسم بغزارته واستدامته وأصالته استند فيه الفنان على موروث شعبي عميق في دلالته ورمزيته.
واستهل حمدي عبدالله حديثه عن تأثير بيئته المصرية الأصيلة في بولاق أبوالعلا هذا الحي الشعبي المصري العريق المطل على نيل القاهرة وتأثير الأسرة والمكون المجتمعي المحيط به في طفولته وصباه مبرزًا قيمة تسجيله البصري لكل وأدق العناصر والأشكال والعادات السلوكية والنشاط الإنساني من أفراح ومآتم واحتفالات دينية وموالد شعبية لسكان محل إقامته وميلاده.
كما تحدث حمدي عبدالله عن أهمية تربيته الدراسية التي استفزت موهبته وساهمت في تنميتها من حصص الرسم والموسيقى التي أظهرت نبوغ مبكر في الرسم والتلوين، كما ذكر حمدي عبدالله تأثير دراسته الأكاديمية في كلية التربية الفنية ودور أساتذته حمدي شحاته وخميس شحاته ومصطفى الأرناؤوطي في تغذية العقل النقدي والتفكير الإبداعي والتحليلي لديه في منهجه الفني.
وكشف الفنان عن أهم ملمح أسس عليه أسلوبه الفني ومواضيع أعماله في سن مبكرة من الممارسة الإبداعية من خلال دراسته وتحليله ورصده للموتيفات والأشكال التراثية والشعبية بشكل أفقي عند كل الشعوب والحضارات والموروث الإنساني، ما ولد لديه مخزونًا هائلًا من المقاربات الشكلية وتوليد الصور فتحت له المجال واسعًا لينتهج الرسم بشكله البسيط لإنتاج دراسات فلسفية وتعبيرية منظمة وممنهجة في سنوات عطائه الفني الأولى لينطلق دون توقف، حتى الآن، في مشروع فني متفرد لا ينضب ولا يتكرر عالج فيه قضاياه وهمومه وأحلامه وآراءه الفنية.
من جانبه، قال الفنان سامح إسماعيل: “المتأمل لأعمال الفنان حمدي عبد الله ومراحل إنتاجه الفني يجد نفسه أمام منهجية من التعبير والطرح البصري تحمل عمق وخبرة بالغة يصعب تكرارها أو نسخها فبرغم بساطة أدواته التي تعتمد فقط على أقلام الرسم والتحبير على الورق الأبيض، إلا أن التنوع الهادر في توليد الأشكال والعناصر التي تخلق موسوعة في التكوين الفني ومسرحة اللوحة في سرد بصري متدفق في تمكن بالغ ودراية خبيرة بعلاقة الشكل والفراغ والظل والنور، فضلاً عن مداخل سريالية وتعبيرية وتجريدية متناغمة في بناء فني محكم للغاية برأيي الشخصي أعمال الرسم عند الفنان حمدي عبد الله تحتمل تناولها على أكثر من مقام بصري فهي تصلح للتحريك وأعمال التجهيز والفنون المفاهيمية لما تحتويه من فلسفة مفاهيمية تختزل فيها النشاط الإنساني كافة”.