يعد العالم اليوم أكثر ترابطا من أى وقت مضى، حيث تصل شبكات الإنترنت والاتصالات إلى كل ركن من أركان الأرض، مسهلة التواصل والعمل والترفيه فى جميع أنحاء العالم، لكن هذه الشبكات المعقدة، التى تشكل أساس حياتنا اليومية، تصبح عرضة للخطر بشكل متزايد بسبب الخلل التقني.
تشير كلمة «الخلل التقني» إلى انقطاع أو خلل فى الخدمات الإلكترونية، سواء كانت نتيجة هجمات إلكترونية أو أخطاء تقنية أو كوارث طبيعية، حيث يمكن أن يكون لهذه الأحداث عواقب وخيمة على الأفراد والشركات والحكومات، مسببةً خسائر فادحة اقتصاديًا واجتماعيًا.
شهد العالم مؤخرًا "فوضى رقمية" غير مسبوقة، حيث ضرب خلل تقنى عالمى العديد من الدول، معرضا العالم لانهيار رقمي شامل، انهيار تقنى أغرق كوكب الأرض فى الظلام الرقمي، فى سابقة أدت إلى تعطل المطارات وتوقف خدمات شركات والبورصات، فما كان لدى العديد من الناس غير سؤال واحد: كيف يمكن أن يحدث هذا فى عام 2024؟
ثغرة فى التطبيقات تعرض جوانب الحياة للخطر.. والانهيار التقنى يغرق كوكب الأرض فى الظلام الرقمى
وفى حادثة غريبة، أدى خطأ فى تحديث برنامج أمنى صادر عن شركة "كراود سترايك" الأمريكية إلى انتشار الفوضى فى أنظمة الكمبيوتر حول العالم، مما سلط الضوء على هشاشة الاقتصاد العالمى واعتماده على أنظمة الكمبيوتر التى يسيطر عليها عدد قليل من الشركات.
وأدت مشكلة تقنية عالمية إلى تعطيل أنظمة صحية ورحلات جوية فى أنحاء العالم، مما أحدث فوضى فى مطارات عديدة وتسبب فى إرباك لعدد كبير من المؤسسات والشركات.
وأعلنت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية أن شركات طيران كبرى فى الولايات المتحدة أوقفت رحلاتها مؤقتًا بسبب المشكلة، كما أكدت السلطات الإسبانية أن جميع مطارات البلاد واجهت مشكلات تقنية مماثلة.
ودقّت ساعة الصفر مع انقطاع خدمات "مايكروسوفت ٣٦٥" التى تعتمد عليها ملايين الشركات والمؤسسات حول العالم، وسرعان ما تحول هذا الانقطاع إلى كارثة تقنية، حيث تعطلّت أنظمة الاتصالات والبريد الإلكترونى والخدمات السحابية، تاركةً الموظفين عاجزين عن العمل والطلاب عاجزين عن الدراسة.
خبير أمن سيبرانى: معظم الناس يعتقدون أن نهاية العالم ستأتى من خلال سيطرة الذكاء الاصطناعي على محطات الطاقة النووية
وكشف الباحث فى مجال الأمن السيبراني، كوستين رايو، لشبكة CNN أن "الخلل فى التعليمات البرمجية" أدى إلى سلسلة من التفاعلات السلبية فى الأنظمة السحابية المترابطة.
وأشار رايو إلى أن "معظم الناس يعتقدون أن نهاية العالم ستأتى من خلال سيطرة الذكاء الاصطناعى على محطات الطاقة النووية، ولكن الحقيقة هى أن مثل هذه الفوضى قد تحدثها برامج صغيرة فاشلة فى تحديثات غير متوقعة."
وتستخدم برامج الأمن السيبرانى من "كراود سترايك" على نطاق واسع من قبل شركات فورتين ٥٠٠ للكشف عن تهديدات القرصنة وحظرها.
ونتيجة لهذا الخطأ، تعطلت العديد من أجهزة الكمبيوتر التى تعمل بنظام التشغيل ويندوز، أحد أشهر أنظمة التشغيل فى العالم، بسبب تعارض غير متوقع بين تحديث برنامج "كراود سترايك" ونظام ويندوز لشركة "مايكروسوفت".
وتعد "كراود سترايك" من الشركات الرائدة فى مجال الأمن السيبراني، وقد توسعت أعمالها على نطاق واسع حول العالم على مدار عقد من الزمن.
وتبرز هذه الحادثة المخاطر الكبيرة التى تواجهها الشركات والمؤسسات بسبب الاعتماد المتزايد على البرامج والتطبيقات الرقمية، وتسلط الضوء على أهمية الفحص الدقيق للبرامج وتحديثاتها قبل نشرها، خاصةً تلك التى تستخدم على نطاق واسع من قبل العديد من الشركات والحكومات.
ما هى أسباب الخلل التقني ؟
يمكن أن ينجم الخلل التقني العالمى عن مجموعة متنوعة من العوامل، تشمل الآتي:
الهجمات الإلكترونية: تشكل الهجمات الإلكترونية، مثل هجمات رفض الخدمة DDoS، تهديدًا متزايدًا للبنية التحتية الرقمية، حيث يمكنها تعطيل مواقع الويب والخدمات الإلكترونية الأخرى.
أخطاء تقنية: تمكن أن تحدث أخطاء البرمجة أو تصاميم المعدات فشلًا واسع النطاق فى الشبكات الرقمية.
الكوارث الطبيعية: تمكن أن تُؤثر الكوارث الطبيعية، مثل الزلازل والعواصف، بشكل كبير على البنية التحتية الرقمية، مسببةً انقطاعات فى التيار الكهربائى وفشلًا فى المعدات.
الأعمال البشرية: تمكن أن تُؤثر الأعمال البشرية، مثل الحوادث أو الإهمال، بشكل كبير على البنية التحتية الرقمية، مسببةً انقطاعات فى الخدمات.
الاعتماد على مزود واحد: الاعتماد على مزود واحد للإنترنت أو للبنية التحتية الرقمية يمكن أن يجعلها عرضة للخطر بشكل كبير، خاصةً إذا تعرض هذا المزود لخلل أو هجوم.
أبرز أضرار الخلل التقنى فى جميع أنحاء العالم والدول المتضررة
تعد جميع الدول عرضة للخطر من الخلل التقنى العالمي، لكن تعتبر بعض الدول أكثر عرضة من غيرها، بسبب اعتمادها على الإنترنت والتكنولوجيا.
الدول المتضررة من الخلل التقنى العالمي
الولايات المتحدة: تعد الولايات المتحدة من الدول الرائدة فى التكنولوجيا، ومع ذلك تعتبر أيضًا عرضة للخطر من الخلل التقنى العالمى بسبب اعتمادها على الإنترنت والتكنولوجيا.
الصين: تعد الصين من الدول الرائدة فى التكنولوجيا، ومع ذلك تُعتبر أيضًا عرضة للخطر من الخلل التقنى العالمى بسبب اعتمادها على الإنترنت والتكنولوجيا.
اليابان: تعد اليابان من الدول الرائدة فى التكنولوجيا، ومع ذلك تُعتبر أيضًا عرضة للخطر من الخلل التقنى العالمى بسبب اعتمادها على الإنترنت والتكنولوجيا.
كوريا الجنوبية: تعد كوريا الجنوبية من الدول الرائدة فى التكنولوجيا، ومع ذلك تُعتبر أيضًا عرضة للخطر من الخلل التقنى العالمى بسبب اعتمادها على الإنترنت والتكنولوجيا.
ألمانيا: تعد ألمانيا من الدول الرائدة فى التكنولوجيا، ومع ذلك تُعتبر أيضًا عرضة للخطر من الخلل التقنى العالمى بسبب اعتمادها على الإنترنت والتكنولوجيا.
المملكة المتحدة: تعد المملكة المتحدة من الدول الرائدة فى التكنولوجيا، ومع ذلك تُعتبر أيضًا عرضة للخطر من الخلل التقنى العالمى بسبب اعتمادها على الإنترنت والتكنولوجيا.
كما أدت المشكلة العالمية إلى تعطيل أنظمة رئيسية فى مختلف أنحاء العالم، مسببةً اضطرابات واسعة النطاق فى حركة الطيران، الخدمات المالية، الرعاية الصحية والمؤسسات الحكومية.
فقد شهدت مراكز المطارات فى مختلف أنحاء العالم، من برلين إلى دلهي، تأخيرات وإلغاءات للرحلات، مما أدى إلى تراكم الركاب فى وقت ذروة موسم السفر. أفادت شركة FlightAware بأن أكثر من ٢١ ألف رحلة جوية تأثرت على مستوى العالم، ومن المتوقع استمرار اضطرابات السفر فى الأيام المقبلة.
كما واجهت مؤسسات مالية كبرى، مثل JPMorgan Chase & Co وNomura Holdings Inc وBank of America Corp، مشكلات فى أنظمة التكنولوجيا الخاصة بها، مما أدى إلى اعتمادها على أنظمة النسخ الاحتياطي. كما واجه مكتب التداول فى شركة Haitong Securities Co تعطيلًا استمر لمدة ثلاث ساعات.
ولم تكن الخدمات الصحية محصنة ضد الاضطرابات التقنية. فلم يتمكن الأطباء فى الخدمة الصحية الوطنية فى المملكة المتحدة من الوصول إلى عمليات الفحص واختبارات الدم وتاريخ المريض، كما حذر مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان فى نيويورك ومركز ماس جنرال بريجهام ومقره بوسطن من أن مشكلة CrowdStrike تؤثر على رعاية المرضى، وأفادت المستشفيات فى أوروبا بأنها اضطرت إلى إغلاق العيادات وإلغاء الإجراءات.
واجهت الوكالات الفيدرالية الأمريكية مشكلات مشابهة، فقد تم الترحيب بالموظفين فى مكتب التحقيقات الفيدرالى ووزارة العدل صباح يوم الجمعة بشاشة خطأ فى نظام التشغيل Windows - يُطلق عليها اسم شاشة الموت الزرقاء.
تظهر هذه الحادثة الخطيرة الاعتماد الكبير على البنية التحتية الرقمية فى جميع أنحاء العالم، وكيف يمكن أن يؤثر عطل واحد على مئات الملايين من الأشخاص حول العالم، مما يؤثر على حياتهم اليومية وحركة الأعمال.
وتُثير هذه الأحداث مخاوف جديدة حول هشاشة العالم المتصل وضرورة تطوير استراتيجيات أكثر فاعلية لمواجهة مثل هذه التحديات الرقمية.
مدى تأثير الخلل التقنى العالمي
الاقتصاد: يمكن أن تسبب انقطاعات الخدمات الإلكترونية خسائر اقتصادية فادحة للشركات والأفراد، من خلال تعطيل العمليات التجارية، وتوقف الخدمات المالية، واختلال سلاسل الإمداد.
الخدمات العامة: تمكن أن تؤثر انقطاعات الخدمات الإلكترونية بشكل كبير على الخدمات العامة، مثل المستشفيات والمدارس والوكالات الحكومية، مسببةً اضطرابات فى الحياة اليومية.
الأمن: يمكن أن يؤثر الخلل التقنى العالمى على الأمن القومي، من خلال إعاقة قدرة الحكومات على التواصل وتبادل المعلومات، ويمكن أن تُستخدم انقطاعات الخدمات الإلكترونية كأداة لإحداث الفوضى والاضطرابات.
الثقافة: تُمكن أن تُؤثر انقطاعات الخدمات الإلكترونية على الثقافة والتواصل الاجتماعي، من خلال تعطيل وسائل التواصل الاجتماعى والترفيه الرقمي.
أمثلة على الخلل التقني العالمي
انقطاع الإنترنت فى الولايات المتحدة عام ٢٠١٧: أدى انقطاع الإنترنت فى الولايات المتحدة عام ٢٠١٧ إلى تعطيل مواقع الويب والخدمات الإلكترونية على نطاق واسع، مسببا خسائر فادحة للعديد من الشركات.
هجوم رانسوم وير WannaCry عام ٢٠١٧: أثر هجوم رانسوم وير WannaCry بشكل كبير على العديد من الشركات والمؤسسات حول العالم، مُسبّبًا تعطيل أنظمة الكمبيوتر وتوقف الخدمات الإلكترونية.
هجمات رانسوم وير NotPetya عام ٢٠١٧: تسبب هجوم رانسوم وير NotPetya فى خسائر اقتصادية كبيرة للشركات فى جميع أنحاء العالم، مُسبّبًا تعطيل عمليات التشغيل الأساسية وتوقف الخدمات الإلكترونية.
انقطاع الإنترنت فى الصين عام ٢٠٢٣: تسبب انقطاع الإنترنت فى الصين عام ٢٠٢٣ فى تعطيل الخدمات الإلكترونية على نطاق واسع، مُسبّبًا اضطرابات فى التواصل والعمل فى جميع أنحاء البلد.
مخاطر الخلل التقنى العالمي
الانهيار الاقتصادي: يمكن أن يؤدى الخلل التقنى العالمى إلى انهيار اقتصادي، من خلال تعطيل العمليات التجارية وتوقف الخدمات المالية.
الفوضى والاضطرابات: يمكن أن يؤدى الخلل التقنى العالمى إلى الفوضى والاضطرابات، من خلال تعطيل الخدمات العامة وإعاقة قدرة الحكومات على التواصل وتبادل المعلومات.
الحروب الإلكترونية: يمكن أن يؤدى الخلل التقنى العالمى إلى الحروب الإلكترونية، من خلال استخدام الهجمات الإلكترونية كأداة لإحداث الفوضى والاضطرابات.
الاضطرابات الاجتماعية: يمكن أن يؤدى الخلل التقنى العالمى إلى اضطرابات اجتماعية، من خلال تعطيل وسائل التواصل الاجتماعى والترفيه الرقمي.
الاستراتيجيات لمواجهة مخاطر الخلل التقنى العالمي
تعزيز الأمن السيبراني: يمكن تعزيز الأمن السيبرانى من خلال تحديث أنظمة الأمان ومكافحة الهجمات الإلكترونية.
التنوع والتشتت: يمكن تقليل الاعتماد على مزود واحد للإنترنت أو للخدمات الإلكترونية من خلال التنوع والتشتت.
التوعية: يُمكن زيادة التوعية بالخلل التقنى العالمى من خلال التثقيف والتدريب على الاستعداد للأحداث غير المتوقعة.
التعاون الدولي: يمكن تحسين التعاون الدولى لمواجهة التهديدات السبرانية والتقليل من تأثير الخلل التقنى العالمي.
الاستثمار فى البنية التحتية: يمكن زيادة الاستثمار فى البنية التحتية للإنترنت والتكنولوجيا لجعلها أكثر مُقاومة للخلل والتعطيل.
يعد الخلل التقنى العالمى تهديدًا جديًا للعالم اليوم، ويمكن أن يُؤثر بشكل كبير على الاقتصاد والأمن والثقافة.
يمكن تقليل مخاطر الخلل التقنى العالمى من خلال تطبيق استراتيجيات مثل تعزيز الأمن السبرانى والتنوع والتوعية والتعاون الدولي، حتى يصبح العالم أكثر ترابطا، ويعد الاستعداد للخلل التقنى العالمى ضروريًا لحماية الحياة والاقتصاد والمجتمع من التأثيرات المدمرة له.
أكبر الدول المتضررة
1 - الولايات المتحدة
2 - الصين
3 - الهند
4 - بريطانيا
5 - ألمانيا
6 - ايطاليا
7 - كندا
8 - سنغافورة