قال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، إن صناعة الأسمدة والمغذيات الزراعية تلعب دورا حيويا وأساسيًا في منظومة الزراعة، حيث تغذي التربة وتحسن جودتها، وزيادة إنتاجية المحاصيل بما يساهم في تلبية الاحتياجات المتزايدة لسكان العالم وتحقيق الأمن الغذائي والمساعدة في تقليل عدد الجياع حول العالم، والذي وصل لأكثر من 750 مليون جائع، خاصة وأن تقارير البنك الدولي الأخيرة، أشارت إلى أن الحصول على الأسمدة هي إحدى العقبات الرئيسية أمام تعزيز إنتاج الغذاء في العديد من البلدان خاصة المجتمعات النامية و الاقتصادات الناشئة.
وأضاف السيد في تصريحات خاصة للبوابة نيوز، أن صناعة الأسمدة في مصر تعد من أقدم الصناعات القائمة على استخدام الخامات المحلية، حيث بدأت هذه الصناعة عام 1933 بإنتاج الأسمدة الفوسفاتية باستخدام خام الفوسفات من مناجم جنوب الصحراء الشرقية، كما بدأت صناعة الأسمدة النيتروجينية عام 1948 بالسويس باستخدام خام "النافتا" كأحد مشتقات تكرير البترول.
ويعول على صناعة الأسمدة كركيزة أساسية في الزراعة، وقد تطورت في السنوات الأخيرة، لتعويض العجز وتحقق فوائض تصديرية وفوائد يمكن التماسها.
وأضاف، أن صناعة الأسمدة تعد إحدى الصناعات الاستراتيجية المهمة في مصر، لأهميتها المتعلقة بالزراعة، بالإضافة إلى عائداتها التصديرية الدولارية، مؤكدًا أن الدولة المصرية وضعت خطة لدعم صناعة الأسمدة في عام 2015 من خلال إقامة عدة مصانع جديدة وتطوير المصانع القديمة والمتقادمة وإتمام الإحلال لتجديدها، لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية ورفع طاقتها الإنتاجية وتوفير المرافق والخدمات والمواد الخام اللازمة لهذه الصناعة.
وأوضح، أنه كلما زاد الطلب على الغذاء يتطلب نمو صناعة الأسمدة المعدنية والمغذيات باعتبارها اللاعب الرئيسي في تعظيم كفاءة الموارد الطبيعية الزراعية في ظل المحدودية الشديدة لهذه الموارد، بما يدعم محاور التوسع الرأسي كما أنها تعتبر من أهم المحددات للتوسع في استصلاح الأراضي.
ولفت إلى أن مصر قامت بتدشين مصانع جديدة فى دمياط والسخنة وأسوان ساهمت في الوصول بالصادرات لـ3.4 مليار دولار عام 2023، وستصل لنحو 4 مليارات دولار بنهاية هذا العام الجارِ، ما يمثل ضعف صادرات عام 2021.
وقال السيد، إن مصر تحظى بمكانة رائدة في مجال صناعة الأسمدة حيث تعد مصدرًا رئيسيًا للأسمدة على الصعيدين المحلي والدولي إذا تجاوزت صادرات الأسمدة المصرية نحو 6 مليار دولار في عام 2023 وأصبحت مصر في المركز الرابع عالميًا ضمن الدول المصدرة لسماد اليوريا.
وأوضح أن مصر جاءت في المركز الأول عربيًا والخامس عالميًا بين كبرى الدول المنتجة لسماد اليوريا بكمية تصل إلى أكثر من 7.6 مليون طن سنويًا، وفي طريقها لتكون منتجًا رئيسيًا للأسمدة الفوسفاتية بإنتاج حوالي أكثر من 12 مليون طن، عبارة عن حوالي 8 ملايين طن نيتروجينية، و 4 ملايين طن فوسفاتية، كما أن مصر تحتل المركز الثاني عربيًا والثالث عالميًا في احتياطيات خام صخور الفوسفات ً بكميات تصل إلى حوالي اكثر من 7 مليون طن.
ونجحت مصر فى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسمدة المختلفة، وتصدير نصف إنتاجها تقريبا للخارج حيث يتم إنتاج نحو 19 مليون طن أسمدة متنوعة ويتم توجيهها للأسواق المحلية بما يتواكب مع زيادة الرقعة الزراعية سواء فى الدلتا الجديدة أو في سيناء وغيرها من مناطق الزراعة التي تستهدفها الدولة، لزيادة الرقعة الزراعية.
ولفت أن خطة الدولة تستهدف استصلاح نحو 3.5 مليون فدان من شأنها أن تصل بالرقعة الزراعية فى مصر إلى 12.5 مليون فدان بزيادة قدرها 30% عن الرقعة الزراعية الحالية، بما يساعد على تحقيق اكبر قدر من الاكتفاء الذاتى من الحاصلات الزراعية وإتاحة فائض أكبر فى الانتاج للتصدير حيث إن المستهدف صادرات بنحو 10 مليارات دولار خلال عامين فى اطار خطة زيادة الصادرات لـ100 مليار دولار سنويا.
وقد احتلت مصر المرتبة السابعة عالميًا في صادرات الأسمدة لتسبق العديد من الدول بأوروبا وشرق آسيا، مستفيدة من الأزمة الروسية الأوكرانية خاصة أن الدولتين تحتلان مرتبة عالية فى صادرات الأسمدة، حيث ساهم ذلك فى دخول مصر لأسواق جديدة كدول الاتحاد الأوروبى بديلا للمنتج الروسي.
وأشار إلى أن الطلب المتزايد على الأسمدة، نتيجة للنمو السكاني المصري والعالمي والتوسع الزراعي، يشكل تحديًا هامًا يتطلب منا زياده عدد المصانع وفتح الباب أمام القطاع الخاص وتشجيعه للدخول في هذه الصناعة المريحة، حيث من المتوقع أن يزداد الطلب على الأسمدة بنسبة 50% بحلول عام 2050، ولذلك فإن التعاون والتنسيق بين الحكومه وبين الصناع والمهتمين بهذا القطاع يعد أمرًا ضروريا لتحقيق توازن العرض والطلب وتلبية الاحتياجات حفاظا وتعزيزا للقطاع الزراعي واستدامة إنتاجيته، وهناك فرص عديدة للاستثمار لا تزال متاحة أمام الشركاء المحليين والأجانب، في إطار التوجه العام والذي عبرت عنه وثيقة سياسة ملكية الدولة.
وأضاف، أن أسعار الأسمدة زادت بشكل كبير عالميا وفي مصر أيضًا، ويرجع ارتفاع أسعار الأسمدة في مصر لتحرير سعر الصرف في مارس الماضي، وزيادة تكلفة التمويل، وكذا زيادة تكلفة الإنتاج، مما أدى إلى زيادة الأسعار بنسبه تزيد عن 50 ٪ ،ونحتاج إلى فتح الباب أمام القطاع الخاص لزيادة الإنتاج.