الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوادث وقضايا

المهمة المستحيلة.. هل تبوح الجثث بالأسرار؟.. مسرح الجريمة "الشاهد الصامت"

ارشيفية
ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الخبراء  يتوصلون للأدلة القاطعة عن طريق استنطاق “الشاهد الصامت” 

رحلة  الطب الشرعي والمباحث الجنائية لفك طلاسم وشفرات الجرائم المعقدة

طبيب شرعي: “الجثث المحروقة الأصعب” .. الطحاوي:  التقنيات الحديثة وكاميرات المراقبة “عصا موسى السحرية لفريق البحث”

  

منذ بدء الخليقة والجريمة موجودة في عالمنا وهي جزء من المجتمعات في كل عصر وزمان، وعلى الرغم من تطور شكلها وأساليبها مع مرور الوقت ومع التقدم التكنولوجي والتغيرات الاجتماعية، لكن العامل المشترك هو وجود دافع أساسي لأي جريمة، فهناك  ثمة جرائم تتحدى قدرات المحققين الجنائيين، خاصة عندما يتعلق الأمر بجرائم القتل التي مضى عليها وقت طويل، في هذه الحالات، تتحول الجثة إلى حالة من التعفن والتشوه بفعل عوامل التحلل، مما يجعل مهمة الكشف عن هوية الضحية والظروف المحيطة بالجريمة أكثر تعقيداً.

يتطلب التحقيق في هذه الجرائم صبراً ومهارة عالية، حيث يجب على المحققين تحليل الأدلة الجنائية المتبقية بحذر. قد يستخدمون تقنيات حديثة مثل تحليل الحمض النووي، والتصوير الشعاعي، وأحياناً التعاون مع علماء الأنثروبولوجيا لتحديد ملامح الضحية وأسباب الوفاة.

ورغم التقدم العلمي الكبير في مجال الطب الشرعي، إلا أن فك طلاسم الجثث يحتاج إلى تعامل مهني دقيق وإجراءات تدريجية للوصول إلى نتائج نهائية فعالة للتعرف على هوية الجثة وصاحبها، ولا سيما مع حالات الحرق أو الجثث التي يتم دفنها لفترات طويلة أو حتى الجثث التي تستمر لعدة أيام في المياه ويطالها تشوه الملامح وتغيرها

الأمر يحتاج إلى مجهود كبير وبحث دقيق لتسهيل مهمة رجال البحث الجنائي في كشف لوغاريتمات الجرائم، وهذا لن يحدث بدون التعرف على هوية الجثة ومعرفة طريقة القتل والأدوات المستخدمة في الجريمة وزاوية الطعن أو الضرب وغيرها من الأدوات التي تكشف غموض تلك الجرائم

ولكن دائما وأبداً الجريمة لا تموت، فمهما بلغت مهارة المُجرم ومدى حرصه على إخفاء معالم جريمته لابد أن يترك أثرا في مسرح الحادث ولو كان دقيقاً وهذه هي القاعدة دائماً..

حول الجرائم وأدلة ثبوتها والكشف عن ألغازها التقت “البوابة” الدكتور صلاح الطحاوي أستاذ القانون الدولي وعددا من خبراء الطب الشرعي. 

طرق مختلفة 

قال الدكتور «صلاح الطحاوي» أستاذ القانون الدولي، إن جرائم القتل من أكثر القضايا المعقدة والتي قد تحتاج لأسابيع وشهور لكشف لغز مرتكب الجريمة والأداة المستخدمة والطريقة التي ارتكبت بها الجريمة.

وأوضح الطحاوي خلال تصريح خاص لـ ''البوابة نيوز'' أن جرائم القتل تختلف درجاتها باختلاف طريقة ارتكابها، فمثلا الطعن يختلف عن الخنق أو إطلاق النار وغيرها من الطرق الأخرى ولكن تظل الجريمة واحدة والنتيجة واحدة وهي التوصيف النهائي بأنها جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد.

 الاعتراف سيد الأدلة

ونوه “أستاذ القانون الدولي” إلى أن هناك العديد من الوسائل التقليدية في اكتشاف الجرائم مثل “الاعتراف” وهو إقرار المتهم على نفسه بارتكاب واقعة معينة، مضيفاً أنه لابد أن يكون صادرا عن إرادة حرة واعية، وألا يكون ناتجا عن إكراه مادي أو معنوي، وتأخذ النيابة بالاعتراف كدليل قوي، حيث عُرف أن الاعتراف سيد الأدلة الجنائية، وفي النهاية يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة.

أما “الشهادة” فهي رؤية بعض الأشخاص للواقعة عن طريق النظر أو السمع أو الإدراك بإحدى الحواس، والشاهد لابد أن يبلغ 14 عاما على الأقل حتى يعتد بشهادته، ويكون مميزا  للأمور، ثم يحلف اليمين ويلتزم بسرد الحقيقة بدون أى إضافات.


البحث الجنائي وفلك اللوغاريتمات 

وأكد “ الطحاوي” أن العاتق الأكبر في بعض الجرائم الغامضة يقع على رجال البحث الجنائي والطب الشرعي في تحديد هوية مرتكب الجريمة وطريقة القتل، مضيفا أن هناك العشرات من الجرائم التي تمثل لوغاريتمات صعبة للغاية بسبب احتراف بعض المجرمين في تنفيذ جرائمهم، أو لمرور فترة زمنية طويلة على ارتكاب الجريمة أو دفنها في باطن الأرض وتحللها، وهي أمور تصعب كثيرا من مأمورية رجال البحث الجنائي.

كاميرات المراقبة عصا موسى السحرية 

وأشار الخبير القانوني، إلى أن هناك العديد من الأدوات التي يستخدمها رجال البحث الجنائي لكشف غموض بعض الجرائم أولها يتمثل في كاميرات المراقبة والتي أصبحت منتشرة في السنوات الأخيرة في كل المحال التجارية والمنازل والشوارع والميادين والتي سهلت كثيرًا من عمل رجال البحث الجنائي وساعدتهم في كشف العديد من القضايا بالصوت والصورة، فهي تعد بمثابة عصا موسى السحرية لرجال الأمن، ولذلك تصدر النيابة أمراً بتفريغ الكاميرات وهو أصبح إجراء روتينيا في كل الحالات، للتعرف على هوية المشتبه بهم وتحديد هويتهم وبالتالي تعقبهم وسرعة القبض عليهم للتحقيق معهم.

مسرح الجريمة.. الشاهد الصامت 

أضاف: كما أن مسرح الجريمة ويطلق عليها “الشاهد الصامت” لاحتوائه على الآثار المادية والأدلة الجنائية، على ارتكاب الجريمة، مثل جثة القتيل، وبصمات الأصابع، وبقع الدماء، والأسلحة، والحبال، وقطع قماش الملطخة بالدماء، وقطعة الزجاج المكسورة، وأعقاب السجائر والطفايات، والألياف، وبصيلات الشعر الموجودة، والأحذية، والأشياء الموجودة في سلة المهملات، والأدوية، وغيرها.

مستودع أسرار 

ويمثل مسرح الجريمة المكان الذي يحوي كل الأدلة التي تدين المتهم أو تبرؤه، وكل تفصيلة فيه يكون لها دور في كشف غموض الواقعة سواء كانت متمثلة في البصمات أو الأدوات المستخدمة في الجريمة أو غيرها من الأشياء التي تفيد في تعقب الجناة.. ولذلك فدائما نقول إن مسرح الجريمة رغم غموضه في كثير من الأحيان إلا أنه بمثابة مستودع أسرار رجال البحث الجنائي.

ليست هناك جريمة

وينقسم مسرح الجريمة إلى المكان محل الواقعة المرتكبة، والضحية: وهي جثة المجني عليه ويستدل منها على سبب الوفاة سواء كانت طبيعية أو جنائية أو حتى انتحارية، من خلال وضعية الجثة نفسها في مسرح الجريمة، وأخيراً الجاني أو مرتكب الجريمة والقاعدة العامة دائما تقول : ليست هناك جريمة تامة أو كاملة، ولذلك دائما يترك الجاني آثار وقرائن تشير إليه سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كما أنها توضح أيضاً هل الجريمة ارتكبت عمداً أم غير متعمدة وبواعث ارتكابها وكلها أمور تساعد في سير التحقيقات وبالتالي العقوبة القانونية المقررة والتي تختلف من جريمة لأخرى.

البصمات

وتطرق الخبير القانوني لنوع آخر من العوامل المساعدة لرجال البحث الجنائي وهو البصمة والتي تعد أحد أهم الأدلة الجنائية التي تساعد في الكشف عن هوية مرتكبي الجرائم والكشف عن هويتهم ولذلك فهي تعد أول خيط لرجال الشرطة لتعقب الجناة.

ويتوجب علي كل من يصل إلى مسرح الجريمة عدم لمس أى شيء أو تحريكه من مكانه حرصا على سير التحقيقات بشكل سليم، كما ينبغي أيضا الحفاظ على البصمات من الأتربة والرطوبة، لأنها تتكون بالأساس نتيجة عند لمس الأسطح الناعمة سواء خشبية أو معدنية، نتيجة تكون طبقة على اليدين مليئة بالأحماض الأمينية التي تفرزها الغدد العرقية من الجسم، وبعد ذلك يحدث انطباع للخطوط الموجودة براحة اليد أو الكوع أو حتى المرفق، وقد تكون الأصابع أو القدم أو صوان الأذن مؤكداً أن ذلك لا ينطبق على الأسطح الخشنة بل على الأسطح الناعمة فقط.

وتابع: البصمة تكشف أيضاً ما إذا كان الجاني مصابا بمرض جلدي وخصوصاً التي تؤثر على الخطوط الحلمية المكونة للبصمة، مضيفاً أنها قد تفسد إذا تعرضت للهواء أو الأتربة أو الندى، كما أنها عند مسحها أيضاً تفسد أو في حالة وضع بصمة فوق بصمة فإنها تتشوه وتتغير، أما إذا تم حفظها داخل مكان مغلق ولا يحتوي على أتربة فإنها قد تستمر لشهرين .

التصوير الجنائي

وأردف التصوير الجنائي يعني التصوير الفوتوغرافي للأدلة الجنائية، وهو الركيزة الأساسية للمحقق الجنائي، لأنها تساعده في إثبات حالة مسرح الجريمة، ووسيلة للمقارنة بين تلك الأدلة والبصمات المتواجدة بمسرح الجريمة، كما أنه يتم بتصوير الجثث والإصابات باستخدام الإضاءة متعددة الأطوال الموجية.

ويجب مراعاة اختيار الزاوية والموقع المناسب لكل صورة سواء كانت اللقطة عامة لمسرح الجريمة أو للأثر أو للجرح والابتعاد عن الزوايا والمواقع التي لا تظهر الأثر أو الإصابة على حقيقته.

التحريات.. سرية تامة 

أما التحريات فتعني جمع البيانات والمعلومات، عن طريق الاستعانة بأشخاص غير معروفين، وهي إجراءات استقصائية تتم في سرية تامة، وتعد من الأعمال المشروعة حيث يقوم مأمور الضبط القضائي بتجنيد مصدره السري لمباشرة التحري داخل زي غير رسمي، للتوصل إلي الحقيقة، ومهمتهم الأساسية تتلخص في مراقبة الأشخاص المشتبه بهم في ارتكاب الواقعة، للوصول إلى الجاني.


الحمض النووي DNA

واستكمل الطحاوي، الحمض النووي DNA من أهم العوامل التي تساعد وتسهل مهمة رجال الشرطة والبحث الجنائي، وهذا يتم عن طريق الفحص الجنائى للجثث مجهولة الهوية ويتم عن طريق أخذ عينة منها وتحليل الحامض النووى لها مع أخذ عينة من ذوى المفقودين ومضاهاتها والتعرف على هويتها.

وطريقة استخدام البصمة الوراثية تبدأ بفحص شعر رأس أو لعاب الضحية على أدوات الجريمة الموجودة بمسرح الجريمة، وبعدها يتم تحديد هوية صاحبها وتحديد نوعه سواء كان ذكراً أم أنثى أو حتى صلة القرابة بينه وبين المجني عليه وربما سبب تواجده بمكان وقوع الجريمة.

الدلائل الملموسة والخفية

وتطرق الطحاوي للحديث هو الدليل المادي في مسرح الجريمة وقال: مسرح الجريمة هو المحور الأساسي لرجال البحث الجنائي كما تحدثنا من قبل وبالتالي فالاهتمام بكل تفصيلة به تكون أحد أسباب فك شفرة وغموض الجريمة وتحديد الجاني، ولذلك فالأدلة هي المرشد والموجه الأول لحل اللغز، ولذلك فالدليل المادي أى الملموس هو أول الحلول وقد تكون تلك الدلائل ظاهرة أى يمكن رؤيتها بالعين المجردة مثل أداة الجريمة المستخدمة أو وجود شيء في مسرح الجريمة، أما النوع الثاني فهو دليل خفي أى لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، ويلجأ رجال البحث الجنائي للاستعانة بالوسائل الفنية والكيميائية لإظهاره.

آثار الدماء

ومن أمثلة الدلائل المادية الملموسة آثار الدماء على جثة المجني عليه ويقوم الطب الشرعي بفحص فصيلة الدم وبصمة الحامض النووي DNA وهذا دليل إدانة قوي أو حتى لنفى التهمة عن أحد المشتبه بهم، فضلاً عن الجروح بالجثة ويتم فحصها وهي تكشف نوعية الأداة المستخدمة، وضبطها بحوزة المتهم هو دليل مادى ضده.

عينات تؤخذ من الجثث

وكشف الطحاوي، عن الأشياء التي تؤخذ من الجثة وقال الجثمان يتم معاينته جيداً والتأكد من أن المجني عليه فارق الحياة ثم يتم أخذ عينات دم وبعض بصيلات الشعر، وأيضا يتم عمل مسحة شرجية، ومسحة مهبل للسيدات وتؤخذ بمعرفة الطبيب العدلي أى الطبيب الشرعي ولكنه سمى بهذا الاسم لارتباطه بوزارة العدل.

مسحة فمية

وأكمل تؤخذ أيضاً مسحة فمية من الفم، وتؤخذ عينة للأظافر، ويتم معاينة ملابسه وحذائه، ثم بعد ذلك يتم تحليل محتويات المعدة والكيد والطحال والرئة، فضلاً عن عينة من بول المثانة.. وكل هذا يفيد لمعرفة حالات الوفاة الغامضة والتي تحوم الشكوك حول وفاتها بالسم.

 الطب الشرعي 

وبصدد مصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل ودورها الذي يعتبر جزءا مهما لا يتجزأ في كشف الجرائم، تواصلت “البوابة” مع أحد خبراء الطب الشرعي، وقال إن هناك عوامل يعتمد عليها الأطباء الشرعيون قبل تشريح الجثة، مثل درجة حرارتها ومدى صلابتها، وهذا يفيد في معرفة وقت ارتكاب الجريمة لأن الجثة تتصلب بعد الوفاة بفترة تتراوح من نصف ساعة إلى 3 ساعات بسبب فقدان تدفق الدم والأكسجين، ويبدأ التصلب في الجفنين ثم الفكين وبعدها ينتشر إلى بقية أطراف الجثة.

تحديد وقت الوفاة 

والخطوة التالية تتمثل في ترسب الدم في الأسفل وهي عادة تحدث بعد مضي 6 ساعات من الوفاة ويتغير لون الجثة لتصبح وردية في جهة تجمع الدم أى بالأسفل، كما أن تفريغ محتويات المعدة من الممكن أن تحدد وقت الوفاة .

 تيبس الموت
 

أشار الطبيب الشرعي، إلى أن مرحلة تيبس الموت هي مرحلة ترتخي فيها العضلات بالجسم كله وتتيبس، بسبب التفاعلات التي تطرأ على بروتينات العضلات بعد مرور 4 ساعات على الوفاة وتستمر هكذا لمدة 3 أيام، وترتخي من جديد بعد أن تكون الأنزيمات قد قامت بمهمتها في تكسير البروتينات بالكامل وفصلت بينها، ومن الأمور التي تساعدها ارتفاع درجات الحرارة.

معرفة طريقة الوفاة.. العينان ولون البشرة

ويلجأ الأطباء الشرعيون أيضاً إلى العينين ولون البشرة لتحديد طريقة الوفاة وتوقيت رحيلها عن الحياة، لأنه يتشكل غشاء فوق العين بعد 3 ساعات من الموت، وتصبح المقلتان مختلفتين بسبب قلة ضغط السائل وراء العين، أما لون الجثة فهو من العلامات المهمة للأطباء الشرعيين لأنه يتغير بعد الوفاة بيومين حيث تبدأ البكتيريا بالتكاثر أسفل المعدة، وتنتشر حتى تصل للبشرة ويتحول لونها للأخضر وتنتشر في الأطراف أيضاً، وبعد 4 أيام من الوفاة يتغير لون البشرة لما يشبه الرخام لأن العروق والأوردة تصبح أقرب للسطح ولهذا يسهل رؤيتها بشكل أوضح.

 

الرسوب الدموي 

أكد خبير الطب الشرعي، أن هناك عوامل يمكن من خلالها معرفة سبب وفاة الجثث المتعفنة وظروف الوفاة مثل برودة الجسم، والرسوب الدموي، والتيبس الرمي أى تصلب العضلات، والتعفن، والتدويد، والتحنيط الطبيعي، التصبن أو التشمع ويقصد به ازدياد ثقل الجثة وأخذها ملمسا دهنيا ولونا أصفر ذا رائحة كرائحة الجبن العفن، مضيفاً أن هناك تغيرات تطرأ على الجثة ولها مدلول كالتغيرات بالعينين ودرجة هضم الطعام والتغيرات الكيميائية بالدم .

درجة حرارة الجثة 

ولذلك فبرودة الجسم له قواعد  لأن الجثة تفقد الحرارة في الشتاء أسرع من الصيف كما أن بعضها تصل حرارتها إلى 24 درجة مئوية في المناطق شديدة الحرارة، لأنه بعد الوفاة تتوقف عملية الأكسدة الحيوية ويفقد الجسم الحرارة عن طريق الإشعاع والتوصيل والحمل بمعدل 1 درجة م - 18.1 ف / ساعة - فيبرد الجسم تـدريجيا حتى تتساوى درجة حرارة الأحشاء الداخلية للجثة مع درجة حرارة الجو المحيط، أما في حالة الرسوب الدموي فيتوقف القلب ويترسب الدم في الأوعية الدموية الموجودة بالجثة بفعل الجاذبية الأرضية، ويتغير لون الجلد بعد ذلك.

وأكد الطبيب الشرعي، أنه في حالة التيبس فيبدأ بعد ساعتين من الوفاة في عضلات الوجه ويصعب إغلاق الجفون والفكين والعضلات الصغيرة بالكفين والأصابع والقدمين ثم ينتشر تدريجيا من أعلى إلى أسفل، كما أن التيبس يحتفظ بوضع الجثة الأصلي كما أنه يزول من مجموعة العضلات التي يتم تحريكها و لا يعود مرة أخرى ،أي أن عدم تماثل التيبس دليل على تحريك الجثة من موضعها الأصلي.

الجثث المتعفنة

قال المصدر الطبي إنه يقصد بالتعفن، هو تحلل أنسجة الجسم بفعل الأنزيمات المتحررة من الخلايا والجراثيم والتي يعيش معظمها في الأمعاء ثم تتحول لغازات وسوائل وأملاح.

وتتحكم فيها مجموعة من العوامل مثل درجة الحرارة أى أنها تحتاج في فصل الصيف إلى 24 على الأكثر، أما في الشتاء فقد تستغرق وقتا أطول يصل إلى 48 ساعة لكي يتحول لونها إلى اللون الأخضر بالجزء السفلي الأيمن من جدار البطن، وبعد ذلك ينتشر العفن في باقي أجزاء البطن والصدر ثم الرأس والأطراف.

درجة التعفن

أما درجة التعفن الكامل فتبدأ في الصيف بعد يومين فقط، و5 أيام في الشتاء، ويطرأ تغيرات على الجثة حيث تنتفخ وتتكون فقاقيع تحت الجلد مع ظهور الأوعية الدموية على هيئة فروع الشجرة بسطح الجلد وهذا يحدث نتيجة تكون غازات التعفن الناتجة بسبب كثرة البكتيريا والتي تصدر رائحة كريهة جداً.

الجثث المحروقة

أكد المصدر أن الجثث المحروقة من أصعب القضايا التي يتعامل معها الأطباء الشرعيون، ولهذا فممنوع لمس الجثة إلا بعد صدور قرار من النيابة العامة ببدء التشريح، مؤكداً أن المهمة الأولى للطبيب الشرعي تتمثل في معرفة نوعية الحرق.

درجات الحروق 

ويبدأ الطبيب الشرعي في معرفة الحروق الحيوية وهي التي تحدث قبل الوفاة وهي 3 درجات الأولى لونها أحمر، والثانية يتكون فيها سائل موجود داخل فقاعة، والثالثة يصل فيها الحريق للأجزاء العميقة من الجسد كالعضلات، ويبدأ الطبيب بفحص مدى وصول الدخان إلى القصبة الهوائية في الغشاء المخاطي المبطن ببعض الخلايا.

أما الحروق غير الحيوية فتحدث فيها الإصابات بجانب وجود كسور أو حدوث نزيف داخل البطن وتكون آثار الحريق واضحة، أو آثار لطعنات على سبيل المثال.

وتابع المصدر بالطب الشرعي، بأنه هناك علامات تكشف عما إذا كان المجني عليه توفي محروقاً أم جسده حرق بعد الوفاة، فعلى سبيل المثال إذا كانت الحروق حيوية فهذا يعني أن المجني عليه كان لا يزال حياً عندما حرق جسده، أما إذا كان قد فارق الحياة فتكون الحروق غير حيوية، أما إذا كان الجسد خاليا من آثار الحريق فهذا يعني أنه توفي نتيجة استنشاق الغازات الخانقة السامة المنطلقة من لهب الحريق.

وأخيراً إذا وجدت الأجزاء السفلية من الجثة والملابس سليمة من الحريق، فهذا يعنى أنه لم يتحرك منذ بداية الحريق بسبب فقده للوعى.