أصبحت كلمة الهيدروجين الأخضر تترد في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي، وكأنه هو الحل السحري لمشكلة الطاقة الكهربية في العالم وفي هذا المقال نجيب علي جميع التساؤلات الخاصة بالهيدروجين الأخضر.
قال المهندس أحمد الشناوي استشاري الطاقة الكهربائية، مبدئيا يتم إنتاج الهيدروجين من التحليل الكهربي للماء حيث أن الماء يتكون من ذرتي هيدروجين وذره أكسجين وطبقا لتصنيف الأمم المتحدة فإن الألوان التي تطلق علي الهيدروجين تكون طبقا لنوع الطاقة الكهربية المستخدمة في التحليل الكهربي للماء.
وأكد أن إنتاج الطاقة الكهربية يتم من مصادر متعددة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية والفحم والوقود الاحفوري (الغاز الطبيعي والمازوت ) فعلي سبيل المثال الهيدروجين الأسود يطلق على الهيدروجين المنتج من محطات أنتاج الكهرباء التي تعمل بالفحم.
والهيدروجين الأخضر يتم انتاجه من الطاقة الكهربية الناتجة من محطات الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.
ويعتبر الهيدروجين الأخضر وقود نظيف، ولا يسبب أي انبعاثات كربونية ونتيجة الازمة الروسية الأوكرانية ونقص امدادات الغاز الطبيعي لأوروبا، توسعت القارة الأوروبية في استخدام الهيدروجين الأخضر.
وبدأت القارة الأوربية في انتاج سيارات تعمل بالهيدروجين الأخضر وانتشرت محطات وقود لتموين السيارات بالهيدروجين الأخضر ومثل السيارة الكهربية تمتاز السيارات التي تعمل بالهيدروجين بأنها صديقه للبيئة ولا يصدر منها أي انبعاثات كربونية كما أنها قليلة الصيانة .
كما انتجت فرنسا من خلال شركه اليستوم أول قطار يعمل الهيدروجين الأخضر، أن القارة الاوربية تتجه بقوه نحو المزيد من استخدام الهيدروجين في وسائل النقل واطلقت عليه النقل الأخضر أو النقل النظيف.
ولا يقتصر الأمر علي وسائل النقل البري حيث بدأت بصفه تجريبيه أول سفينة حاويات تعمل بالهيدروجين الأخضر.
وإذا اتجهنا إلي محطات الكهرباء التقليدية التي تعمل بالوقود الاحفوري (الغاز الطبيعي) فالهيدروجين الأخضر يحتوي على ثلاثة أضعاف الطاقة التي يحتويها الوقود الاحفوري، ولا ينتج منه أي انبعاثات كربونية، ولذلك يتم مزجه مع الغاز الطبيعي بنسبه تصل ال 20% مع استخدام نفس البنيه الأساسية أي لا يحتاج لأي انشاءات جديده وبالتالي لا تكاليف مالية جديدة، كما يمكن تخزين الهيدروجين الأخضر لاستخدامه عند حدوث تقلبات شديدة في أسعار الوقود أو حدوث نقص في الامدادات للوقود الاحفوري مما يعتبر حلًا مثاليًا للتغلب علي أي مشكلة طارئه تؤثر علي انتاج الطاقة الكهربية
ويبلغ الإنتاج العالمي من الهيدروجين الأخضر حاليًا حوالي 80 مليون طن سنويا.
وتشير بعض التقديرات إلى أن الهيدروجين الأخضر سيلبي نحو 25% من احتياجات العالم من الطاقة بحلول عام 2050 بحجم مبيعات سنوية تصل إلى 770 مليار دولار
كما يشير مجلس الطاقة العالمي أنه بحلول عام 2025 يمكن أن تغطى استراتيجيات الهيدروجين الوطنية البلدان التي تمثل أكثر من 80%من الناتج المحلى الإجمالي العالمي منه نتيجة لإقبال عدد كبير من الدول على زيادة قدرات إنتاج الهيدروجين مثل كندا وفرنسا واليابان وأستراليا والنرويج وألمانيا والبرتغال وإسبانيا وتشيلي والصين وفنلندا.
وأما منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك" فأعلنت أن عدد الدول العربية المهتمة بالاستثمار في مشروعات إنتاج الهيدروجين ارتفع إلى 7 دول لتشمل القائمة كلًا من مصر والإمارات والسعودية والعراق والجزائر وعمان والمغرب.
وتوقعت مصادر عديده ان حجم سوق الهيدروجين الأخضر سيصل إلى 300 مليار دولار عام 2050 وهو ما سيوفر 400 ألف فرصة عمل في قطاع الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين حول العالم حيث سيصل الطلب العالمي على الهيدروجين الأخضر إلى 530 مليون طن بحلول عام 2050
وبالنسبي لمصر ففي عام 2022 وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر كما وجه بتوفير البنية الأساسية لهذه المشروعات مؤكدًا أن التحول للطاقة المستدامة يعد أحد العناصر الأساسية لرؤية مصر 2030 ويعكس اهتمام الدولة بالتنمية الشاملة فضلًا عن عوائده الاقتصادية التي تمثل إضافة حقيقية للتنمية الوطنية
ومن المتوقع ان يحدث شراكه بين صندوق مصر السيادي والقطاع الخاص في إقامة عدد من مشروعات الهيدروجين الأخضر.
وبالفعل في نوفمبر 2022 تم افتتاح اول مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية لقناه السويس وهو شراكه بين صندوق مصر السيادي وشركه سكاتك النرويجية وينتج المشروع حوالي 15000 طن من الهيدروجين الأخضر
وفي يونيو 2024 وخلال استضافه مصر مؤتمر الاستثمار بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وقعت مصر اتفاقية لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته بمنطقة رأس شقير ويهدف المشروع في دفع عجله التنمية المستدامة من خلال توطين صناعة الهيدروجين الأخضر ومشتقاته وجذب مزيد من الشركات العملاقة لإقامة مشاريع مماثلة بالإضافة إلي توفير الهيدروجين الأخضر كوقود للسفن المارة بقناه السويس وبالتالي زياده القيمة المضافة.
كل هذه المشروعات تحقق مجموعه من الأهداف الاستراتيجية أهمها أن تصبح مصر مصدر إقليمي وعالمي للطاقة والوقود الأخضر بالإضافة إلي تنوع مصادر الطاقة وتحقيق مزيج الطاقة بمعني استخدام جميع وسائل الطاقة المتاحة مما يحمي مصر من حالات التذبذب في أسعار البترول.