نظمت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ضمن فعاليات معرض بورسعيد السابع للكتاب، المقام حاليا تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، ندوة بعنوان «فضل العلم في الإسلام» ضمن مشروع «واعظ وواعظة» بالتعاون مع وزارة الأوقاف، وتحدث فيها كل من الدكتور خالد عبده سباع، والواعظة المهندسة سحر محمود، وأدارت الندوة الباحثة آية حسام.
افتتحت الندوة بقوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)، ثم بدأ الدكتور خالد عبده حديثه عن فضل العلم في الإسلام قائلًا: إن القرآن الكريم قد وضع كل شيء في موضعه، وأن الله قد خصّ العلماء بما لم يخص به غيرهم، وقد فضل الإسلام العلم إلى حدّ المفاضلة بين الحيوانات؛ حين أباح الله أكل صيد الكلب المعلّم، على عكس الكلب غير المعلَّم؛ فرفعه العلم على بقية الحيوانات من جنسه، وذكر أن أُمة الحبيب هي أمة علم وتعلم، ثم تلا قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم)، وذكر الحديث الشريف: «فضلُ العالمِ على العابدِ كفضلي على أدناكم»، ونحن نعلم أن رسول الله هو أعلى الناس منزلة وأن هذه الرفعة للعالم، وتشبيه فضله على الجاهل بفضل رسول الله على أدنى الخلق هي منزلة رفيعة.
وأوضحَ الدكتور خالد أن المقصود بالعلم ليس العلوم الشرعية الدينية وحدها؛ ولكن كما قال الشيخ محمد رشيد رضا أن كل علم ينفع المسلمين، ويقربهم إلى الله، ويرفع منزلة الأمة بين الأمم، فهو علم مأجور صاحبه على تعلمه.
وتابع: كم من عالم في الأجنّة أسلم! وكم من عالم في الفلك أسلم! لأن هذه العلوم في حقيقتها تقربنا إلى الله تعالى ولا تبعدنا عنه، وليس المقصود به رجل الدين فقط، ولكن كل من يريد نفع الإنسانية فهو عالم، وانظروا ماذا يصنع العلم في أهله؟، فموسى عليه السلام سألوه من أعلم أهل الأرض، فقال أنا ولم يردّ العلم إلى الله، وفي الحقيقة لم يخلق أي أحد متعلمًا، فمثلا لم يولد المهندس مهندسا، ولا الطبيب طبيبا ولكن العلم بالتعلم والحلم بالتحلم.
وقديما قالوا: العلم ثلاثة أشبار فمن تعلم الشبر الأول، ظن نفسه أعلم الناس، ونوه على بعض ما يقابل أئمة المساجد من تلك المشاكل، فمثلا تجد الإنسان وقد بدأ حديثا في طلب العلم، فيظن نفسه أعلم الناس، ويبدأ بالتعالي والتكبر على كل من هم دونه، وكل من لا يعلم علمه ويخطّئ كل من يراه، وقد تجده عابسا في وجوه الناس، وهو مازال أبا شبر في العلم لم يتعداه.
وتابع الدكتور خالد صعوبة تقبل موسى عليه السلام لفهم أفعال الخضر، وقال بأن ما فعله الخضر عليه السلام هو ما يعرف بعلم المقاصد والقواعد فهناك أشياء يجب أن تقدم على أشياء في وقت معين، ومن هنا استدل العلماء على قاعدة تعتبر قانونية وقضائية وشرعية، وهي أنه إذا وجد ضرران؛ وجب تحمل الضرر الأقل لدفع الضرر الأعلى، وعلم المقاصد هو الذي يختلف ظاهره عن باطنه لمقصد خفيّ عن الرائي، وكان المقصد الخفي من ورائه كل الخيرات؛ التي عادت على أصحابها في قصة موسى مع الخضر.
وتابع الدكتور خالد: الإنسان لا يجب أن يقطع في المسائل بغير علم؛ لأن باب الاجتهاد مفتوح حتى يرث الله الأرض ومن عليها وأن الشبر الثاني من العلم من تعلمه علم أنه محتاج إلى البحث، وأما الشبر الثالث فمن تعلمه ظنّ أنه أجهل الناس عكس الأول تماما، ومحتاج لأن يستزيد، وأن العلم لا حدّ له ولا سنّ له ولا مكان له، وهناك مقولة مشهورة يظن الناس أنها حديث، ولكنها ليست بحديث للنبي، وهي «اطلبوا العلم ولو في الصين»، وهي كناية عن البحث عن العلم وأخذه حتى وإن كان بعيدا.
وأوصى الدكتور خالد الحضور بعدم تضييع الأوقات والأعمار فيما لا يفيد، وما يسرق العمر منا مثل: التقليب غير الهادف، والعشوائي على صفحات الإنترنت، والمواقع التي لا تفيد ولا تنفع التي يضيع فيه شبابنا اليوم أوقاتهم الثمينة وأعمارهم النفيسة.
وختم الدكتور خالد حديثه بأنه يجب على المرء حتى لو لم يكن عالمًا، أن ينتقي ما يقول وما يسمع، وألا يُحدث بكل ما سمع مصداقًا لقول النبي: «كفى بالمرء إثما أن يُحدث بكل ما سمع مشيرًا إلى أنه لو طبّق هذا الحديث بين الناس لاختفت الشائعات إلى الأبد».
ثم تلقت الواعظة سحر محمود أسئلة الجمهور، ووجهت إليهم مجموعة من الأسئلة الدينية التي طرحت في الندوة، وقامت بتوزيع الجوائز وختمت الندوة بشكر الجمهور على الاستماع والمشاركة.