يظل ملف القمح ضمن أهم ملفات السلع الاستراتيجية التي تهم حياة المصريين، لدرجة أنهم أطلقوا على الخبز "عيش"، وهنا تسعي الحكومة لتنويع مصادر الاستيراد من روسيا وبلغاريا ومختلف الدولة بغية رفع الاحتياطي الاستراتيجي من 6 إلى 9 شهور.
ويري الخبراء أهمية تنويع مصادر الاستيراد تجنبًا لأي ظروف مستقبلية مشابهة لجائحة كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية وصولا للصراعات في الممرات المائية الدولية التي نتج عنها تراجع امدادت سلاسل التوريد .
المعلومات المنشورة تشير إلى شراء الهيئة العامة للسلع التموينية 770 ألف طن من القمح الروسي والبلغاري، في أكبر عملية شراء منفردة منذ يونيو 2022. كما تتوزع المناقصة بين 720 ألف طن من روسيا و50 ألف طن من بلغاريا، بمتوسط سعر 221 دولارا للطن، مما يشير إلى عدم تنفيذ الحد الأدنى غير الرسمي لسعر التصدير في روسيا والمعمول به منذ العام الماضي.
بدوره يقول الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي: تسعي مصر لتأمين مخزونها الاستراتيجي من حاصلات القمح المكون الأساسي لرغيف عيش المصريين، وتأتي أهمية المخزون الاستراتيجي في تأمين الاحتياجات التي تدخل المطاحن طوال العام قبل موسم التوريد المحلي الذي يبدأ في شهر ابريل ومايو من كل عام ويستمر حتي بداية شهر يونيو.
يضيف "صيام": تأتي أهمية المخزون في مواجهة الجوائح كما ظهر في أزمة كورونا أو الصراعات والحروب مثل الحرب الروسية الأوكرانية التي أخرت شحنات القمح المستوردة ووقتها رفعت أسعارها بشكل كبير بخلاف تراجع أمن الممرات المائية بفعل الأحداث والصراعات وتأثيرها على سلاسل الإمداد.
وتعد مصر واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم، بكميات تصل إلى 12 مليون طن سنوياً للقطاعين الحكومي والخاص. وجاءت مصر في قائمة أكثر الدول استهلاكاً للقمح في موسم 2023-2024، بما يزيد على 20 مليون طن ، وهو ما يمثل 2.6% من الاستهلاك العالمي، بحسب تقرير أكتوبر الصادر عن وزارة الزراعة الأميركية.
وفي السياق ذاته، يقول المهندس حسام رضا، خبير الإرشاد الزراعي، لابديل عن زيادة المساحات المنزرعة كل عام على حساب الأصناف الأخرين خلال الموسم الشتوي القادم وذلك لن يأتي إلا من خلال اتباع سياسات تحفيزية للفلاحين من خلال رفع أسعار التوريد قبل البدء في زراعته خلال شهري أكتوبر ونوفمبر من كل عام حتي يقرر المزارع في زيادة المساحات المستهدفة.
ويضيف "رضا": نؤكد على أهمية عودة الإرشاد الزراعي من خلال تأهيل ونصح المزراعين بالتوقيتات واستخدام سلالات جيدة عالية الإنتاجية ، علاوة عن تقديم الدعم الفني في مقاومة الزراعات للأمراض ومقاومة ارتفاع درجات الحرارة بفعل تغير المناخ، مع أهمية توفير الأسمدة بأسعار مدعمة بغية دعم العملية الزراعية التي يعتبر نجاحها يساهم في تحقيق الأمن الغذائي المصري.
يذكر أن مصر رفعت حجم وارداتها من القمح خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو 28.3%، بفعل توافر الدولار في البنوك خلال الأشهر الأخيرة، فضلاً عن انخفاض أسعار القمح عالمياً، لتبلغ الكميات الواردة إلى مصر خلال الأشهر الستة الأولى من 2024 نحو 6.8 مليون طن، مقارنة بـ5.3 مليون طن للفترة المماثله من العام الماضي.