ارتفعت وتيرة العنف، بين بعض الناس من سكان المكان الواحد أو المنطقة الواحدة، فبين وقت وآخر تطالعنا الأخبار بجرائم ضرب وقتل بسبب خلافات الجيرة، ذلك العنف المفضي إلى وقوع جرائم تصل عادة إلى القتل في أحيان كثيرة إلى جروح مميتة وعاهات مستديمة، ربما تكون زيادة الأعباء الاقتصادية، والتي تؤدي إلى تصاعد الضغوط النفسية لدى البعض، ما يجعل الأفراد أكثر حساسية تجاه أي تصرفات يعتقدون أنها تؤثر سلباً على حياتهم اليومية، وهي المؤدي حتماً إلى العنف تجاه بعضهم البعض، حسب ما يرى علماء الاجتماع، وتتعدد الأسباب وتتباين الدوافع المؤدية إلى الخلافات الدامية بين أبناء المنطقة الواحدة، إلا أنها تخلف دائما وراءها بكاء وألم تأجج نيران الانتقام في قلوب أهالي الضحايا، وتوجس وخوف وقلق ينتاب أهالي الجناه.
جرائم
لم يعلم شاب يقطن في منطقة البساتين، أن حياته ستنتهى بإصابات مميتة تلقاها على أيدي أبناء المنطقة لمجرد خلاف جيرة حدث بينهم، فما أن احتدم النقاش حتى تعالت الأصوات لينهالوا عليه ضربا حتي الموت، ليلفظ أنفاسه الأخيرة في المستشفى، وذلك المزارع الذي هشمت رأسه بواسطة شومة كان ممسكا بها جاره بمحافظة سوهاج، فما أن اختلفا على حدود قطعة أرض تفصل بينها، حتى احتدم الشجار والسب والشتم حتي أنهي الأخير النقاش بشومة في رأس الاول، وهؤلاء الاربعة الذين استقبلهم مستشفى سوهاج الجامعي بإصابات خطيرة، فقد أصيب اثنان بطلقات خرطوش والآخران بإصابات فى الجمجمة، وهذا كله لخلافات الجيرة التي بدأت بلهو الأطفال وانتهت بطلقات النار.
غياب العقلاء
قال الدكتور فتحي قناوي أستاذ علم كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن أخطر ما في خلافات الحيرة لاسيما المفضية إلي القتل، هو غياب دور العقلاء من الطرفين وتغليب العند والغضب الأعمى الذي يقوده الشيطان إلي ارتكاب الجرائم، لافتاً إلى أن غياب دور باقي الجيران من الفصل بين الأطراف المتخاصمة والإبعاد بينهم يعد عاملا مؤثرا في تفاقم الخلافات، علاوة على أنه من الأمراض الاجتماعية التي تؤدي إلى تفتيته، والسلبية وعدم التحرك إلا بعد إسالة الدماء بحمل الجثث أو المصابين مع رجال الأمن إلى المستشفى.
اضطراب نفسي
وتابع أستاذ علم كشف الجريمة، أن بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب أو القلق، أو أصحاب الشخصيات الحدية ممن يميلون إلى الاندفاع يكونون أكثر عرضة للتصرف بعدوانية في حالة الشعور بالتهديد أو الاستفزاز، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الإدمان على المخدرات أو الكحول إلى تفاقم هذه السلوكيات، المؤدية لخلافات الجيرة المفضية إلي جرائم.
صدمة أسر الضحايا
وأردف الدكتور فتحي قناوي، أن أحيانا المنافسة والمشاجرات اليومية، والنزاعات حول المواقف، الضوضاء، وحركة المرور، وخلاف على قطعة أرض، يمكن أن تتصاعد إلى مواجهات عنيفة، مشيراً إلى أن تتطور خلافات الجيرة إلى جرائم، دائما ما تخلف وراءها تأثيرات نفسية واجتماعية صادمة، فبالنسبة لأسر الضحايا عادة ما يصابون بصدمة نفسية عميقة، وقد يواجهون صعوبة في التكيف مع فقدان أحبائهم، بهذه الصورة.
وصمة أسر الجناة
وأضاف أستاذ علم كشف الجريمة وبالنسبة لأسر الجناة فعادة ما يتعرضون إلي وصمة اجتماعية وقد تؤدي للعزلة عن المجتمع المحلي، علاوة على أنه يمكن أن تؤدي هذه الحوادث إلى فقدان الثقة بين الجيران وانتشار الشعور بعدم الأمان، لافتا الى أنه قد يتجنب الناس التفاعل مع جيرانهم خوفاً من تكرار نفس السيناريو، فالنزاعات الدموية يمكن أن تترك أثراً سلبياً على الأطفال والشباب، مما قد يؤدي إلى مشاكل نفسية أو سلوكية في المستقبل.
٤ عوامل رئيسية
وأكد أستاذ علم كشف الجريمة أنه إذا أردنا إيقاف والحد من هذه تلك الجرائم المتمثلة في خلافات الجيرة، يكون من خلال ٤ عوامل رئيسية أولها إنشاء لجان وساطة مجتمعية تتولى حل النزاعات بين الجيران بشكل ودي، وتشجيع الجيران على اللجوء إليها بدلاً من التصرف بشكل فردي، وثاني عامل هو تنظيم ورش عمل وحملات توعية لتعليم الجيران كيفية التواصل وحل النزاعات بطرق سلمية، وزيادة الوعي بأهمية التسامح والتفاهم، وثالث عامل هو تنظيم الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي تشجع على التعاون والتفاعل بين الجيران، مثل الاحتفالات المشتركة وورش العمل المجتمعية، والعامل الرابع والأخير هو تصميم أحياء سكنية تشجع على التفاعل الإيجابي بين السكان، مثل إنشاء مساحات مشتركة ومناطق ترفيهية حيث يمكن للجيران اللقاء والتواصل.تعزيز الروابط المجتمعية.