الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

وسط تنامي العنف السياسي.. تأثير محاولة اغتيال ترامب على الانتخابات الأمريكية 2024

ترامب
ترامب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعرض الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب، في 13 يوليو 2024، لمحاولة اغتيال، بعد إطلاق نار عليه أثناء تجمع انتخابي له في ولاية بنسلفانيا، وذلك قبل أيام من انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في مدينة ميلووكي، بولاية ويسكونسون الأمريكية؛ والذي سيشهد اعتماد الحزب ترشيح الرئيس السابق ترامب رسمياً للسباق الانتخابي إلى البيت الأبيض، المنتظر في نوفمبر هذا العام.
وتعكس محاولة الاغتيال الفاشلة حالة التعقيد والاستقطاب التي باتت تشهدها الساحة الأمريكية، كما تؤشر على احتمالية تنامي العنف السياسي وتآكل الديمقراطية؛ الأمر الذي يتطلب أن تستغل تلك الأوساط محاولة اغتيال ترامب لبلورة ما يسمى بلحظة الوحدة للحيلولة دون وصول الولايات المتحدة الأمريكية إلى حافة الهاوية لاندلاع حرب أهلية أو على أقل تقدير تنامي وتيرة أعمال العنف بحجة غياب صوت الديمقراطية الأمريكية أو ضعفها بعد سنوات من التفاخر بها.

ثمّة احتمالات بعد هذا الحادث تلوح في الأفق وسيكون لها تأثير مباشر في السباق الانتخابي الأمريكي لعام 2024:

لا شك في أن صورة الرئيس السابق دونالد ترامب، وهو في الثامنة والسبعين من عمره، وهو يتصارع مع أفراد الخدمة السرية للوقوف مُنتصباً على المنصة بعد محاولة اغتياله ورفع قبضته في الهواء وهو يصرخ " قاتلوا" تركت انطباعاً بأنه "بطل"، يواجه ما يُوصف بافتراءات الديمقراطيين ومحاولتهم لشيطنة المرشح الجمهوري، وعلى هذا النحو، تُجزم التقديرات بأن يوم محاولة الاغتيال فارق في تحديد التصويت النهائي للانتخابات، وخاصة أنه سيؤثر في نحو واضح في قناعات الناخبين الذين ما زالوا مُترددين بشأن الاختيار ما بين ترامب وبايدن. 
ويرى مراقبون أن حادثة إطلاق النار تفيد ترامب سياسياً؛ لأنها من ناحية تدعم روايته بأن البلاد خرجت عن المسار الصحيح، ومن ناحية أخرى، تؤيد التعاطف تجاه ترامب باعتباره القائد البطل الذي يقف أمام فساد "الدولة العميقة" حسب تعبيراته المتكررة.

كما أظهر استطلاع للرأي أجرته "رويترز/إبسوس" في الآونة الأخيرة أن الأمريكيين يخشون تصاعد وتيرة العنف السياسي؛ إذ يقول اثنان من كل ثلاثة مشاركين في الاستطلاع، الذي تم إجراؤه في شهر مايو الماضي، إنهما يشعران بقلق من احتمال حدوث أعمال عنف بعد الانتخابات. وفي هذا الصدد، يتوقع المراقبون أن تغيّر محاولة الاغتيال ملامح السباق الرئاسي هذا العام، مع تزايد المخاوف من اندلاع عنف سياسي خلال الحملة الرئاسية وبعد الانتخابات، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت تواجه أكبر زيادة في أعمال العنف ذات الدوافع السياسية وأكثرها استمرارية منذ سبعينيات القرن الماضي.

كما يواجه الديمقراطيون مزيداً من الانتقادات بعد محاولة اغتيال ترامب؛ إذ إن هذا الحادث ربما أثبت صدق سرد ترامب حول المظلومية التي يتعرض لها الجمهوريون، وعلى هذا النحو، فإنه ليس من المستغرب أن يُصرح السناتور عن ولاية أوهايو، جيمس ديفيد فانس، وهو مرشح بارز لمنصب نائب ترامب، على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" قائلاً: "ما حدث ليس مجرد واقعة منفردة.. الفرضية الأساسية لحملة بايدن هي أن الرئيس دونالد ترامب فاشي استبدادي يجب إيقافه بأي ثمن، وأدى هذا الخطاب مباشرة إلى محاولة اغتيال الرئيس ترامب".

وسعى دونالد ترامب إلى توظيف الحادث، وذلك من خلال: 
رفض مُحاولات الاحتماء بالأمن، إذ كان لافتاً أن ترامب استعاد رباطة جأشه عقب تعرضه لإطلاق النار ورفض محاولات الأمن للاحتماء، وحاول كشف أكبر قدر ممكن من جسده للجمهور، ولوح لمؤيديه وأخبرهم بأنه بخير، وحثهم على القتال من أجل "الولايات المتحدة الأمريكية"، بحسب تعبيره.  بالإضافة إلى دعوته إلى مواجهة ما وصفها بـ"قوى الشر"، لم تتوقف منشورات ترامب على منصة "تروث سوشيال" منذ محاولة اغتياله، السبت الموافق 13 يوليو 2024، فبعد أن طمأن جمهوره بأنه بخير واصفاً حالته وإصابته برصاصة أعلى أذنه، طالب الأمريكيين بالاتحاد ومنع "انتصار الشر"، ودعا أنصاره إلى الصمود بإيمان والاتحاد في مواجهة قوى الشر، وتابع قائلاً: "في هذه اللحظة، من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نقف مُتحدين، وأن نظهر شخصيتنا الحقيقية كأمريكيين، وأن نبقى أقوياء ومصممين، ولا نسمح للشر بالانتصار".

بينما يرى مراقبون أن ما حدث ليس تصرفاً فردياً أو أن شخصاً مُختلاً عقلياً قام بارتكاب هذا الحادث، فما ظهر على الشاشات أن قناصاً أخذ مكاناً مناسباً أعلى سطح أحد المباني أمام الحدث الانتخابي في بنسلفانيا، وأطلق الرصاص بمنتهى الدقة على ترامب، وفي وقت لاحق من حادثة الاغتيال، أفادت قوات إنفاذ القانون في ولاية بنسلفانيا، بأنه تم العثور على مواد مُتفجرة بمنزل توماس ماثيو كروكس مُنفذ محاولة اغتيال ترامب.
كما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن السلطات الأمريكية عثرت على عبوات ناسفة في سيارة مُنفذ عملية الاغتيال، وهي دلالات تثير العديد من التساؤلات حول هُوية وانتماء المنفذ لتلك العملية، ومدى علاقته بالجماعات المتطرفة مثل: جماعة "أنتيفا" (Antifa) وجماعة "بلاك لايف ماترز" (Black Lives Matter)، وهما جماعتان مُتطرفتان تستخدمان العنف، ولا ترغبان على الإطلاق في وصول ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى.

وإذا كان من الصعب حالياً التعرف على الدوافع الحقيقية وراء محاولة الاغتيال، فإنها جاءت لتؤكد حقيقة مفادها أن العنف السياسي أصبح سيد الموقف في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وبات يستهدف الجمهوريين والديمقراطيين والمحافظين والليبراليين، ويبدو أنه يحدث بوتيرة مُتكررة ومؤلمة؛ بمعنى أن حادث ترامب ليس هو الأول من نوعه على مدار السنوات القليلة الماضية.
إلى جانب تنامي الاستقطاب وخطاب الكراهية، إذ يرى المراقبون أن محاولة اغتيال ترامب؛ ما هي إلا نتيجة لسياسات الاستقطاب المتزايدة في الولايات المتحدة الأمريكية. فلا شك في أن دوافع منفذ العملية لا تزال مجهولة حتى الآن، وربما حتى بالنسبة له، ولكن المشكلة أن ساسة واشنطن أصبحوا أكثر استغلالاً لعاطفة الجماهير لإقناعهم بالمظلومية لإثارتهم للقيام بالنضال ضد الطرف الآخر؛ ومن هنا ازدادت وتيرة العنف السياسي في المجتمع الأمريكي.

يذكر أن الحادث أسفر عن إصابة ترامب برصاصة في أذنه؛ إذ كتب على منصته "تروث سوشيال" بعد الحادث: "لقد أصابتني رصاصة اخترقت الجزء العلوي من أذني اليمنى"، في حين أعلن جهاز الخدمة السرية في بيان له مقتل أحد الحاضرين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطرة إلى جانب مقتل منفذ عملية محاولة الاغتيال.