تصاعدت الهجمات على البنية التحتية للرعاية الصحية فى أوكرانيا، مع استهداف المستشفيات والعاملين فى المجال الطبى بشكل متزايد. الهجوم الصاروخى الروسى على مستشفى أوماتديت للأطفال فى كييف يوم الإثنين، كان الأحدث فى سلسلة من الهجمات القاتلة التى أثارت قلق المجتمع الدولى وألقت الضوء على تزايد عدد الضحايا المدنيين فى أوكرانيا هذا العام.
وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" وبيانات منظمة الصحة العالمية، فإن عدد الأوكرانيين الذين قد يكونون فى طريقهم للقتل فى هذه الهجمات هذا العام قد يتجاوز عدد القتلى فى العام الماضي. قبل الهجوم على مستشفى أوماتديت، وثقت منظمة الصحة العالمية ١٨ حالة وفاة و٨١ إصابة جراء أكثر من ١٧٥ هجومًا على البنية التحتية للرعاية الصحية فى أوكرانيا خلال النصف الأول من عام ٢٠٢٤، بما فى ذلك ٤٤ هجومًا على المركبات الطبية.
فى عام ٢٠٢٣، سجلت المنظمة ٢٢ حالة وفاة و١١٧ إصابة من ٣٥٠ هجومًا، بما فى ذلك ٤٥ هجومًا على المركبات الطبية. وتشير تقديرات منظمات أخرى إلى أن عدد القتلى قد يكون أعلى من ذلك. وفى الهجوم الأخير، قُتل طبيب واحد على الأقل وشخص بالغ آخر، وأصيب ما لا يقل عن ١٠ أشخاص آخرين، بينهم ٧ أطفال، خلال قصف روسى واسع النطاق أسفر عن مقتل ما لا يقل عن ٣٨ شخصًا، بينهم ٢٧ فى كييف. وفقًا لمسؤولين محليين.
وتعد الهجمات على المستشفيات المدنية محظورة بموجب المادة ١٨ من اتفاقية جنيف، التى صادقت عليها الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. وتنص المادة ٢٠ من الاتفاقية على ضرورة حماية العاملين فى مجال الرعاية الصحية من قبل جميع الأطراف المتحاربة.
ويقول الخبراء إن روسيا تستهدف بشكل متكرر البنية التحتية للرعاية الصحية فى أوكرانيا، فى حملة قد ترقى إلى جرائم حرب.
ونفت وزارة الدفاع الروسية فى بيان على وسائل التواصل الاجتماعى يوم الاثنين استهدافها للأهداف المدنية فى أوكرانيا عمدًا. وأظهر مقطع فيديو للهجوم، التقطه أحد سكان كييف وتحققت منه صحيفة "نيويورك تايمز"، صاروخًا يتحرك بسرعة عالية قبل أن يضرب المستشفى.
قال كريستيان دى فوس، المحامى ومدير الأبحاث والتحقيقات فى منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" فى نيويورك، إن العالم لم يشهد حتى الآن محاكمة دولية كان فيها الهجوم على البنية التحتية للرعاية الصحية هو المحور الرئيسى للقضية. وأضاف أن الهجوم الروسى يستهدف الأشخاص الأكثر ضعفًا ويؤدى إلى إرهاق نظام الرعاية الصحية الأوكرانى الذى يعانى بالفعل من ضغوط كبيرة.
وصرح دى فوس: "بموجب القانون الإنسانى الدولي، تحظى المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية بحماية خاصة، لأنها ملاذ للمدنيين للحصول على الرعاية الصحية. وهذه المواقع تهدف إلى ضمان حماية السكان المدنيين وتجنيبهم ويلات الحرب".
وتعرف منظمة الصحة العالمية الهجوم على البنية التحتية للرعاية الصحية بأنه أى فعل أو تهديد بالعنف يعطل توافر الخدمات الصحية أو الوصول إليها أو تقديمها.
وتتضمن بياناتها الهجمات المؤكدة والهجمات المحتملة، التى تعرفها المنظمة بأنها الهجمات التى تم توثيقها برواية شاهد واحد أو روايتين ثانويتين مؤكدتين لشريك منظمة الصحة العالمية.
يقول الخبراء إن الهجمات على المستشفيات والعاملين فى مجال الرعاية الصحية فى الصراعات حول العالم آخذة فى الارتفاع. وفى أوكرانيا، لا تشكل الزيادة مفاجأة للعاملين فى حالات الطوارئ.
وقال كريستوفر ستوكس، منسق الطوارئ لمنظمة "أطباء بلا حدود" فى أوكرانيا: "نحن مضطرون باستمرار إلى مراجعة أماكن عملنا والانسحاب من المناطق التى أصبحت غير آمنة". فقد استمرت الحرب هناك لأكثر من عامين.
وأضاف ستوكس أن فى وقت سابق من هذا العام، حاولت المنظمة إنشاء قسم للطوارئ فى منطقة خيرسون، لكن المستشفى تعرض للقصف مرارًا.
وأشار إلى أنه بعد الهجوم السادس، تم اتخاذ القرار بالتخلى عن هذا الجهد. وقال خبراء إن بعض المستشفيات تتخذ احتياطات مثل تغطية النوافذ بأكياس الرمل ونقل المرضى وغرف العمليات إلى الطوابق السفلية لتقليل المخاطر.
وصرح ستوكس: "إن هذه المستشفيات ليست ملاذات آمنة تشعر فيها بالأمان، خاصة بالنسبة للمرضى".
توثق أوليانا بولتافيتس، منسقة الاستجابة الطارئة لمنظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، الهجمات على البنية التحتية للرعاية الصحية، وقالت إنها سمعت دوى الانفجار الناجم عن الضربة صباح يوم الاثنين فى كييف. وأشارت إلى أن هذا كان جزءًا من "نمط من العنف" تكرر فى أوكرانيا منذ فبراير ٢٠٢٢، عندما بدأت الحرب.
وأضافت: "الغزو الشامل بدأ بهجوم على دار للولادة فى ماريوبول. وبعد مرور ثلاث سنوات على الحرب، يبدو أن الأطفال أصبحوا هدفًا للهجمات".