ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أنه بعد أشهر من المفاوضات المؤلمة، تبدو إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن قريبة من اتفاق وقف إطلاق النار الذى من شأنه أن يوقف القتال الكبير فى غزة، ويطلق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين، ويزيد المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين.
ونقلت "واشنطن بوست" عن مسئول أمريكى رفيع المستوى الأربعاء، أنه "تم الاتفاق على إطار العمل" وأن الطرفين "يتفاوضان الآن على تفاصيل كيفية تنفيذه".
ولصياغة هذه الصفقة، يقوم مستشار شئون الشرق الأوسط بريت ماكغورك ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز بجولات بين العواصم الإقليمية منذ نوفمبر.
تفاصيل معقدة
ويحذر المسؤولون من أنه على الرغم من وجود الإطار، إلا أن الاتفاقية النهائية ربما لا تكون وشيكة، والتفاصيل معقدة وستستغرق وقتًا للعمل عليها.
وإذا أمكن التوصل إلى اتفاق نهائي، فسيكون ذلك بمثابة تأكيد قوى على دبلوماسية الرئيس بايدن الصبورة، التى حاولت الموازنة بين دور أمريكا كصانع للسلام فى الشرق الأوسط والدعم العسكرى القوى لإسرائيل.
كما أنه سيخلق لحظة وداع محتملة للرئيس، مما يتيح له فرصة التراجع بشرف عن سعيه للفوز بولاية ثانية، أو على العكس من ذلك، مضاعفة جهوده.
وبحسب الصحيفة يبدو أنه بعد تسعة أشهر من العدوان، تريد إسرائيل إراحة قواتها والاستعداد للصراعات المحتملة مع إيران ووكلائها.
ثلاث مراحل
وينص الاتفاق، الذى وصفه مسئولون أمريكيون الأربعاء، أنه حل للصراع على ثلاث مراحل، الأول هو وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وتقوم حماس خلاله بإطلاق سراح ٣٣ رهينة إسرائيلية، بما فى ذلك جميع الرهينات، وجميع الرجال الذين تزيد أعمارهم على ٥٠ عامًا وجميع الجرحى.
وستطلق إسرائيل سراح مئات الفلسطينيين من سجونها وتسحب قواتها من المناطق المكتظة بالسكان باتجاه الحدود الشرقية لغزة. وسوف تتدفق المساعدات الإنسانية، وسيتم إصلاح المستشفيات، وستبدأ الطواقم فى إزالة الأنقاض.
وكان حجر العثرة هو عملية الانتقال، حيث ستطلق حماس سراح الجنود الذكور الذين ما زالوا كرهائن، ويوافق الطرفان على "وقف دائم للأعمال العدائية" مع "الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة".
وتشير الصحيفة إلى أن كل جانب كان يخشى أن يستغل الطرف الآخر فترة التوقف الأولية لإعادة التسلح والعودة إلى المعركة. وأرادت إسرائيل التأكد من أنها حققت هدفها الأساسى المتمثل فى منع حماس من حكم غزة مرة أخرى.
وجاء الاختراق مؤخرًا عندما تراجعت حماس عن مطلبها بالحصول على ضمانة مكتوبة بشأن الوقف الدائم للقتال. وبدلًا من ذلك، قبلت اللغة المطمئنة لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذى تم إقراره الشهر الماضي، والذى يؤكد الاتفاق الذى تم التفاوض عليه من قبل الولايات المتحدة.
إليكم المقطع الرئيسي: "إذا استغرقت المفاوضات أكثر من ستة أسابيع للمرحلة الأولى، فإن وقف إطلاق النار سيستمر طالما استمرت المفاوضات"، كما يقول قرار الأمم المتحدة.
ضمان الاستمرار
وسيعمل الوسطاء الأمريكيون والمصريون والقطريون على ضمان استمرار المفاوضات حتى يتم التوصل إلى جميع الاتفاقات والبدء فى المرحلة الثانية.
وأشارت كل من إسرائيل وحماس إلى قبولهما لخطة "الحكم المؤقت" التى ستبدأ بالمرحلة الثانية، والتى لن تحكم فيها حماس أو إسرائيل غزة.
وسيتم توفير الأمن من خلال قوة تدربها الولايات المتحدة ويدعمها حلفاء عرب معتدلون، من مجموعة أساسية تضم نحو ٢٥٠٠ من السلطة الفلسطينية فى غزة. وقال مسئول أمريكى إن حماس أبلغت الوسطاء بأنها “مستعدة للتخلى عن السلطة لترتيبات الحكم المؤقت".
ومع اتساع نطاق الأمن فى غزة بعد الحرب، تتصور خطة السلام مرحلة ثالثة، مع ما وصفه قرار الأمم المتحدة بأنه "خطة إعادة إعمار متعددة السنوات".
ومع اقتراب الوسطاء من وضع اللمسات الأخيرة على هذه الصفقة، حصلوا على مساعدة حاسمة من شركائهم الدبلوماسيين، قطر ومصر.
ومن أجل الضغط على حماس، أبلغت قطر ممثلى الحركة أنهم لا يستطيعون البقاء فى الدوحة إذا رفضوا الاتفاق. وقدمت مصر المساعدة من خلال قبول اقتراح أمريكى مبتكر بإغلاق أى أنفاق جديدة عبر الحدود بين مصر وغزة بعد سحب إسرائيل لقواتها.
وأصدر وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف غالانت، الذى برز كجهة اتصال رئيسية فى المفاوضات، بيانا يوم الأربعاء أشار فيه إلى “التقدم مع مصر” نحو خطة “من شأنها وقف محاولات التهريب وستقطع الإمدادات المحتملة عن حماس".
إذا تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، فإنه سيفتح الطريق أمام تغييرين رئيسيين آخرين فى مشهد الشرق الأوسط - بما فى ذلك لبنان والمملكة العربية السعودية - يمكن أن يقللا من خطر نشوب حرب أوسع نطاقا.
وأشار لبنان إلى أنه بعد التوصل إلى هدنة فى غزة فإنه سيوافق على حزمة تتضمن انسحاب قوات حزب الله شمالا من الحدود إلى منطقة قريبة من نهر الليطاني. وسيشمل الاتفاق أيضًا قبول إسرائيل للتغييرات الحدودية التى طالب بها حزب الله منذ فترة طويلة وإجراءات أخرى لبناء الثقة لإنهاء التبادل المميت لإطلاق الصواريخ بين الجانبين.