حالة من الترقب يشهدها الاقتصاد العالمي، جراء فوز حزب العمال البريطاني بمعركته الانتخابية لقيادة البلاد بعد قرابة العقد والنصف من التهميش واستئثار حزب المحافظين اليميني بالسلطة رغم محاولات ليست قوية من جانب " العمال"؛ إذ تتابع الأوساط المحلية والدولية اجراءات رئيس الحكومة الجديد اليساري، السير كير ستارمر، زعيم الحزب.
محاولات زعيم حزب العمال، كير ستارمر التي بدأت قبل 5 أعوام والتي اعتبرها البعض بأنه لم تكن مجدية خصوصا مع استحواذ الحزب علي 203 مقعدا في 2019 مقابل 365 مقعدا للمحافظين؛ إلا أنه استطاع الاستئثار بأكثر من 63.4% من إجمالي مقاعد البلاد البالغ عددها 650 دائرة والذي تم حسمه قبل أيام لصالح العمال وسط صراع 5 من الأحزاب البريطانية أهمها المحافظين و القومي الاسكتلاندي و الليبراليون الديموقراطيون و اصلاح بريطانيا".
أزمة الطاقة
يواجه حزب العمال في الوقت الحالي عددا من التحديات الداخلية و الخارجية تتعلق بالملفات الاقتصادية والتي من أبرزها نقص إمدادات الطاقة جراء الحرب الروسية الأوكرانية والتي ساعد بصورة كبيرة في رفع أسعار الطاقة في المملكة المتحدة يتحمل تبعاته المواطنون الإنجليز تقدر بمليارات جنيهات استرلينية.
اقترحت الحكومة الجديدة لمواجهة ارتفاع أسعار الوقود، البدء في تدشين شركة حكومية في اسكتلندا لدعم العملاء ويضمن أساليب تحميهم وترفع من مقدار الاستثمارات بالإضافة للتوسع في مشروعات الطاقة الجديدة والنظيفة كأحد الحلول لمواجهة تداعيات الحرب الأوكرنية الروسية.
تعهدات الحكومة الجديدة
مع إعلان فوز حزب العمال اليساري بتشكيل حكومة بريطانيا؛ تعهد زعيمه "ستارمر" بالعمل على عدة ملفات أبرزها تحسين البنية التحتية لبلاده و عدم إرهاق المواطنين بالزيادات الضريبية سواء بضرائب القيمة المضافة والدخل والتأمينات خصوصا فئات العمال والموظفين وتحسين أوضاعهم الصحية والمادي أيضا وامكانية العمل في العطلات الأسبوعية أو لفترات مسائية والعمل مع بيئة متوازنة لجذب ثقة المستثمرين وأصحاب الأعمال وهو ما ينعكس على الاقتصاد البريطاني في الوقت الحالي الذي يتوقع أن يتعافي في الفترات المقبلة بالتزامن مع ارتفاع معدلات النمو مقدار 0.6% بنهاية مايو الماضي وفقا لتقارير صادرة عن مكتب الإحصاء الوطني" ONS"، متجاوزا بذلك فترات الركود التي خلفتها جائحة كورونا وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية علي البلاد.
وفي وقت سابق انخفضت معدلات التضخم لنحو 3.2% بنهاية إبريل الماضي بعد أن كانت 11% في نهاية 2022 بسبب الصراع الروسي الأوكراني.
وتواجه الإدارة الجديدة للحكومة البريطانية عددا من التحديات التي قد تؤثر على الاقتصاد وقد تعيق مستهدفات النمو المستقبلية؛ أبرزها موقف المملكة المتحدة السلبي من اعادة العلاقات مع دول اليورو" بريكسيت" والتي خرجت من عباءته في 2016؛ حيث تستمر إدارة " ستارمر" في موقفها الرافض للعودة مرة أخرى رغم ما تعانيه من تحديات اقتصادية هي الأصعب وهو ما يجعلها الأكثر حرصا على تقديم المزيد من التعاون مع الدول الكبار في الاتحاد الأوروبي منها فرنسا وألمانيا على وجه التحديد.
العلاقات مع الولايات المتحدة
مع ترجيح كفة المرشح الرئاسي دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري؛ بقوة خصوصا مع حسم المناظرة الأولى لخصمه وعدوه اللدود جو بايدن المرشح الديمقراطي؛ إذ هناك توجه قوي بتدهور العلاقات البريطانية الأمريكية مع قدوم ترامب و تولى حزب العمال البريطاني مقاليد الحكم، خصوصا مع موقف بريطانيا تجاه الحرب الروسية الأوكرانية واختيار فريق دعم أوكرانيا باعتبارها قائدا لحلف الناتو مقابل مواقف ترامب المعلنة بشأن تلك الحرب خصوصا مع تقليص الدعم الأمريكي الموجه للسلطات الأوكرانية وموقف الحياد مع روسيا وهو ما فسره البعض بأنه دعم ضمني.
العلاقات مع الصين
واعلنت الخارجية الصينية عن تفاؤلها بتولى حزب العمال البريطاني زمام الأمور في البلاد وهو ما يعني تحسن كبير في العلاقات المشتركة بين البلدين وهو ما فسره بعض المحللون بأن بريطانيا قد تفتح مجالا للشراكة مع الصين لتعزيز التعاون الاقتصادي لمواجهة متطلبات تحسين الأوضاع المالية والاقتصادية للمواطنين و تقليل تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية عليها خصوصا في ارتفاع أسعار المحروقات والسلع الأساسية.