تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
أشرنا قبلًا إلى أنه كلما خطونا خطوة نحو استكمال استحقاقات خارطة المستقبل زادت وتيرة الأعمال الإرهابية الإجرامية، في إطار سعي القوى التي أضيرت من ثورة 30 يونيو التصحيحية، بدءًا من نظام الإخوان الساقط ووصولًا إلى الدول الداعمة له في الدائرتين الدولية "المخططة" والإقليمية "التابعة"، فبعد استرداد رابعة والنهضة جاءت الموجة الأولى التي تلعب على التمايزات الدينية الطائفية بتدمير وإحراق نحو مئة كنيسة ومنشأة خدمية مسيحية، والتي لم تحقق هدفها بفعل يقظة الأقباط وإدراكهم لأبعاد المؤامرة، ولم تعد الورقة الطائفية ذات تأثير بعد أن استخدمت لعقود من نفس التيارات، وأسقط في يدها بعد أن اقتربنا من استكمال الاستحقاق الثاني بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهالهم أن يتصدر المشير السيسي المشهد وفق الضوابط الديمقراطية، فكان أن انتقلوا إلى اللعب على ورقة الانتماء العرقي، خصوصا على النقاط الحدودية، والتي تتميز بامتداد القبائل بين مصر ودول الجوار.
وقد لفت انتباهي لتسلسل الأحداث أحد الأصدقاء البعيدين عن ضجيج النخب وصخب الإعلام، الأمر الذي يؤكد أن القاعدة الشعبية هي صمام الأمان والظهير الحقيقي لثورة المصريين، إلى الصديق رجل الأعمال الشاب مجدي فهيم عيد أشير.
فقد لاحظ في تسلسل الأحداث ما يكشف أبعاد المؤامرة على مصر، والتي بدأت فور الإعلان عن استقبال المرشح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي لوفد من أهالي النوبة برئاسة رئيس نادي النوبة العام، وبحسب التقارير الصحفية أعربوا عن دعمهم الكامل لترشح المشير لرئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى عرضهم تقديم الدعم الكامل لحملته الرئاسية بمنطقة النوبة، وأشار التقرير إلى أن السيسي ناقش مع الوفد رؤيته لتنمية النوبة والصعيد، واستمع منهم لعدد من الأفكار والاقتراحات البناءة في هذا الصدد. كان هذا يوم الثلاثاء أول أبريل الجاري.
فإذا بالأخبار تحمل نبأ زيارة عاجلة لأمير قطر إلى السودان في اليوم التالي مباشرة -الأربعاء الثاني من أبريل- ويعلن فيه منح قطر للسودان منحة مالية قدرها بليون دولار لتعزيز احتياطي السودان من النقد الأجنبي.
ويأتي يوم الجمعة الرابع من أبريل ليباغتنا بوقوع اشتباكات دامية بين أهالي النوبة (عائلة الدابودية وعائلة بني هلال) بأسوان، وسقوط العشرات من القتلى والجرحى، وما زالت النار تسري تحت الرماد.
الأحداث تحمل أكثر من رسالة، لكنها تجمع أن إصرار مصر على وضع نقطة في نهاية سطر النظام البائد دفع المتآمرين إلى حالة من الجنون المدعومة بتخطيط يمارسه الداعمون لهم من أجهزة مخابرات دولية وإقليمية تعرف كيف تثير القلاقل في المناطق الحدودية، وهو ما ستكرره على حدودنا الشرقية مع قبائل سيناء وعلى حدودنا الغربية مع قبائل مطروح والسلوم، خصوصا مع امتداد الحدود لأكثر من ألف كيلومتر.
ولنعد قراءة الأحداث:
ـ النوبة تدعم قائد ثورة التصحيح (1 / 4).
ـ أمير قطر يدعم السودان الحليف الأساسي للنظام البائد (2 / 4).
ـ انفجار الصدام بين القبائل النوبية والأسوانية على حدود السودان (4 / 4).
ثم يسألونك عن المؤامرة!!!
وهذا يتطلب سرعة التحرك لوأد الفتنة العرقية والتحسب لما هو آت بحزم يعتمد على المعلوماتية وربما يحتاج الأمر إلى ضربات استباقية تجهض هذه التحركات التآمرية، وأن يتسع التحقيق في أحداث أسوان بما يتجاوز البعد الجنائي للوصول إلى الأيدي الخفية المحركة للنعرات العرقية وتعقبها وتصفيتها، فليس بعد أمن الوطن أهمية لشيء ولا لأحد.
وعلينا أن ندرك أن استكمال خارطة المستقبل هو خيارنا الوحيد وعلينا أن نرتفع إلى مستوى التحدي ويكف الذين يسعون لتحقيق مكاسب ضيقة عن مسعاهم، ويدرك الشباب أن للحظة حساباتها، وأن للمرحلة مطالبها، التي تترجم في مواصفات من يقودها، وضرورة تبنية للحسم والحزم والانضباط بعيدًا عن شعارات لم تعد مناسبة لما نحن فيه، وليدركوا أنه ليس كل ما يلمع ذهبًا، وأن الرئيس القادم استثنائي وانتقالي.