الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

هل تحتاج مصر إلى تغيير سياساتها للتعامل مع اللاجئين؟.. باحث سياسي يطالب بضرورة وضع تشريع يقنن أوضاعهم والبحث عن سبل للاستفادة منهم بدمجهم في المجتمع واستغلال الكفاءات

الرئيس السيسي
الرئيس السيسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ اندلاع الأزمة السودانية في أبريل 2023، سخرت مصر كافة مؤسساتها المعنية لاحتواءها في محاولة لحقن دماء الشعب السوداني، في إطار السياسة الخارجية المصرية وثوابتها المتمثلة في استقرار ووحدة السودان وعدم التدخل في شئونه الداخلية، وهذا ما نقدمه دائما للشعب السوداني الشقيق. 

ولكن انتشرت دعوات وتم تدشين مجموعات على الفيسبوك والواتس اب وظيفتهم فقط مهاجمة استقبال مصر للاجئين السودانيين، كأنه دور جديد على مصر أو كأن السودانيين كانت لديهم رفاهية الاختيار ما بين الحرب والسلام.

ولكن كان هناك عدد من الجوانب الهامة لهذا الأمر وهو التأكيد على الروابط التاريخية بين مصر والسودان في السلم والحرب، وطرح هام هل هناك ضغط على  الخدمات والمرافق العامة بعد استقبال ما يزيد 9 مليون لاجيء؟ وكيف تتفادى مصر تلك المعضلة؟.

من نحو 133 دولة

في مؤتمر عقده مصطفى مدبولي للتدقيق في أعداد اللاجئين بمصر،  استعرض الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، الخدمات الصحية التي تقدمها الدولة للمهاجرين واللاجئين في قطاع الصحة، مشيرًا إلى أن هناك حوالي 9 ملايين مهاجر ولاجئ يعيشون في مصر من نحو 133 دولة، بنسبة 50.4% ذكور، و49.6% إناث، وبمتوسط عمري يصل إلى 35 سنة، يمثلون 8.7% من حجم سكان مصر، لافتا إلى أن 56% منهم يقيمون في 5 محافظات: القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، والدقهلية، ودمياط، كما أن هناك 60% من المهاجرين يعيشون في مصر منذ حوالي 10 سنوات، و6% يعيشون باندماج داخل المجتمع المصري منذ نحو 15 عامًا أو أكثر، بالإضافة إلى أن هناك 37% منهم يعملون في وظائف ثابتة وشركات مستقرة.

مؤتمر "معًا لوقف الحرب"

عقد مؤتمر تحت شعار "معًا لوقف الحرب"، اليوم الأحد، بحضور وفدا سودانيا استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحضور الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج، واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة، بالإضافة إلى عدد من ممثلي الأطراف الإقليمية والدولية، من بينهم وزير خارجية تشاد، وكبار مسئولي دول الإمارات وقطر وجنوب السودان وألمانيا، فضلًا عن ممثلي الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، وسفراء فرنسا والمملكة المتحدة والنرويج والاتحاد الأوروبي والسعودية بالقاهرة.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس أعرب، خلال اللقاء، عن تقديره لاستجابة المشاركين للدعوة المصرية لعقد هذا المؤتمر المهم، في ظل اللحظة التاريخية الفارقة التي يمر بها السودان الشقيق، والتي تتطلب تهيئة المناخ المناسب، لتوحيد رؤى السودانيين تجاه كيفية وقف الحرب، مشددًا على أن مصر لن تألو جهدًا، ولن تدخر أية محاولة، في سبيل رأب الصدع بين مختلف الأطراف السودانية، ووقف الحرب، وضمان عودة الأمن والاستقرار، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني، مؤكدًا ضرورة تكاتف المساعي للتوصل لحل سياسي شامل، يحقق تطلعات شعب السودان، وينهي الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي يعيشها السودان، بما تحمله من تداعيات كارثية على مختلف الأصعدة، السياسية والاجتماعية والإنسانية.

وأضاف المتحدث الرسمي أن المتحدثين من رموز القوى السياسية والمدنية السودانية، أعربوا من جانبهم عن تقديرهم وتثمنيهم البالغ للجهود المصرية المخلصة لدعم السودان منذ بدء الأزمة الراهنة، ما يجسد عمق الأواصر التي تجمع شعبي البلدين ووحدة التاريخ والمصير بينهما، مؤكدين ترحيبهم بمساعي القيادة المصرية لتقريب وجهات نظر الأطراف السودانية للخروج من الأزمة الحالية، فضلًا عن الدعم الذي تقدمه مصر لشعب السودان، سواء عبر سعيها الدؤوب لمعالجة الوضع الإنساني الكارثي الذي تعيشه مناطق واسعة في السودان، أو من خلال استضافتها الكريمة والطيبة، شعبًا وحكومة، لأبناء الشعب السوداني في وطنهم الثاني مصر، بما يعكس العلاقات الأخوية الأزلية التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين.

سياق اللاجئين في مصر

في تقرير نشرته منظمة الأمومة والطفولة "اليونيسيف" بعنوان "سياق اللاجئين في مصر"، أكدت على أن اللاجئين وطالبي اللجوء يعيشون في بيئة حضرية في مصر، ويتركزون إلى حد كبير في القاهرة الكبرى والإسكندرية ودمياط وعدة مدن في الساحل الشمالي ومدن القنال. ووتابعت "اليونيسيف" مع ذلك، في السنوات الأخيرة، زادت الظروف الاقتصادية الصعبة في مصر بشكل كبير من احتياج اللاجئين وأفراد المجتمع المُضيف، ومع افتقار العديد من اللاجئين إلى مصدر دخل ثابت إلى جانب زيادة التضخم، تتم بالكاد تلبية الاحتياجات الأساسية.

كما عددت "اليونيسيف" التحديات الأخرى التي تحيط أزمة اللاجئين منها محدودية الحصول على فرص كسب رزق فضلا عن حاجز اللغة الذي يواجه اللاجئين غير الناطقين باللغة العربية، كما يفتقر البعض إلى التعليم الرسمي المستدام الذي يمكن أن يدعم تطورهم. وبالإضافة إلى ذلك، يعتمد عدد كبير من اللاجئين وطالبي اللجوء على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية والحصول على الدعم الطبي أو النفسي – الاجتماعي.

كتاب "مصر والسودان"

في عام 2019 أعلنت الهيئة العامة للإستعلامات عن إصدارها كتاب "مصر والسودان" لتوضيح أن علاقات مصر والسودان أزلية وشاملة.

ووذكر الكتاب أنه في عام 1820، قام محمد علي باشا بدخول الأراضي السودانية وتمكن في الفترة من 1820 ـ 1823م، وعن طريق حملاته العسكرية من القضاء على الممالك القائمة وإدخالها في قيادته، وبدأ من هذا التأريخ تأسيس الوحدة السياسية لوادي النيل في ظل الدولة الحديثة.

 

وأشار الكتاب الى ان الوجود المصري في السودان ساهم في توحيد الكيان السياسي السوداني وربط أقاليمه بمصر برباط الوحدة العضوية والسياسية، الأمر الذي عزّز ورسّخ الأسس الوحدوية لوادي النيل ورسخ علاقات التواصل الديني والنفسي والثقافي والوجداني، إضافة إلى المياه والاقتصاد والتجارة، وقد ظل السودان يشكل جزءًا من مصر خاصةً قبل اتفاقية الحكم الثنائي التي أعقبت الاحتلال البريطاني للسودان1899.

تأثر السودان بثورة 1919م

كما أشار الكتاب إلى تأثر السودان بثورة 1919م فأخذ الوطنيون يجمعون صفوفهم ويتطلعون إلى الاستعانة بأشقائهم في مصر للاستفادة من تجاربهم في الكفاح من أجل الحرية والاستقلال، وفي عام 1936م تم وضع معاهدة قضت بإشراك مصر فعليًا في إدارة السودان، وقد كفل ذلك عودة الجيش المصري للسودان بناءًا علي قرار مجلس الوزراء المصري في 31/3/1937م.

إعلان الملك فاروق ملكًا علي مصر والسودان

واوضح كتاب هيئة الاستعلامات أن حكومة الوفد المصري بادرت في الخامس عشر من أكتوبر 1951م إلي إلغاء معاهدة 1936م، واتفاقية الحكم الثنائي، والتي تنص علي إدارة السودان شراكة بين مصر وبريطانيا، وبعد ذلك جرى تعديل الدستور المصري ليتم بمقتضاه إعلان الملك فاروق ملكًا علي مصر والسودان، وصدر قانون آخر لقيام جمعية تأسيسية مهمتها وضع دستور خاص، تجرى بمقتضاه انتخابات عامة لتكوين برلمان سوداني، ومجلس للوزراء، إلى إن قامت ثورة 23 يوليو 1952في مصر والتي اعترفت بحق السودان في تقرير مصيره وطالبت بانهاء الحكم الإنجليزي المدني والعسكري من السودان، وقد أدت المفاوضات المصرية البريطانية إلى توقيع اتفاقية السودان في 12/2/1953م، وبناءً عليها تأسست أول حكومة وطنية سودانية برئاسة اسماعيل الأزهري في 9/1/1954م، وفي الاول من يناير تم اعلان استقلال السودان.

وقوف السودان بجانب مصر بعد نكسة يونيو 1967

ورصد كتاب الاستعلامات، وقوف السودان بجانب مصر بعد نكسة يونيو 1967 وتلبية احتياجاتها الحربية، ووفر السودان المأوى والملجأ للطائرات المصرية، كما كان السودان المكان الآمن لدفعات من طلبة الكلية الحربية المصرية خلال تلك الفترة حيث تم نقل الكلية من القاهرة الى الخرطوم، وصعدت العلاقات إلى ذروتها بعدما استضافت السودان القمة العربية في الخرطوم المشهورة بلاءاتها الثلاث في مواجهة اسرائيلوالتي تم التأكيد فيها على وحدة الصف العربي وتصفية الخلافات.

حرب أكتوبر

واوضح الكتاب ان علاقات البلدين شهدت تحسنًا كبيرًا في فترة السادات –  جعفر النميري، وقد شارك الجيش السوداني في حرب أكتوبر عام 1973، حيث شاركت القوات السودانية كقوة احتياط بلواء مشاة وكتيبة قوات خاصة وتجنيد المتطوعين للقيام بمهمة إسناد للقوات المصرية لعبور خط بارليف حيث عبر عدد منهم القناة إلى جانب القوات المصرية، كما تم توقيع اتفاق للتكامل الاقتصادي بين البلدين في فبراير 1974وذلك بهدف دفع عجلة التكامل الإقتصادي والسياسي قدما.

اتفاق الحريات الأربع

ومع مطلع الألفية الجديدة بدأت العلاقات المصرية السودانية في التحسن، ففي عام 2004، تم توقيع «اتفاق الحريات الأربع» الذي نص على: حرية التنقل، وحرية الإقامة، وحرية العمل، وحرية التملك بين البلدين. 

واعتبرت أوساط سياسية وإعلامية حينها أن تلك الاتفاقية دشنت عهدًا جديدًا من العلاقات بين البلدين، وطوت معها صفحة الماضي وأزماته.

تغيير سياسات مصر للتعامل مع اللاجئين

يقول مصطفى شحاتة باحث سياسي، في ورقته البحثية التي نشرت مارس الماضي بعنوان "هل تحتاج مصر إلى تغيير سياساتها للتعامل مع اللاجئين؟"، أنه يمكن للحكومة المصرية الاستفادة من التسجيل السابق للمنظمة الدولية لهجرة اللاجئين والمهاجرين بالبحث عن سبل للاستفادة منهم بدمجهم في المجتمع واستغلال الكفاءات، كما تفعل دول مثل: ألمانيا.

وتابع "شحاتة" كما يمكن عمل دراسة للأماكن التي اختاروها للإقامة إذا ما كان يمكن توفير وظائف بعينها تمكنهم من العمل فيها وبالتالي إنتاج ما يفيد الدولة في نهاية المطاف، وتأثير سكنهم في هذه المناطق في الأسعار، خصوصًا الإيجارات والتمليك. 

كما طالب "شحاتة" الإدارة المصرية بضرورة وضع "تشريع يقنن أوضاع اللاجئين" ويضبط تعاملاتهم مع الحكومة وحتى تجمعاتهم في بعض أماكن السكن  ويكون الأساس فيه الحد من عدم المساواة وجعل التمتع بالخدمات الأساسية بين المواطنين والأجانب هدفًا له كما حدث في القانون المغربي.