الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

«كل شوق يسكن باللقاء لا يعوَّل عليه»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هذا الرجل له سر عجيب وغريب، أما أن تقترب منه ومن أفكاره وتحب كل كتابته وأما أن تبتعد عنه وترفض آراءه.

شخصية متفردة محيرة منذ أن كان على قيد الحياة إلى يومنا هذا -كما قيل -ستجد أما تأيـيد وموالاة ونصرة وأما إنكار ومعارضة وخصومة قد  تبلغ درجـة الـتكفير!

سوف تحتار فى فكر الشيخ الأكبر "محيي الدين بن عربي"، وهل هو كما اتهمه البعض كافر أو زنديق أو أَفّاك - هذا  ستقرأه  عند بعض من علماء أهل السنة والجماعة- وانه جمع-كما اتهموه-  كل عقائد المشركين  والزنادقة.
أم هو المفكر المتفرد والموصوف عند كثير من المفكرين  والكتاب بأنه السابق لعصره وكان  متصوفًا وشاعرًا وفيلسوفًا وقد حاز على ألقاب كثيرة مثل الشيخ الأكبر، ورئيس المكاشفين، وإمام المحققين، وسلطان العارفين.

وأيضا فى المقابل هناك من أطلقوا عليه لقب الكاذب والمضل وممارس الكفر الأكبر ولن تجد إجابة شافية إذا قرأت عنه ولن تجد  اتفاقا على رأى.

عندما سألت الكاتب الصوفى  أحمد بهجت وهو الكاتب الإسلامي  الذى أبدع فى كل المجالات  الفكرية  عن مؤلفاته العديدة،  وسألته تحديدا هل أنت متصوفا؟ كانت إجابته غير متوقعة  ومفاجأة لى إذ قال إنه ليس متصوفا بالمعنى  الحرفى  للكلمة  لأنه يرى أن التصوف تجربة روحية تشف فيها الروح ثم صمت برهة وبسرعة أكمل بأنه هو فقط  مهتم جدا بما كتبه الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي.

جذبت انتباهى هذه الجملة بقوة لأبحث عمن أهتم به الكاتب المتألق أحمد بهجت وقد وجدت مؤلفاته كثيرة ومتنوعة ووجدت الشيخ الأكبر مرتحلا عبر الزمان والمكان ومغتربا لا يعرف مستقرا ولا تدوم معه صحبة، وقد اندهشت عندما عرفت أن مؤلفاته تقترب من  الألف كتاب وأن لم يبق منها سوى مائة كتاب.

أما ما كُتَبَ عنه من مؤلفات ودراسات وأبحاث  تناولت  حياته وأفكاره فهى بالآلاف ومازال التأليف عنه مدحا أو قدحا مستمرا.

بدأت فى قراءة بعض كتبه فشعرت بمتعة لا مثيل لها، أحببت فيه أنه شاعر مبدع  وفيلسوف خَلاَّق  وأديب مُبْتَكِر وحكيم مُوجِد.

أفكاره تدخلك فى عصف ذهنى مع جمال الكلمة وسحر العبارة ورَوْعَة كل لفظ مع خيال جامح وسفر فى الازمان وترحال من مكان إلى مكان.
من بعض عباراته الممتعة التى قرأتها ولم أنساها "وتحسب أنك جِرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر" أو "كل شوقٍ يسكن باللقاء، لا يعوَّل عليه" أو "كل معرفة لا تتنوّع لا يعوَّل عليها"

كثيرة هى أقواله الرائعة  والمذهلة والعجيبة، وصدق من قال إنه المُرتحل الأَكبر عبَّر الزمان والمكان!

الفرحة الكبرى جاءت عند البحث عن مؤلفات الشيخ الأكبر وهى العثور على   رواية" موت صغير" لمؤلفها محمد حسن علوان والتى حازت   على جائزة  الرواية العربية "البوكر" وتناولت حياة الشيخ الأكبر محي الدين بن عربى ودمج فيها الكاتب المتألق بين الحقيقة والخيال وهى رواية ممتعة جدا وشيقة  و فيها طرح جديد  بأسلوب جميل وكلمات نُضْرَة ونابضة بالحياة، فيها ترحال وحب وسفر وغربة مع سحر الإبداع وإِجَادَة الابتكار وتفوق  البراعة.

الأسبوع المقبل بإذن الله نعيش معا أحداث مذهلة فى هذه  الرواية الرائعة.