ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن الإيرانيين انتخبوا رئيسا إصلاحيا للمرة الأولى منذ عقدين من الزمان بسبب الخوف من وصول بديل متشدد، الأمر الذي كان دافعا وراء ارتفاع نسبة الإقبال على التصويت للمرشح الذي تعهد بكبح جماح "شرطة الأخلاق" واستئناف المحادثات النووية.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن الإيرانيين أقبلوا بأعداد أكبر مما كانت عليه في الانتخابات السابقة لانتخاب رئيس إصلاحي خاض الانتخابات على أساس برنامج إعادة الارتباط مع الغرب وتخفيف القواعد الأخلاقية الصارمة في البلاد فيما يتعلق بالمرأة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الناخبين الليبراليين، الذين واجهوا خيارا صارخا بين الإصلاحي الحذر والمتشدد الصرف، تخلصوا من بعض خيبة الأمل التي أدت إلى انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأولية قبل أسبوع، وتوجهوا إلى مراكز التصويت لخوض جولة لإعادة وضع مرشح إصلاحي في منصبه لأول مرة منذ عقدين.
وفاز السياسي غير المعروف مسعود بزشكيان، وهو جراح يبلغ من العمر 69 عاما، بأكثر من 53% من الأصوات، متغلبا على منافسه المتشدد سعيد جليلي (58 عاما)، وفقا للنتائج الرسمية التي أعلنتها وزارة الداخلية على التلفزيون الرسمي. وبلغت نسبة المشاركة 49.8%، ارتفاعا من 40% في الجولة الأولى من الانتخابات في أعلى مستوى من التكهنات قبل التصويت.
وذكرت أنه سيتعين الآن على بزشكيان أن يعمل في مسرح السياسة الإيرانية لإدارة الاقتصاد المنهك والسكان الساخطين بشكل متزايد الذين لطالما تظاهروا على مدى العقد الماضي. وتعهد بالعمل على استعادة اتفاق 2015 الذي رفع العقوبات الدولية مقابل فرض قيود على برنامج إيران النووي، والوقوف ضد القيود المفروضة على الإنترنت.
وأشارت الصحيفة إلى أنه باعتباره ثاني أعلى مسؤول في إيران بعد المرشد الأعلى علي خامنئي، يشرف الرئيس على السياسات الاقتصادية ويعين مجلس وزراء يضم صناع القرار الرئيسيين في مجالات تتراوح من الشؤون الخارجية إلى صناعة النفط الاستراتيجية. لكن يمكن منع القرارات من قبل البرلمان والمرشد الأعلى، الذي له الكلمة الأخيرة في السياسة.
وأوضحت الصحيفة أنه ليس لدى الرئيس الإيراني تأثير كبير على المسائل الأمنية والعسكرية، التي هي في أيدي خامنئي وفيلق الحرس الثوري، ما يعني أن الانتخابات من غير المرجح أن تؤثر على نهج المواجهة الذي تتبعه البلاد تجاه الولايات المتحدة ودعم فصائل مسلحة في الشرق الأوسط.
ووفقا للصحيفة فإن الانتخابات تخضع أيضا لرقابة مشددة. وتوافق الحكومة الإيرانية على جميع المرشحين. ومع ذلك، تتسامح الحكومة مع درجة من الحملات الانتخابية الرئاسية التنافسية والتصويت.
ودعا خامنئي إلى الوحدة والاستمرارية بعد إعلان النتائج، ونصح الرئيس المنتخب بمواصلة المسار الذي رسمه سلفه المحافظ إبراهيم رئيسي، الذي أدى مصرعه في حادث تحطم مروحية في مايو الماضي إلى إجراء الانتخابات.
يمنح انتخاب بزشكيان قادة إيران وسيلة لتحسين صورتهم حتى مع تعزيز العلاقات مع روسيا والصين وبناء شبكتهم من المليشيات المتحالفة، ما يشكل أكبر تهديد لحلفاء الولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الأوسط منذ تأسيس الجمهورية في عام 1979.
وكان خصم بزشكيان قد تعهد بتصعيد الصراع مع من فرضوا العقوبات على إيران.
وأشارت الصحيفة إلى أن بزشكيان يواجه معركة شاقة لإحداث تغيير في نظام تهيمن عليه المؤسسات المحافظة بما في ذلك السلطة القضائية والسلطة القضائية والعسكريون وكبار المسؤولين وصولا إلى المرشد الأعلى.
ولفتت إلى أنه عندما كان وزيرا للصحة في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي بين عامي 2001 و2005، رأى بنفسه كيف يمكن للمتشددين عرقلة محاولات جعل الانتخابات ليبرالية. وقد يواجه طموح بزشكيان لتخفيف القواعد المتعلقة بالحجاب وإنعاش الاقتصاد من خلال اتفاق نووي حق النقض من البرلمان المحافظ.
وقال علي فايز، المدير المختص بشؤون إيران في مجموعة الأزمات ومقرها بروكسل: "إن مرونته هي السبب وراء نجاة بزشكيان وبقائه في اللعبة في الوقت الذي تم فيه تهميش الآخرين".
وكان جليلي قد رفض الدعوات لإحياء اتفاق عام 2015 الذي رفع العقوبات الدولية مقابل فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018. وتعهد بتجاوز القيود وتوسيع التجارة مع روسيا بدلا من ذلك، وفقا للصحيفة.