الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الجهاد.. الفريضة المظلومة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تم خطف الجنود السبعة تحت شعار “,”الجهاد في سبيل الله“,”.. وقُتل المدنيون في تفجيرات بوسطن ولندن ومدريد باسمه، وقُتل المدنيون المسلمون في تفجيرات الرياض والرباط والدار البيضاء وشرم الشيخ باسمه.. وخُطف الشيخ الذهبي، العالم الأزهري الجليل، باسمه.. وفجر الشيعة مساجد السنة وفجرت السنة مساجد الشيعة باسمه.. وقُتل العلماء أو فُجِّروا في المساجد باسم “,”الجهاد“,”.. وكل ذلك وأمثاله لا يمت للجهاد بصلة.
إنها الفريضة المظلومة التي ظلمها الجميع.. ومنهم أهلها الذين وضعوا السيف في غير موضعه، فقاتلوا في المكان والزمان الخطأ، وبالطريقة الخطأ؛ فأساءوا إلى هذه الفريضة العظيمة، التي شرعها الإسلام لحفظ الأوطان، وردع الأعداء، وحقن الدماء وليس إراقتها دون مبرر.
وهي الفريضة التي ظلمها خصومها، الذين ينكرونها ويرفضونها، أو يقولون إنها ليست من الإسلام.. ناسين أن الحق لا بد أن تحميه قوة عادلة راشدة، تحمي ولا تبطش، تدافع ولا تظلم.
فليس للمسلمين أخلاق فحسب.. ولكن لسيوفهم أخلاق أيضًا.. فهي لا تقتل طفلاً ولا امرأةً ولا شيخًا ولا فانيًا، ولا تقطع شجرة ولا نخلة في حالة الحرب.. فكيف يكون حالها في السلم؟
“,”الجهاد“,” هو الفريضة المظلومة، التي أساء إليها أهلُها الذين يكفِّرون المسلمين والمدنيين ويقتلونهم باسم الإسلام.. فيضرون الإسلام أكثر مما يضره أعتى أعدائه.
فالذين يكفِّرون الجيش والشرطة والحكام، حتى وإن كانوا من الإخوان المسلمين أو من حزب النهضة، يجرون بلادهم إلى الخلف، ويسيئون إلى الإسلام والدين -بل والجهاد في سبيل الله- أعظم إساءة.. ويلطخون ثوب الإسلام النقي الأبيض بالدماء الحرام.. ويلوثون دعوة الإسلام الطاهرة.
وبدلاً من أن يقدموا الإسلام للناس غضًّا طريًّا صافيًا نقيًّا قدموه مشوهًا ممزقًا باهتًا جامدًا.
إن رسالة الإسلام الأساسية تكمن في التبشير لا التنفير، والتجميع لا التفريق.. والرحمة بالناس لا القسوة عليهم.. فمن نفرهم ولم يبشرهم.. وفرقهم ولم يجمعهم .. وعسر ولم ييسر عليهم.. وقسا عليهم ولم يرحمهم؛ فليبحث له عن زعيم آخر غير النبي (صلى الله عليه وسلم)، وعن دين آخر يتحدث عنه سوى الإسلام.
إن القتال ليس فخرًا في حد ذاته.. فالوحوش في البراري تتقاتل ويقتل بعضها بعضًا.. ولكن الفخر الحقيقي هو أن تقاتل في سبيل الله نصرة للدين، وإعزازًا للإسلام، ودفعًا للفتن، ودفاعًا عن الأوطان.
أما القتال والتكفير وتفجير المدنيين وخطف المسلمين فلا ثمرة له سوى إراقة دماء الأبرياء، وسفك الدماء المعصومة، وزرع الأحقاد، وإضعاف الأمة أمام أعدائها الحقيقيين، وزرع الخوف من كل ما هو إسلامي.. وهذا يلحق بقتال الفتنة الذي حرمته الشريعة ومنعته نصوص الكتاب والسنة.
إن أمة الإسلام لها أخلاق وسيوفها أيضًا لها أخلاق.. فهل نسينا قولة الصحابي أبي دجانة: “,”لقد أكرمت سيف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن أقتل به امرأة“,”؟.. رغم أن “,”هند“,” وقتها كانت تقاتل في جيش المشركين في “,”غزوة أحد“,” وتحثهم على الحرب.
لقد بلغ من أخلاق سيوف أمتنا أنها تحمي المساجد التي يذكر فيها اسم الله كثيرًا، وتحمي الكنائس ومعابد اليهود في بلاد المسلمين رغم اختلاف العقيدة.. وتدافع عن حرية عقائدهم وأموالهم وأعراضهم.
لقد أساء البعض لفريضة الجهاد العظيمة التي قرنت دومًا بالرحمة.. فهذا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) يقف على رأس امرأة مقتولة في إحدى غزواته فيقول: “,”من قتل هذه“,”؟.. وفي رواية: “,”ما كانت هذه لتقاتل“,”.. وكأنه يفسر -بالروايتين معًا- علة الحرب والقتال في الإسلام، وهي “,”المقاتلة“,”.. كما قال أغلب فقهاء السلف.. فمن قاتلك أو اعتدى عليك تقاتله.. امتثالاً لقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ﴾.
فالجهاد في الإسلام ليس اعتداءً على الآخرين أو تسلطًا عليهم أو فرص الإسلام أو الرأي والفكر عليهم بالقوة.. ولكنه الدفاع عن بلاد المسلمين والذود عن حرماتهم.