يواجه بنيامين نتنياهو ضغوطًا داخلية وخارجية بسبب تهجمه على الولايات المتحدة والأمم المتحدة، ومحاولته للبقاء فى السلطة بالتعاون مع الائتلاف اليميني المتطرف، الذى منحهم صلاحيات واسعة فى الضفة الغربية. فى الوقت نفسه، تبقى إدارة بايدن مترددة فى التدخل لوقف الصراع فى غزة.
وتناولت صحيفة الجارديان البريطانية فى تقريرها الأخير سلوكيات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، مشيرة إلى تصاعد انغلاقه مع الأطراف الأكثر تطرفًا فى الساحة السياسية المحلية والدولية.
وذكرت الصحيفة أنه فى الوقت الذى يخوض فيه نتنياهو معارك على عدة جبهات، يبدو أنه أصبح أكثر ارتباطًا من أى وقت مضى بأكثر الجهات تطرفًا فى السياسة الداخلية.
وفى الأسبوع الماضي، هاجم نتنياهو حليفته الرئيسية، الولايات المتحدة، التى وبخته، ولكنها لم تفعل إلا القليل لوقف الحرب فى غزة أو لتجنب الصراع الكارثى المحتمل مع حزب الله.
ويوم الإثنين، وصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، الأمين العام أنطونيو جوتيريس بوصفه "شريكًا فى الإرهاب"، متهمًا إياه بأن هدفه الحقيقى هو «مساعدة حماس على تفادى العواقب فى هذه الحرب». هذا جاء بعد اتهام جوتيريس لإسرائيل «دون ذكرها بالاسم» بنشر معلومات مضللة.
ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو يعمل بكل قوة للحفاظ على شركائه فى الائتلاف اليمينى المتطرف. منح الشرعية السياسية لحزب «عوتسما يهوديت» بزعامة إيتامار بن جفير، وزير الأمن القومي، وللحزب الصهيونى الدينى بزعامة وزير المالية بتسلئيل سموتريش، عندما دعاهما للانضمام إلى الحكومة، ويعزم على الإبقاء عليهما بشكل متزايد.
وبدون دعمهم، يمكن أن يواجه نتنياهو خسارة منصبه ومواجهة محاكمة بتهم الفساد التى تلاحقه منذ فترة طويلة.
علاوة على ذلك، عرقل اليمين المتطرف محاولات الولايات المتحدة للوصول إلى وقف لإطلاق النار واتفاق للتبادل السجناء، مما أظهر الخلاف المتنامى بين القيادة العسكرية الإسرائيلية والحكومة.
ومنح نتنياهو سموتريتش صلاحيات واسعة بشأن المستوطنات الإسرائيلية والبناء الفلسطينى فى الضفة الغربية المحتلة، مقابل دعمه السياسي.
وفى الشهر الماضي، نقلت قوات الاحتلال الإسرائيلى السلطات القانونية فى الضفة الغربية إلى مسؤولين مدنيين مؤيدين للمستوطنين، ويعملون لصالح سموتريتش، الذى أظهر جهودًا نشطة للترويج للضم، مما يعد انتهاكًا للقانون الدولي.
وأفادت التقارير بأنه أكد لزملائه أنه يسعى لترسيخ السيادة الإسرائيلية أولًا على الأرض، ومن ثم من خلال التشريع، مشيرًا إلى أن مهمته الأساسية هى منع إقامة دولة فلسطينية، وأن نتنياهو يدعمه تمامًا فى ذلك.
يوم الثلاثاء، أصدرت المحكمة العليا فى إسرائيل قرارًا بضرورة تجنيد الرجال الأرثوذكس المتطرفين للخدمة العسكرية، مما يعتبر تهديدًا محتملًا للتحالف الحكومي. تم إنشاء إعفاء خاص لهؤلاء الرجال عندما كانت جماعة الحريدى صغيرة، ويتوقع الآن أن يمثلوا أكثر من خمس السكان بحلول عام ٢٠٤٢. تبقى هذه المسألة محور معركة طويلة الأمد، حيث تحاول الحكومات تجنب مواجهتها لتجنب إثارة استياء الناخبين فى الأوساط الأرثوذكسية المتطرفة.
وتفاقم النزاع بسبب الحرب فى غزة والاشتباكات المتصاعدة مع حزب الله. فى الأسبوع الماضي، وأقرت الحكومة مشروع قانون لرفع سن الإعفاء لجنود الاحتياط وتمديد مدة الخدمة العسكرية. بالنسبة للكثير من الإسرائيليين، بما فى ذلك أعضاء حزب الليكود بقيادة نتنياهو، لم يعد الإعفاء مجرد قضية فنية، بل أصبح خدمة سياسية يتم منحها على حسابهم المباشر أو حساب أبنائهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن رحيل نتنياهو لن يكون حلًا سحريًا؛ فقد لا تختلف سياسات رئيس وزراء آخر بشأن حزب الله ومستقبل غزة بشكل كبير. ولا تزال إدارة بايدن مترددة فى استخدام نفوذها المحتمل- من إمدادات الأسلحة إلى المواقف الدبلوماسية وحتى العقوبات ضد سموتريتش- كما ينبغى لوقف الحرب فى غزة وتشديد القبضة على الضفة الغربية.
ولكن الإدارة التى تحكمها مراعاة رصينة لاحتياجات إسرائيل وأولوياتها، بدلًا من السعى للبقاء السياسى الشخصي، قد تجد طريقها على الأقل إلى صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار، وتتحرر من القبضة الخطيرة التى يفرضها اليمين المتطرف.