حذر علماء وخبراء طقس حول العالم من تزايد عدد الوفيات الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة في العديد من دول العالم في الفترة التي قد تصبح الأكثر سخونة على الإطلاق من شهري يونيو الجاري حتى أغسطس المقبل بشكل كبير.
وقال سيلوين هارت مستشار الأمم المتحدة الخاص المعني بتغير المناخ - لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية - إن الدول بحاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات لحماية الناس من الحرارة الشديدة، والتي وصفها بأنها "القاتل الصامت"، محذرا من أن موجة درجات الحرارة المرتفعة الأخيرة كانت "مجرد علامة على أشياء قادمة".
وقالت مبعوثة المناخ الألمانية جنيفر مورجان: إن تغير المناخ يغذي الظروف المناخية المتطرفة في جميع أنحاء العالم ويعرض "الشرائح الأكثر ضعفًا من السكان للخطر".
وأشارت (فاينانشيال تايمز) - في سياق تقرير نشرته اليوم الأربعاء - حول هذا الشأن إلى أن الهند تواجه حاليا أطول موجة حر على الإطلاق، في حين أصدرت الولايات المتحدة تحذيرات من الحرارة تؤثر على أكثر من 100 مليون شخص في أكثر من 20 ولاية في الأيام الأخيرة.
وظلت درجات الحرارة في أجزاء من جنوب أوروبا، بما في ذلك تركيا وإيطاليا وقبرص وإسبانيا، تقترب من 40 درجة مئوية هذا الشهر، في حين وصل مقياس الحرارة إلى ما يقرب من 50 درجة مئوية في بعض دول الشرق الأوسط مثل الإمارات العربية المتحدة، قبل شهرين من وصول درجات الحرارة عادة إلى ذروة درجات الحرارة في المنطقة خلال هذا الوقت من السنة.
كذلك، تم الإبلاغ عن وفاة العديد من السياح في اليونان، حيث تعرضت البلاد لأشد موجة حارة مسجلة هذا الشهر.
في الوقت نفسه، تسببت الحرارة الشديدة في وفاة أكثر من 1300 شخص بين الحجاج المشاركين في أداء فريضة الحج لهذا العام، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية في المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي.
وخلص تقرير صادر عن البرنامج الأوروبي لمراقبة الأرض "كوبرنيكوس" والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية هذا العام إلى أن الوفيات المرتبطة بالطقس الحار في أوروبا ارتفعت بنسبة 30% على مدى العقدين الماضيين وحذر من "التأثير العميق للإجهاد الحراري على الصحة العامة".
وكشف التقرير أن العلماء وجدوا أن هناك ما يقرب من 62 ألف حالة وفاة مرتبطة بالحرارة في جميع أنحاء القارة في عام 2022، وعلى الصعيد العالمي، توفي ما يقدر بنحو 490 ألف شخص بسبب الحرارة في الفترة من عامي 2000 إلى 2019، وفقًا لبيانات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وكانت الفترة من يونيو إلى أغسطس من العام الماضي هي الموسم الأكثر سخونة على الإطلاق، في حين كان كل شهر من الأشهر الاثني عشر الماضية هو الأكثر دفئًا على الإطلاق على مستوى العالم، حيث أدى مزيج من ظاهرة النينو المناخية التي تحدث بشكل طبيعي وتغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وتعليقًا على ذلك.. قالت فريدريك أوتو المحاضر الأول في علوم المناخ في "إمبريال كوليدج لندن" موجات الحر القاتلة التي نشهدها في جميع أنحاء العالم تشير بوضوح إلى أن مناخنا يرتفع إلى مستويات خطيرة".
وأضافت: "أن هذا الصيف يمكن أن يصبح الأكثر سخونة على الإطلاق، حتى مع تلاشي ظاهرة النينو وتحولها إلى ظاهرة النينيا"، وهي الظاهرة المناخية المقابلة التي تؤدي عادة إلى انخفاض درجات حرارة سطح الأرض، فيما كشف كوبرنيكوس هذا الشهر أن الجزء الأخير من الصيف الأوروبي من المرجح أن يكون أكثر دفئًا من المتوسط.
وقال جوليان نيكولا كبير علماء المناخ في كوبرنيكوس لصحيفة (فاينانشيال تايمز) "إن تغير المناخ الذي يسببه الإنسان يجعل موجات الحر أكثر تواترًا وأكثر شدة، مما يزيد من احتمال وقوع العديد من الأحداث بشكل متزامن في أجزاء مختلفة من العالم في وقت معين".
وفي سياق متصل..أظهرت دراسة نشرها أكاديميون من جامعات كاليفورنيا وبيركلي وبرينستون هذا العام، أن ظاهرة النينو القوية في نهاية عام 2023 تعني أن هناك فرصة بنسبة 68% لتحطيم الأرقام القياسية الحالية لدرجة الحرارة والرطوبة عبر المناطق الاستوائية هذا العام، مع الإشارة إلى أنه عادة ما تكون درجات الحرارة في الصيف أعلى في الأشهر التالية لظاهرة النينو، والتي تحدث عندما ترتفع درجة حرارة المياه في شرق المحيط الهادئ الاستوائي أكثر من المعتاد.
وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية هذا الشهر: إن هناك الآن احتمالا بنسبة 70% لحدوث ظاهرة النينيا المعاكسة بين شهري أغسطس ونوفمبر من هذا العام والتي تساعد عادة على تبريد درجات حرارة السطح العالمية، غير أن سيلوين هارت أكد أنه في العديد من المدن الكبرى، حتى في البلدان الغنية، غالبًا ما يكون المحرومون اقتصاديًا والفقراء والمعوقون هم الضحايا الصامتون لموجات الحر".