تعاني عدة دول أفريقية وعربية من الكوارث الصحية بسبب الصراعات والحروب ويأتي في مقدمتها الوضع الصحي في فلسطين والسودان، حيث تتعاظم أعداد المرضى والمصابين في قطاع غزة بسبب عدوان الاحتلال المستمر منذ 7 اكتوبر 2023، بينما تعاني السودان من أزمة صحية وإنسانية بسبب الصراع الداخلي الدائر في السلطة، وفي كلا الحالتين وقعت الإنسانية في أزمة بين انعدام الإجراءات والعلاجات الطبية، وبين توفير أبسط أنواع التغذية الصحية للأطفال الذين يعانون المجاعة سواءً في غزة أو السودان، وهذا ما أقرته منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط في إحاطتها الإعلامية الأخيرة، اليوم الثلاثاء، عن الوضع الصحي في كلا من غزة والسودان.
وقالت د.حنان بلخي مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، إن المنظمة تتعامل مع جميع المكاتب الإقليمية للصحة العالمية لتكون هناك جاهزية كبيرة للتعامل الصحي خاصة مع وجود الصراعات والنزاعات والتهجير في إقليم شرق المتوسط؛ بسبب حدة المشاكل وعدم الاستقرار في الإقليم.
وأكدت أن فريق منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط يعمل على عاتقه علي إيجاد جاهزية للمنظمات الصحية وخدمة المنطقة وتكوين الكوادر الصحية وتوفيرهم في منطقة الشرق المتوسط وضمان عدم هجرتهم الى مناطق اخرى.
وأشارت إلى عمل المنظمة العالمية على توفير الأدوية والمعقمات وما يستلزم لخدمة المنظومات الصحية ليس فقط في أوقات الجوائح ولكن بشكل مستدام لوصول الصحة لجميع أهل المنطقة.
الوضع المأساوي في غزة
فيما كشف الدكتور ريتشارد بيبركون، ممثل منظمة الصحة العالمية في فلسطين، أنه في الوقت الراهن لدينا وضع إنساني مشوب بتحديات بالغة وكذلك عدم اتساق مستويات الوقود للقطاع الصحي بما يعيق كل العمليات الإنسانية، قائلًا: "لقد رأينا الوضع يتهاوى منذ إغلاق معبر رفح ، ونقص المساعدات الإنسانية".
وأوضح أن الصحة العالمية لديها 26 شاحنة في انتظار دخولها إلى قطاع غزة من المساعدات، ولكن الوضع محبط خاصة مع إغلاق المعبر والطرق، والتغيرات المناخية وارتفاع درجة الحرارة وحاجتنا لتبريد الأدوية والحفاظ علي سلامتها، مشيرًا إلى أنه تم إدخال بعض المساعدات في الضفة الغربية لغزة.
توقف الإجلاء الطبي
وقال الدكتور ريتشارد بيبركون، ممثل منظمة الصحة العالمية في فلسطين أن المنظمة تعمل على الإجلاء الطبي للمرضى والمصابين في غزة، وهناك 4 آلاف طلب و900 حالة للإجلاء تمت بالفعل إلى مصر وقطر وتونس وتركيا وايطاليا والامارات والاردن وعمان وسويسرا، وهنااك حالات طبية تحتاج إلى تدخلات عاجلة خاصة مصابي الحروق وأمراض القلب والجروح والاصابات الناتجة من الحرب.
وأوضح أن الصحة العالمية تريد أن تنظم سبيلا للاجلاء الطبي بداية من فتح معبر رفح وجعله ممر آمن، كما تحتاج إلى وسائل نقل للمرضي داخل غزة والقدس.
وحول الوضع الصحي في الأراضي الفلسطينية قال أن هناك أمراض تظهر مع ارتفاع درجة الحرارة في الصيف خاصة مع ندرة وشح المياه، وهناك أشخاص يعيشون في ظروف صعبة، وأن أكثر من 9 آلاف حالة تعاني من صعوبات التنفس والإسهال والتهاب الكبد الوبائي A، كذلك المشكلات الصحية المتعلقة بسوء التغذية.
المستشفيات خارج نطاق العمل
وأشار ممثل الصحة العالمية في فلسطين إلى أن هناك عدد قليل من المستشفيات التي لا تزال تعمل في قطاع غزة، خاصة مع خروج المستشفيات الكبيرة مثل مستشفى الشفاء ومجمع ناصر الطبي، وأن العمل يستند على المستشفيات الميدانية في غزة ولكن للأسف لا توجد في رفح أيا من المستشفيات المدنية.
وكشف أنه منذ 7 مايو لم يوجد عمليات إجلاء طبي منظم، منذ اغلاق معبر رفح، وهناك ألفين شخص مريض يحتاج إلى الإجلاء الطبي الفوري وتم ارجاء هذا الأمر، هذا بالإضافة إلى 10 آلاف شخص على الاقل يحتاجون إلى الإجلاء الطبي في القريب.
وأكد أن فريق منظمة الصحة العالمية في غزة يقدمون بعثات طبية في عدة مناطق، والعمل على إمدادهم بالوقود ودعم فرق الطواري ونقل المرضي من الشمال الي الجنوب او من مستشفي الي مستشفي اخر يمكن تلقي العلاج فيها، كما استطاعت الصحة العالمية نقل 5 اطفال الي مستشفي ناصر ويجب اجلاء 4 منهم خارج غزة لتلقي العلاج.
المجاعة تهدد الوضع الإنساني في السودان
في السودان الأمر لا يختلف عن غزة كثيرًا، والمجاعة طالت الكبار والأطفال حيث أوضحت هالة الخضري رئيسة فريق الطوارئ الصحية بالسودان، إن السودان يمر بوضع مأساوي شديد من الأزمات الانسانية حول العالم، فهناك 5 ملايين من السودانيين يعانون من سوء الإمداد الغذائي في عدة مناطق منها الخرطوم. خاصة مع الصراع المستمر على المستوى القطري.
وأوضحت الخضري، أن الصحة العالمية وضعت خطة للاستجابة إلى المجاعة في السودان والتصدي لها، والعمل على اتساع المجال للاستجابة ومن ضمن الإجراءات التي عملت عليها الصحة العالمية التعاون مع مركز الاستقرار لخدمة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، مؤكدة أن هناك الكثير من الجهد المبذول للتصدي لخطر المجاعة وتخفيض الكارثة التي تلوح في الأفق.
انتشار الأوبئة والأمراض المعدية في الصراعات والتغيرات المناخية
وحول ما يتعلق بالفاشيات الدائرة في السودان فقالت الدكتورة هالة الخضري إن هناك صعوبات في الوصول إلى بعض الأماكن ولكن بمساعدة الشركاء نحاول ابتكار طرق للترصد عبر التكنولوجيا مثل التبليغ عبر الهاتف مثل المناطق الصعبة في دارفور، وهناك جهود حثيثة للاستجابة لعمليات الرصد ونواصل توزيع الحزم الطبية والاسعافات الي عدة مناطق صعبة في السودان.
كما كشف الدكتور ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الإقليمي في منظمة الصحة العالمية ، إن هناك احتياجات صحية ضخمة في غزة من ضمنها انتشار الأمراض المعدية، وتفشي الإسهال، وهناك أولوية في تعزيز الترصد لهذه المسألة، ومع أي فاشية آخرى لأي أمراض فنحن نقلق من تفشيها عبر الحدود ولكن حتى الآن لا يوجد أمراض منتقلة من غزة عبر الحدود.
وأشار "برينان" إلى أن هناك أمراض معدية مرتبطة بالتغيرات المناخية مثل الكوليرا وانتشار الأمراض التي تنقلها الحشرات مثل البعوض، وأن التأثير الحقيقي الذي يعنينا من منظور الطوارئ مثل الفيضانات في باكستان أو الجفاف، ونستثمر الكثير من الجهود في الصحة العالمية في ظل الظروف الصعبة والموارد المحدودة للدول.