بذلت الدولة جهود كبيرة في القضاء على ختان الإناث، بدايةً من صدور قرار وزير الصحة عام 1959 برقم 74 بحظر إجراء ختان الإناث في مستشفيات ووحدات وزارة الصحة، مرورا بتنظيم عدد كبير من المؤتمرات الدولية والبرامج والمبادرات الوطنية لمناهضة هذه الممارسة، ولن يغفل التاريخ الوطني أيضًا جهود المناهضات الأوائل لختان الاناث في مصر وهن: «ماري أسعد وعزيزة حسين».
تجريم ختان الإناث
في عام 2007، صدر القرار الوزاري رقم 271 بمنع إجراء عمليات ختان الإناث، وتم تجريمه بإضافة المادة 242 مكرر من قانون العقوبات المضافة بقانون الطفل رقم 126 لسنة 2008، وفى عام 2003 تم وضع برنامج وطني لمناهضة ختان الإناث تبناه المجلس القومي للطفولة والأمومة، ثم تم توسيع اهداف البرنامج ليصبح "البرنامج القومي لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث" وذلك خلال الفترة من 2003 إلى 2011، حيث تم تنفيذ أنشطة البرنامج على المستوى القاعدي في حوالي 120 قرية، أغلبها في صعيد مصر، لتقديم نماذج ناجحة لقري رافضة لهذه الممارسة، ولعب البرنامج دورا أساسيا في انخفاض واضح في المؤشرات القومية الخاصة بممارسة الختان في الفئة العمرية (15 – 17 ) عاما إلى 61% حسب بيانات المسح السكاني الصحي 2014.
وفى عام 2016 تم تغليط العقوبة بموجب القانون رقم 78 بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تجاوز 7 سنوات كل من قام بختان لأنثى بأن أزال أيا من الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام أو الحق إصابات بتلك الأعضاء دون مبرر طبى وتكون العقوبة بالسجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة أو إذا أفضى الفعل إلى الموت، كما نص فى مادة أخرى على" يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات كل من قدم أنثى وتم ختانها على النحو المنصوص عليه بالمادة 242 مكررا من هذا القانون".
دور الدولة في مكافحة ختان الإناث
وفي مستهل عام2017، الذي أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي عاما للمرأة المصرية، أقر الرئيس الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، والتي تتسق مع رؤية مصر2030، حيث يتمثل أحد أهداف محور الحماية في الاستراتيجية القضاء على ظاهرة ختان الإناث، كما صدر حكم المحكمة الدستورية العليا برفض الدعوى المقامة حول طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 بمنع ختان الإناث.
مبادرة المجلس القومي للطفولة والأمومة لتمكين البنات
وفي عام 2019، تم إطلاق المبادرة الوطنية لتمكين البنات دوي تحت رعاية المجلس القومي للطفولة والأمومة وبالتنسيق مع يونيسيف مصر وبالشراكة مع المجلس القومي للمرأة وبالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وعدد من الهيئات والجهات الوطنية الشريكة، وتهدف المبادرة بشكل أساسي إلى تقليل العنف القائم على النوع الاجتماعي وإنهاء الممارسات الضارة التي تلحق بالفتيات والتي على رأسها ختان الإناث وزواج الأطفال، ونجحت المبادرة في الوصول إلى عدد كبير من المستهدفين من الإناث والذكور وأسرهم أيضًا وذلك من خلال الفاعليات الميدانية والتي بدأتها المبادرة في محافظات الصعيد، كما أتاحت المبادرة منصات إلكترونية تهدف إلى التواصل المباشر مع الفتيات.
كما أصدر المجلس القومي للطفولة والأمومة سلسلة السياسات من أجل التغيير والتي من ضمنها «ورقة سياسات القضاء على ختان الإناث»، والتي تتضمن سياسات وبرامج ومحاور من أهمها التشجيع على ثقافة الإبلاغ عن هذه الجريمة واتاحة آلية سهلة للإبلاغ، والحصول على خدمات عالية الجودة والإعلام من أجل التغيير المجمعي والسلوكي. وإدراج الاثار والدوافع للممارسة ختان الإناث في تنفيذ وتصميم التدخلات والمبادرات المعنية بالقضاء على تلك الممارسة.
وكُللت تلك الجهود بإنشاء مكتب حماية الطفل بمكتب معالي المستشار النائب العام، وذلك لمكافحة جرائم العنف ضد الأطفال والتي على رأسها جريمة ختان الإناث، وكل الممارسات الضارة التي تلحق بهن كما صدر عام 2018 كتاب دوري رقم (7) لسنة 2018 بشأن تفعيل دور لجنة حماية الطفولة وتطوير منظومة العدالة الجنائية، وذلك للتنسيق السريع في كل الجرائم الخاصة بالأطفال مع خط نجدة الطفل 16000.
وقائع حقيقية
كما شهدت الآونة الأخيرة حراكًا في مواجهة جريمة ختان الإناث على مستوى تطبيق القانون، ومنها حكم المحكمة في قضية وفاة طفلة عقب خضوعها لعملية ختان وغلق المستشفى الخاص الذى أجرى العملية وغرامات مالية، وإحالة المشاركين في إصابة فتاة بعاهة مستديمة عقب إجراء ختان لها إلى المحكمة الجنائية، وبعد تغليظ عقوبة الختان، تم ضبط 3 حالات وإحالة المتهمين للمحكمة.
محاربة ختان الإناث
أكدت الدكتورة مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، على الطفرة الكبيرة التي حدثت في ملف تمكين المرأة المصرية مع وجود إرادة سياسية قوية وحكيمة تدعم تمكين المرأة في كافة المجالات، بما في ذلك تجريم ختان الإناث، مشيرة إلى أنه تم صدور القانون رقم 10 لعام 2021 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات لتشديد عقوبة ختان الإناث فيما يتعلق بمرتكبيها من القطاع الطبي، وغلق المنشأة الخاصة التي يتم إجراء الختان فيها، إلى جانب معاقبة كل من يطلب ختان الإناث وكل من يروج له.
وتابعت «الدكتورة مايا»، أن هذا القانون يعد الجيل الثالث من القوانين التي خرجت على مدار السنوات الماضية للقضاء على ختان الإناث، حيث تم تجريم ختان الإناث للمرة الأولى في قانون العقوبات عام 2008، وفى عام 2016 تم تغليظ العقوبة من جنحة إلى جناية، موضحة أنه تم إطلاق حملات طرق أبواب بالمحافظات المختلفة وتدريب القيادات النسائية الدينية للحديث مع السيدات بالقرى عن خطورة هذه الجريمة التي قد تؤدى إلى وفاة الفتاة إلى جانب التعريف بتداعياتها على صحة الفتاة في المستقبل.. كما تم التركيز على رفع الوعي بالقانون بين الآباء وبخطورة هذه الجريمة على مستقبل وحياة بناتهم.
انخفاض حالات ختان الإناث لـ 14% في 2021
وأشارت إلى انخفاض نسب الختان بين الفتيات من 0-19 سنة إلى 14% عام 2021 مقابل 21% عام 2014، وذلك وفقا لبيانات المسح الصحي للأسرة المصرية الذي قام به الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كذلك انخفاض نسبة المتوقع ختانهن إلى 27% عام 2021 مقابل 56% عام 2014، وهذا إنجاز كبير للجهود المبذولة في هذا المجال.