نفذت الحكومة المصرية على مدار العشر سنوات الماضية في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، العديد من الإجراءات الإصلاحية وضعت الاقتصاد المصري على مسار صحيح ما زاد معدلات النمو وفرص العمل، وأصبح معها القطاع الخاص شريكا أساسيا في التنمية رغم ما تشهده الساحة الدولية من أزمات اقتصادية مركبة وتوترات جيوسياسية إقليمية ودولية.
ووفق بيانات وزارة المالية، فقد استمر تحقيق مستهدفات الضبط المالي واستدامة مؤشرات المالية العامة وتعظيم الموارد، بالإضافة إلى دعم شبكة الحماية الاجتماعية، والتنمية البشرية مثل التعليم والصحة، مما يزيد من إنتاجية المواطن المصري ومستوى معيشته، ورفع كفاءة البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطن.
وتنفذ وزارة المالية إستراتيجية طموحة لوضع معدلات العجز والدين للناتج المحلي في مسار نزولي مستدام، والعمل على إطالة عمر محفظته، خاصة مع تراجع أسعار الفائدة، واستهداف توجيه 50% من إيرادات برنامج الطروحات لخفض مديونية أجهزة الموازنة بشكل مباشر.
وأثبت الاقتصاد المصري قدرا من المرونة على الرغم من تداعيات الأزمات العالمية والتي ساهمت في وجود اضطرابات في سلاسل الإمداد، وبالتالي ارتفاعات كبيرة في الأسعار عالميا خاصة أسعار السلع الأساسية والغذائية.
واعتمدت خطط وزارة المالية على إطار متسق متكامل لمساندة المواطنين والقطاعات الاقتصادية من خلال سرعة إقرار إجراءات وحوافز وسياسات لتحفيز النشاط الاقتصادي، وكذلك مساندة المواطنين من خلال إجراءات للحماية الاجتماعية لتحسين الأجور والمعاشات.
وكانت الوزارة قد أعلنت أن أجور العاملين بالدولة شهدت نقلة نوعية خلال السنوات الماضية، حيث تمت زيادة الحد الأدنى للأجور 5 أضعاف من 1200 جنيه في عام 2018 إلى 6 آلاف جنيه في الحزمة الأخيرة عام 2024، مع رفع الحد الأدنى للدرجات الوظيفية ليصل إلى 12 ألف جنيه للدرجة الممتازة في الحزمة الأخيرة عام 2024، وزيادة علاوات الموظفين المخاطبين بالخدمة المدنية من 7% في 2018 إلى 10% والعاملين غير المخاطبين من 10% إلى 15% ووضع حد أدنى لها وصل 150 جنيها في الحزمة الأخيرة، وتم بدء إقرار حافز إضافي 150 جنيها في 2019 وزيادته سنويا ليصل مجموعه إلى ما يتراوح من 1450 جنيها إلى 2725 جنيها، وفقا للدرجة الوظيفية في الحزمة الأخيرة.
وتم إقرار 300 جنيه علاوة غلاء معيشة في عام 2022 وزيادتها إلى 600 جنيه في 2023، كمبلغ إضافي خلال السنتين الماليتين 2022 - 2023، و2023 - 2024 لتخفيف آثار الموجة التضخمية.
وذكرت الوزارة أنه سيتم زيادة مخصصات الأجور في موازنة العام المالي المقبل إلى 573 مليار جنيه لاستيعاب الحزمة الأخيرة للزيادات التي بدأ تنفيذها من شهر مارس الماضي، وذلك مقارنة بمخصصات 470 مليار جنيه في الموازنة الحالية للعام المالي 2023 - 2024 ارتفاعا من مخصصات 271 مليار جنيه في العام المالي 2018 - 2019، بالإضافة إلى أنه تم رفع حد الإعفاء الضريبي من 5ر13 ألف جنيه في 2018 إلى 60 ألف جنيه في الحزمة الأخيرة عام 2024.
وواصلت مصر الصعود بخطى ثابتة في كل مؤشرات الشفافية والإفصاح ومشاركة المجتمع فيما يتعلق بالموازنة العامة الصادرة عن منظمة "الشراكة الدولية" لعام 2023، على نحو يتوج جهود 10 أعوام في مجال العمل في تطوير آليات الشفافية والإفصاح عن الموازنة العامة، حيث قفزت مصر 6 مراكز في "الشفافية المالية" و16 درجة في "مشاركة الجمهور" و10 درجات في "المساءلة والرقابة على الموازنة"، بما يسهم في تحفيز وجذب الاستثمار.
وارتفع المؤشر الخاص بمشاركة الجمهور إلى 35 نقطة من أصل 100 نقطة مقارنة بـ 19 نقطة في عام 2021؛ لتتعدى مصر بذلك المتوسط العالمي المقدر بـ 15 نقطة، ويرجع ذلك إلى قيام وحدة الشفافية والمشاركة المجتمعية بوزارة المالية، باستخدام آليات المشاركة المجتمعية لتمكين وإشراك الجمهور خاصة المرأة والفئات الأكثر احتياجا من المشاركة أثناء مراحل إعداد وتنفيذ ومتابعة ورقابة الموازنة العامة للدولة.
وساهمت جهود الوحدة في تحقيق قفزة للمؤشر الفرعي للرقابة على الموازنة ليحقق 54/ 100 نقطة في 2023 مقارنة بـ 44 / 100 نقطة في 2021، حيث يتم التنسيق مع مجلسي النواب والشيوخ والجهاز المركزي للمحاسبات وتسليط الضوء على جهود البرلمان في مراقبة الموازنة وإشراك المواطنين، من خلال نشر المناقشات التي تدور حول الموازنة العامة للدولة من اللجان المختصة بالتحقق والمراقبة على تنفيذ الموازنة من جانب البرلمان ومناقشة أولويات الإنفاق، ومن الآليات التي تعود بالنفع على المواطن، وتنظيم زيارات إلى مختلف المناطق للرصد والرقابة.
وعكست نتائج الحساب الختامي لموازنة العام المالي 2022 - 2023، استمرار تماسك الاقتصاد المصري في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية، حيث تم تحقيق فائض أولي بنسبة 6ر1٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الماضي، تم استخدامه في تمويل جزء من فوائد الدين العام؛ مما أسهم في خفض العجز الكلي إلى 6٪ من الناتج المحلي في يونيو 2023، وخفض الدين إلى 8ر95٪ نزولا من 103٪ في يونيو 2016؛ رغم التغيرات الحادة في أسعار الفائدة وأسعار الصرف واستمرار الموجة التضخمية العالمية والمحلية.
وارتفع حجم الإنفاق العام على برامج البعد الاجتماعي بموازنة 2022 - 2023، حيث حرصت الحكومة على المضي قدما في توفير حياة كريمة للمواطنين، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة إليهم؛ مما أدى لزيادة إجمالي مصروفات العام المالي الماضي بنسبة 3ر19٪ لتسجل 2ر2 تريليون جنيه.
كما عكست نتائج الحساب الختامي انحياز القيادة السياسية للفئات الأولى بالرعاية عبر تبني سياسات البعد الاجتماعي، حيث زاد الإنفاق العام على الأجور وتعويضات العاملين إلى 5ر412 مليار جنيه مقابل 7ر358 مليار جنيه في العام المالي 2021 - 2022 بنسبة نمو 15٪، كما ارتفع الإنفاق على بند الدعم إلى 8ر275 مليار جنيه مقابل 8ر182 مليار جنيه في 2021 - 2022 بنسبة نمو 9ر50٪ وزيادة الإنفاق الفعلي على قطاع الحماية الاجتماعية بنسبة 34٪ عن 2021 - 2022، للحد من الآثار الصعبة للصدمات العالمية والإقليمية.
والتزمت الخزانة العامة للدولة بسداد 191 مليار جنيه قيمة القسط السنوي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي ضمن اتفاق فض التشابكات مع وزارة التضامن الاجتماعي لسداد مستحقات صناديق التأمينات المتراكمة عبر نصف قرن، على ضوء قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019؛ بما يضمن توفير السيولة المالية اللازمة لخدمة أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم والمؤمن عليهم والوفاء بكامل الالتزامات نحوهم.
وصعد الإنفاق الفعلي على قطاع الصحة خلال العام المالي الماضي 2ر147 مليار جنيه مقابل 136 مليار جنيه عام 2021 - 2022، بنسبة نمو 2ر8%، كما ارتفع الإنفاق على قطاع التعليم بنسبة 9ر8٪ ليصل إلى 2ر212 مليار جنيه مقابل 8ر194 مليار جنيه.
وشهد العام المالي الماضي ارتفاعا في الإيرادات العامة بمختلف قطاعاتها، حيث شهدت الإيرادات الضريبية نموا بنسبة 9ر26٪ مقارنة بعام 2021 - 2022، وبنسبة زيادة 6ر107٪ عن المستهدف للعام المالي 2022 - 2023؛ نتيجة للجهود المبذولة في تحديث وميكنة منظومتي الضرائب والجمارك، وتوسيع القاعدة الضريبية والسعي الجاد نحو تحقيق العدالة الضريبية والحد من التهرب الضريبي، وتسوية النزاعات الضريبية.
(المنظومة الضريبية المميكنة)
ساعدت المنظومة الضريبية المميكنة، التي عكفت وزارة المالية على تنفيذها خلال السنوات الماضية، في تحصيل حقوق الخزانة العامة للدولة لصالح المواطنين، حيث تسهم في تعظيم جهود دمج الأنشطة غير الرسمية؛ بما يحقق العدالة الضريبية والحياد التنافسي، ويحفز الاستثمار، كما أنها تساعد أيضا في تسريع إجراءات الفحص الضريبي.
وأسهمت الأنظمة الضريبية الإلكترونية في توفير قاعدة بيانات دقيقة عن حجم التعاملات التجارية على مستوى الدولة من خلال منظومة "الفاتورة الإلكترونية" التي بلغ عدد إصداراتها أكثر من مليار فاتورة إلكترونية، وذلك بالتزامن مع "الإيصال الإلكتروني" ومن قبلهما منظومة "الإقرارات الإلكترونية" على نحو يسهم بشكل أكبر في تعزيز حوكمة المجتمع الضريبي، وانعكس ذلك بالفعل في دمج جزء من الاقتصاد غير الرسمي.
وفي الإطار تختصر منظومة "الفاتورة الإلكترونية" الفحص الضريبي في عدة ساعات وتقضي على الشركات الوهمية، حيث ترتكز على نظام مركزي لتلقي ومراجعة واعتماد ومتابعة فواتير البيع والشراء للتعاملات التجارية بين الشركات، بينما تضمن منظومة "الإيصال الإلكتروني" وصول ما يدفعه المستهلكون من ضرائب إلى الخزانة العامة للدولة؛ من خلال متابعة التعاملات التجارية بين الممولين والمستهلكين لحظيا في كل منافذ البيع والشراء.
(المنظومة الجمركية)
أما عن المنظومة الجمركية، فقد قامت الحكومة بتطوير التشريعات الجمركية خلال الفترة الماضية بالتوافق مع مجتمع الأعمال والمستثمرين، على نحو يسهم في تبسيط وميكنة وتيسير الإجراءات الجمركية، ومن ثم تسهيل حركة التجارة الداخلية والخارجية وتحفيز مناخ الاستثمار، وتعظيم القدرات الإنتاجية، وتوسيع القاعدة التصديرية.
ونفذت المالية خطة لميكنة كل العمليات الضريبية وتبسيط الإجراءات الجمركية وتطوير منظومة التسجيل المسبق للشحنات لتحقيق العدالة وتحفيز الاستثمار.
ونجحت خلال الفترة الماضية في تحقيق العديد من الشراكات المحلية والدولية للتغلب على التحديات في مشروعات القوانين والإجراءات المنظمة للعمل الجمركي، فضلا عن المشاورات مع الجمارك الإيطالية في إطار مشروع التوأمة المؤسسية الذي يهدف إلى التنسيق المتدرج للتشريعات والقواعد والممارسات الجمركية المصرية مع معايير الاتحاد الأوروبي.
كما تم توظيف تكنولوجيا المعلومات في تطوير بيئة عمل المنظومة الجمركية، وإنشاء مراكز لوجستية متطورة لتقديم الخدمات الجمركية من خلال نافذة واحدة، مع تطوير المعاملات الجمركية ودمج وتيسير وحوكمة إجراءاتها من خلال الاستعانة بالتطبيقات الجمركية المطورة وإجراء الربط الشبكي لتكامل قواعد البيانات مع الأجهزة المعنية في الدولة لتقليل زمن الإفراج، وتبسيط الإجراءات الجمركية.
وتستمر جهود الدولة المصرية لإجراء الإصلاحات الهيكلية لتوطين الصناعة والاعتماد على الإنتاج المحلي، واستهداف زيادة الاستثمارات التنموية خاصة في المشروعات الخضراء، والسعي نحو توفير مليون فرصة عمل سنويا، وإطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تفتح آفاقا جديدة لجذب استثمارات أجنبية على نحو يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، وتحسين مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بالخدمات المقدمة إليهم.
وتستهدف وزارة المالية في الموازنة الجديدة للعام المالي المقبل 2024 - 2025 تسجيل فائض أولي بنسبة 3.5% وخفض معدل الدين إلى 88.2% من الناتج المحلي الإجمالي، في ظل وجود سقف ملزم للدين العام، وتستهدف أيضا النزول به لأقل من 80% من الناتج المحلي بحلول يونيو 2027.