مع ارتفاع درجات الحرارة في مناطق عديدة حول العالم، يشدد خبراء الأرصاد الجوية على أن موجات الحر تنتج عن ظاهرة القباب الحرارية، هذه الظاهرة تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية وتسبب تأثيرات كبيرة على البيئة والبشر.
تحذيرات من موجات حر غير مسبوقة
شهدت مناطق عديدة حول العالم تحذيرات من موجات حر شديدة، بما في ذلك أمريكا الشمالية، أوروبا، آسيا، وأستراليا. في الولايات المتحدة، حذرت السلطات من موجة حر تضرب شمال شرق البلاد مع توقع درجات حرارة غير مسبوقة. وفي أوروبا، شهدت إيطاليا وإسبانيا واليونان موجات حر قاسية تسببت في حرائق غابات واسعة النطاق. كما واجهت دول في جنوب شرق آسيا مثل الهند وبنغلاديش موجات حر شديدة أثرت على ملايين الناس.
دور القباب الحرارية
أفادت تقارير متعددة أن هذا الارتفاع في درجات الحرارة يعود إلى تواجد "القباب الحرارية"، التي تسبب درجات حرارة قياسية في مناطق مختلفة من العالم. هذه الظاهرة الجوية تحدث عندما يتسبب نظام الضغط الجوي المرتفع في دفع الهواء الدافئ إلى السطح وحبسه هناك لفترات طويلة.
مفهوم القبة الحرارية
"القبة الحرارية" ليست مصطلحًا علميًا قياسيًا، لكنها تصف بشكل فعال أنظمة الضغط الجوي المرتفعة التي تدفع الهواء الدافئ إلى السطح وتحبسه هناك لفترات طويلة. وفقًا لموقع "كليمت تشيك"، تحبس القبة الحرارية الهواء عالي الضغط في مكان واحد، مثل غطاء القدر خلال الطهي، مما يؤدي إلى درجات حرارة شديدة وحرائق غابات مدمرة وظروف جفاف.
كيفية تشكل القباب الحرارية
عندما يتطور نظام الضغط العالي في الغلاف الجوي العلوي، فإنه يتسبب في هبوط الهواء وضغطه، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي السفلي. الهواء الساخن يتمدد ويشكل قبة منتفخة. عادةً ما يتحرك الضغط الجوي من الغرب إلى الشرق، لكن في بعض الأحيان تتعطل هذه الحركة عندما يضعف التيار النفاث. عندما يتوقف التيار النفاث تمامًا، ينتج عن ذلك منطقة مستمرة من الضغط الجوي العالي في مكان واحد، مما يؤدي إلى هبوط الهواء نحو السطح واحتباسه هناك.
يزدحم الهواء داخل حجم أصغر، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارته. طبقة الضغط العالي تمنع الهواء الساخن من الارتفاع وتشكل السحب، مما يسمح لمزيد من إشعاع الشمس بضرب الأرض. يصبح الهواء الساخن المحصور أسفل نظام الضغط العالي أكثر دفئًا بشكل متزايد لأنه غير قادر على الهروب خارج القبة.
أمثلة تاريخية على القباب الحرارية
حدثت القباب الحرارية في جميع أنحاء العالم. في عام 1995، ضربت موجة من الحرارة الغرب الأوسط للولايات المتحدة وأودت بحياة ما يقرب من 600 شخص في منطقة شيكاغو. كما كانت موجة الحر في أمريكا الشمالية عام 1936 وموجة الحر الأوروبية عام 2003 من الأمثلة المدمرة الأخرى لظاهرة القبة الحرارية. في آسيا، تعرضت الهند لموجات حر قاتلة في الأعوام 2015 و2019، حيث تجاوزت درجات الحرارة 50 درجة مئوية. أستراليا شهدت أيضًا موجات حر شديدة في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى حرائق غابات واسعة النطاق.
تأثير القباب الحرارية الحالي
حاليًا، تؤثر القبة الحرارية على مساحة واسعة من العالم، بما في ذلك النصف الشرقي من الولايات المتحدة وأجزاء من كندا، وأوروبا الغربية والجنوبية، وجنوب شرق آسيا وأستراليا.
في الولايات المتحدة، وفقًا لتيد ويتوك، خبير الأرصاد الجوية في هيئة الأرصاد الجوية الأمريكية، فإنه من المتوقع حدوث تحذيرات أخرى من الحرارة المفرطة، الناجمة عن القبة الحرارية، في منطقة فينيكس يومي الخميس والجمعة، حيث يمكن أن تصل درجات الحرارة إلى 45.5-47 درجة مئوية. في أوروبا، تسبب الحرارة الشديدة في زيادة حرائق الغابات في إيطاليا وإسبانيا واليونان، حيث تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية في العديد من المناطق.
في جنوب شرق آسيا، أثرت موجات الحر على الهند وبنغلاديش، مما أدى إلى حالات عديدة من ضربات الشمس وتأثيرات صحية خطيرة. أستراليا، المعروفة بمناخها الحار، شهدت أيضًا درجات حرارة قياسية وحرائق غابات مدمرة.
تأثير القباب الحرارية على البيئة والبشر
تتسبب القباب الحرارية في تأثيرات بيئية وصحية خطيرة. عندما تسخن الأرض تحت القباب الحرارية، يمكن أن تجف وتصبح أكثر عرضة لدرجات الحرارة المرتفعة، مما يؤدي إلى زيادة خطر الحرائق والجفاف. وللحفاظ على سلامة السكان، يجب على السلطات المحلية اتخاذ تدابير وقائية وتقديم الإرشادات اللازمة لمواجهة هذه الظروف المناخية القاسية.
يمكن أن تكون القباب الحرارية مثيرة للقلق بشكل خاص في مناطق مثل شمال غرب المحيط الهادئ، التي ضربتها موجة الحر في غرب أمريكا الشمالية عام 2021، حيث لم يعتد السكان على درجات الحرارة المرتفعة، كما أن دول تلك المنطقة لا تملك البنية التحتية لحماية السكان من الحرارة.
تتسبب القباب الحرارية في موجات حر غير مسبوقة حول العالم، مما يؤدي إلى تأثيرات كبيرة على البيئة والبشر. من الضروري أن تتخذ السلطات المحلية والدولية إجراءات لمواجهة هذه الظاهرة والتخفيف من تأثيراتها على السكان والبيئة.