انعقد سنودس كنيسة الروم الملكيّين الكاثوليك، في دورته السنويّة العاديّة، للعام الجاري 2024، تلبية لدعوة السيّد البطريرك يوسف العبسيّ الكلّيّ الطوبى، من يوم الإثنين الواقع في 17 يونيو حتّى اليوم الجمعة الواقع في 21 منه، في المقرّ البطريركي في الربوة.
وقد ترأّس أعمال السنودس، بعد أن ألقى كلمة الافتتاح، مرحّبًا فيها بالسادة الأساقفة والرؤساء العامّين ومتمنّيًا للإخوة المسلمين أن يمنّ الله عليهم بالخير والبركات بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
فاستهلّ المطارنة اجتماعاتهم بيوم خلوة روحيّة ألقى محاضراتها سيادة المطران ميلاد الجاويش، انصرفوا، خلالها، إلى الصلاة معًا، والتأمّل، واستلهام الروح القدس، لأجل نجاح أعمالهم. ثمّ، عمدوا، في ختام الرياضة، إلى توجيه رسالة إلى قداسة البابا فرنسيس، أعلموه فيها بالمواضيع، التي سوف يتداولون بها، وسألوه بركته الأبويّة، والدعاء لهم بالتوفيق.
في مطلع المناقشات، بادر البطريرك، والمطارنة، إلى التعبير عن استنكارهم الشديد لحالة السبات الضميريّ المهيمن، بشكل مذهل، على رؤساء المجتمع الدوليّ، الذي يقف عاجزًا، أمام مشاهد القتل الجماعيّ المخزية، التي يتعرّض لها الشعب الفلسطينيّ في غزّة وفي رفح. وعبّروا عن تضامنهم الشديد مع أبنائنا في أبرشيّاتنا الملكيّة في صيدا وصور ومرجعيون والجليل الذين يتعرّضون للتهجير القسريّ بسبب الأعمال الحربيّة. ودانوا، بشدّة، أشكال العنف، على أنواعه، واللجوء إلى القوّة، من أجل حلّ الأزمات، واعتماد أسلوب التعدّي، وترهيب المواطنين، ضدّ الفئة المسيحيّة من الشعب، في السودان، ومحاصرتهم في لقمة عيشهم. وأشاروا إلى خطورة المخطّط القائم على إفراغ الشرق من فئة الشباب، كما يجري في سوريّة، ولبنان، والعراق، على نحو بارز، وإلى سلب بلدانه حيويّة النهوض مجدّدًا. كما شجب السادة المطارنة هرطقة المضيّ قدمًا في إبقاء الخلل قائمًا، بحجّة عدم الوصول إلى وفاق، بينما أبناء الأوطان يُتركون لأنفسهم، كي يتدبّروا أمورهم. ليس من براءة قطّ، في شقاء أبنائنا، وأهلنا، وشعبنا، وأوطاننا، ولا من تعثّر، أبدًا، في استنباط الحلول، بل العكس هو الصواب: إنّما هناك تواطؤ، وتوافق، وترافق، في إذلال الناس؛ وهذا عين الحرام، الذي يرفضه الآباء رفضًا قاطعًا.
بعد ذلك، توقّف الآباء عند الفراغ الدستوريّ في لبنان الذي استمر طويلاً وترك ذيولاً وآثارًا سلبيّة على حياة الناس ولقمة عيشهم وحقّهم في الاستشفاء والوصول إلى مدّخراتهم المحتجزة عن غير حقّ ودعوا المسؤولين إلى يقظة ضمير والمبادرة الى انتخاب رئيس جمهوريّة بأسرع وقت.
وفي ما يتعلّق بأوضاع أبنائنا في سوريّة، لفت آباء السنودس إلى خطورة الحصار الاقتصاديّ المفروض تعسّفًا على البلاد، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشيّة ودفع الكثير من السوريّين إلى الهجرة بحثًا عن فرص أفضل.
على صعيد الأعمال المجمعيّة، عرضت اللجنة المختصّة، تحت إشراف البطريرك، نشاطات الذكرى المئويّة الثالثة، لإعلان الشركة الكنسيّة بين البطريركيّة الملكيّة الأنطاكيّة وكنيسة روما. واطّلعوا من البطريرك على ما جرى إنجازه، حتّى الآن، من استحداث مركز للشبيبة في الربوة، وعقد ندوات، والقيام بزيارات راعويّة، ولقاء شخصيّات دينيّة ومدنيّة رسميّة، وما ينتظر تحقيقه، خلال الفترة القادمة، من إطلاق مؤتمر علميّ عالميّ، وطباعة كتب، ومقالات، تهمّ تاريخ الكنيسة الأنطاكيّة، وأعلامها، ودورها الرياديّ، في مجالات شتّى.
واختتم المجتمعون أعمالهم، ظهر اليوم الجمعة بالاحتفال بليترجيّا حبريّة، فأعلن البطريرك رفع الجلسات، وختام أعمال المجمع، وأوعز إلى أمانة السرّ بالإسراع في إدراج التعديلات المقترحة على نصوص المحاضر، لكي توزّع على أعضاء السينودس وتودع في المحفوظات البطريركيّة، بحسب الأصول.