الأضحية والفكر البشري
التقرب لله بأفعال وسلوكيات مقبولة يرضي عنها ونفرح بما تقدمه للفقراء والمحتاجين
أمجد سمير شفيق حنا
ونحن نحتفل بعيد الأضحى المبارك و الفكر البشري في القرب لله فقد بدأ الإنسان بعبادة الله الواحد ثم نتيجة فكره البشري وغواية الشيطان دفعه لكي يتصور الإله في صور ومخلوقات يطفي عليها صفة الإلوهية فظهرت الديانات والموروثات فنجد في مصر الفرعونية التعطش نحو التقرب للإله وظهر الإله رع إله الشمس ومتدرجا الفكر وصولا للإله آتون قرص الشمس الذي نادي بعبادته أمنحوتب الرابع وسمى نفسه إخناتون وكانت الحضارة المصرية حضارة زراعية ينمو الخير على يدي الفلاح البسيط فلم تجتاز فكرة الأضحية البشرية.
ونجد في بعض العبادات فكرة الأضحية فظهر الإله بعل(اسم سامي معناه سيد أو رب أو مالك أو زوج )ويعرف بإله الخصوبة وقد جاءت اعتقاده بأن خصوبة وإنتاج أراضيهم تعود لقوة خارقة وزوجته عشتاروث ويطلق عليها عشتار وعشيرة (معنى عشتاروث نجمة الصباح أو المساء ) وكانت عناة وعشتاروث زوجتا الإله بعل وتنطوي العبادة على ممارسة البغاء لإرضاء الإلهة وكانت العبادة منتشرة في منطقة الهلال الخصيب وكذلك ظهرت ألهة كثيرة ذكرت في العهد القديم حذر منها الله شعب بني إسرائيل ولكن في فترات ضعفوا وإنجرفوا لها ولعبادتها مثل الإله مولك أو ملكوم إله العمونيين وقد كانوا يقدمون له الذبائح البشرية ولا سيما الأطفال وكان له تمثال نحاس مجوف توضع بداخله النار التي يضعون فيها تقدماتهم وكذلك الإله رمون (إله الرعد ) وعبده السوريون وكذلك عبد قوم إبراهيم الإله سين (إله القمر) كان سيد أو رب حاران وتعددت الألهة في كنعان آلهة الأم يم (,تعنى البحر وهي إلهة الماء) الإله شم أو شميم (شاميم)(أي إله السماء)و الإله أديم (أو أدمة) (إلهة ارض) والإله إيل وهو كبير الألهة الكنعانية وهذا نتج عن تزاوج إله السماء (شاميم ) مع إلهة الأرض أدمة وإيل هو الإله الذكر والإله داجون وهو على شكل الإنسان في رأس وأما البدن فعلى هيئة سمكة وكانوا يمارسون فكرة الأضاحي لدرجة أن أحد الملوك ذبح ابنه وولي العهد على سور المدينة حتى ينفك عنه الحصار وكانوا يمارسون أبشع الطقوس تقربا للآلهة التي نتجت عن شر انسان.
ولما أراد الله أن يهذب الفكر البشري ويرفع غشاوة الجهل والظلمة وضع له ناموسا متدرجا نحو معرفته ووضع شرائع التقدمات و الذبائح في التوراة مسلما ذلك لموسي النبي ذبيحة الأثم وذبيحة الخطية وذبيحة السلامة ويوم الكفلرة العظيم وتقديم خروف الفصح.
وكان هذا ليهيئ فكرهم نحو ذبيحة السيد المسيح وكان خروف الفصح لابد أن يكون ابن سنة حمل بلا عيب ويوضع تحت الحفظ من العاشر حتى الرابع عشر من شهر نيسان ويطهى على اعشاب مرة وبه سيخين متقاطعين رمز للصليب ويأكلونه وهم أطهار وعلى عجلة وهم متمنطقين وعصيهم في أيديهم وذلك ليهيئ لهم فكرهم نحو الذبيح الأعظم السيد المسيح وتدور فكرة الذبائح في العهد القديم أنه بدون سفك دم لا تحدث مغفرة وكذلك تقدمات من ثمار الأرض خبز تقدمة.
قصة أبونا إبراهيم و الأضحية
هي قصة إختبار الإيمان حسب رواية الكتاب المقدس ولد إسحق بوعد إلهي وفي فترة طلب الله من إبراهيم أن يأخذ ابنه إسحق ليقدمه ذبيحة على أحد الجبال وهو جبل المرايا الذي بني عليه هيكل سليمان وعندما هم إبراهيم بذبح ابنه إسحق ربنا منعه وأرسل له خروف موثق من قرنيه وقدمه عوضا عن ابنه وكان هذا هو اختبار لايمان إبراهيم فصار خليل الله وكان فرحا وأقسم الله أن بنسل إبراهيم تتبارك جميع قبائل الأرض.
ويتفق القصص التوراتي مع القصص القرآني ولكن يختلف في أن الذبيح في القصص القرآني هو إسماعيل، وفي المسيحية نؤمن أن الذبيحة التى قدمت لفداء البشرية هو السيد المسيح ونحن مطالبين أن نقدم ذبيحة التسبيح لله والهبات والعطايا وأن تقدم عبادتنا العقلية ذبيحة حية مرضية وكذلك ذبيحة الافخارستيا (ذبيحة الشكر في القداس الإلهي ) ففكرة أن تضحي أن تكون مستعد لبذل ذاتك وتتقرب لله بأفعال وسلوكيات مقبولة يرضي عنها الله ونفرح ونسر بما تقدمه للفقراء والمحتاجين مقدمين المحبة دامت المحبة بين الجميع فبالحب قد عرفت نفسي وبالحب قد عرفت الله.