تتزايد المخاوف من احتمال هجوم روسى على دول البلطيق فى ظل تصاعد التوترات مع الغرب، وخاصة بسبب التحركات الأمريكية لتقوية أوكرانيا، مما يجعل العالم بأسره يراقب بقلق شديد ويأمل فى تفادى المواجهة المباشرة التى قد تكون لها عواقب وخيمة.
وسلطت صحيفة «واشنطن تايمز» الأمريكية الضوء على تقرير جديد صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) يحذر فيه من أن الهجوم على دول البلطيق، أستونيا ولاتفيا وليتوانيا، هو السيناريو الأكثر ترجيحًا إذا قررت روسيا التحرك ضد حلف شمال الأطلسى (الناتو).
يأتى هذا التحذير فى وقت يتزايد فيه الغضب فى الكرملين تجاه الجهود الأمريكية والغربية لتسليح أوكرانيا، مما يزيد من حدة التوترات بين الشرق والغرب.
ويحمل التقرير عنوان "هل الناتو جاهز للحرب؟"، يقدم تقييمًا شاملًا للجهود التى بذلها الناتو لتعزيز دفاعاته منذ قمة مدريد فى يونيو ٢٠٢٢.
وفقًا للتقرير، حقق الحلف تقدمًا كبيرًا فى مجالات الإنفاق الدفاعى وتنفيذ التدريبات العسكرية الجماعية، بالإضافة إلى دمج العضوين الجديدين، فنلندا والسويد، بشكل كامل ومع ذلك، يحذر المحللون من أن هذه الجهود قد لا تكون كافية لردع روسيا عن اتخاذ خطوات عدوانية.
ويرى التقرير أن حلف الناتو قد يكون مستعدًا للحرب، لكن السؤال الأهم هو ما إذا كان مستعدًا للقتال فى حرب طويلة الأمد.
لتحقيق هذا الهدف، يعتقد المركز أن الحلفاء بحاجة إلى زيادة الإنفاق على الدفاع، وتعزيز القدرات الصناعية، ومعالجة الثغرات الحرجة فى الدفاع، بالإضافة إلى تعزيز المرونة الوطنية.
ومن المقرر أن يجتمع قادة الناتو فى واشنطن الشهر المقبل لحضور قمة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيس الحلف.
تأتى هذه القمة فى ظل تغيرات جذرية شهدتها القارة الأوروبية بعد الغزو الروسى لأوكرانيا فى فبراير ٢٠٢٢، وهو الغزو الذى أعاد التركيز على أهمية الردع فى الاستراتيجية الكبرى للحلف.
وقد وصف الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرج، هذا الغزو بأنه أدى إلى "تحول جذرى فى الردع والدفاع لدينا".
وتشير تصرفات روسيا فى أوكرانيا إلى أن موسكو تحت قيادة بوتين تسعى لإحياء النفوذ السوفييتى السابق على الدول التى كانت تقع ضمن دائرة نفوذها.
ويؤكد التقرير أن "الأسوأ فى التفكير بشأن نوايا روسيا القصوى، الذى وجه تخطيط الناتو تاريخيًا، له ما يبرره فى المستقبل المنظور".
ويضيف أن "ميل بوتين الواضح للعدوان والمخاطرة وسوء التقدير الاستراتيجى يجعله خصمًا خطيرًا ومن الصعب ردعه".
ويبرز التقرير أن التحرك ضد دول البلطيق، الواقعة على حدود روسيا وجميعها أعضاء فى الناتو، يبقى السيناريو الأكثر قلقًا لاستراتيجيى الناتو.
ويشير إلى أنه بعد تعرض روسيا لخسائر فادحة فى أوكرانيا، قامت بإعادة تشكيل نفسها عسكريًا بدعم من الصين وإيران وكوريا الشمالية، مما يعزز من قدراتها العسكرية.
ويؤكد التقرير أن العديد من القادة الأوروبيين حذروا من أن روسيا قد تهاجم حلفاء الناتو فى غضون سنوات قليلة، مشيرين إلى التهديدات النووية والتصعيد الهجين الذى تمارسه روسيا فى جميع أنحاء أوروبا.
ويعد أحد الإنجازات البارزة للناتو منذ قمة مدريد هو انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف بعد سنوات من الحياد.
وبعد مفاوضات طويلة، وافقت تركيا والمجر على انضمام البلدين مقابل بعض التنازلات من الحلفاء، بما فى ذلك الولايات المتحدة.
ويرى التقرير أن هذا الانضمام أرسل إشارة سياسية قوية إلى موسكو وأضاف قوة ردع كبيرة للناتو، حيث يمتلك البلدان قدرات عالية يمكنها تقييد حركة روسيا فى بحر البلطيق بشكل كبير.
ويشدد تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية على أهمية تعزيز قدرات الناتو الدفاعية لمواجهة التهديدات الروسية المتزايدة، وخاصة فى دول البلطيق؛ مؤكدًا أن الحلف يحتاج إلى جهود مستمرة لزيادة الإنفاق وتحسين القدرات العسكرية لضمان الأمن والاستقرار فى المنطقة.