على مدار الأيام الماضية، ارتفعت أصوات عدد من الفنانين المقيمين في حي الفنانين بمنطقة "هرم سيتي"، بمنطقة B3 بحدائق أكتوبر بطريق الواحات، للمسئولين عن الوحدات الخاصة بالمشروع التابع لشركة أوراسكوم للإسكان التعاوني، من أجل التدخل، بعد مضايقات مستمرة من الإدارة الحالية، ومحاولة استغلال الموقع بشكل استثماري، بعد أن توقفت لسنوات عن تحصيل المقابل المادي لأقساط المشروع، وإرسال إنذارات لإخلاء مراسمهم؛ والتي وصلت لبعضهم رغم تحريرهم عقودًا ابتدائية مع الشركة.
ويُعاني الفنانون ساكني المشروع، من التشكيليين، والموسيقيين والسينمائيين، والأدباء، والشعراء، والمعماريين، منذ إقامة مشروع حي الفنانين بمدينة هرم سيتى في عام 2008، بعدم الاستفادة من الخدمات والمرافق بشكل رسمي، وعدم القدرة على تركيب عدادات للمرافق (المياه والكهرباء والغاز) والاكتفاء بدفع قيمة الممارسات التقديرية، كما أشار أحد الفنانين المقيمين منذ عام 2013.
وأكد أحد الفنانين في حديثه لـ "البوابة"، والذي رفض ذكر اسمه بسبب استمرار الأزمة، أن البعض اضطر على مدار السنوات الماضية لدفع أقساط المشروع في المحكمة، بينما تم إنذار آخر رغم إتمامه عقد البيع الابتدائي مع الشركة.
ووفق المناشدة التي أطلقها عدد من سكان حي الفنانين، يعد الحي نموذجا رائعا للعلاقة الناشئة بين رأس المال الخاص متمثلا في شركة أوراسكوم وبين الفنانين، بما يحمله من طموحات متبادلة، والتي تحتاج إلى المزيد من الدعم والإيمان بقوة الفن والإبداع في التأثير على المستوى الحضاري والبيئي والمجتمعي.
وقد أنشئ هذا المشروع عام 2008، من خلال اتفاقية تعاون مبرمة بين المهندس سميح ساويرس المالك لشركة أوراسكوم للإسكان التعاوني، ووزارة الثقافة المتمثلة في قطاع الفنون التشكيلية، ورئيسها في تلك الفترة، الذي قام باقتراح ضم أكاديمية الفنون للمشروع كمؤسستين تابعتين للوزارة.
وقتها هدفت الاتفاقية إلى توفير وإتاحة عدد من المراسم لأكثر من 100 فنان ومبدع شاب بمقابل رمزي شهري "كدعم لهم لممارسة الفن والإبداع، كمشروع ثقافي بالتعاون مع المؤسسات الحكومية، والذي يؤكد حرص جميع أبناء هذا الوطن على إعلاء راية الفن والإبداع متعاهدين على الحفاظ على اسم مصر ومكانتها العالمية كمهد للفنون وأرض خصبة لكل صاحب إبداع وفكر حقيقي".
وحسب المقيمين فيها "أصبحت هرم سيتي النموذج والقدوة لمزيد من إسهامات رؤوس الأموال الخاصة، وبأهمية دورها المجتمعي الوطني في النهوض بوتيرة التطور والتقدم على كافة المستويات الثقافية والاجتماعية والتي أتاحها لمجموعة متميزة من الفنانين لتوفير مناخ يحفز على التخيل والإبداع".
ويقول البيان: "منذ خمسة عشر عاما وأكثر - عمر هذا المشروع - أصبح حي الفنانين بهرم سيتي واقعا ومركزا منيرا للفن والإبداع بما يقدمه الفنانون من إسهامات فنية في المحافل على المستويين المحلي والعالمي. وفي الآونة الأخيرة مع تغير الإدارات والمسئولين بمدينة هرم سيتي تنامت لديهم رغبة في استغلال المراسم أو موقعها بشكل استثماري وتوقفت من طرفها في تحصيل المقابل المادي وتوالت معها المضايقات والابتعاد عن الهدف الرئيسي من المشروع كمنحة للفنانين الممارسة إبداعاتهم".
وأضاف: "فوجئ الفنانون بإنذارات لإخلاء مراسمهم دون تفاهم مما يهدد ويهدم الفكرة الأساسية التي بني عليها المشروع كما يُعرض الفنانين لواقع مجهول بعد ارتباطهم بمراسمهم على مدى خمسة عشر عاما وافتقارهم لتوفير مكان بديل لممارسة إبداعهم الفني".
هكذا، ناشد الفنانون الجهات المسئولة عن إقامة هذا المشروع بالاضطلاع بدورهم في "الحفاظ على الصياغة الأساسية التي أقيم عليها المشروع الثقافي الفني منذ عام 2008 إلى الوقت الحالي؛ وتقنين وضع الفنانين بما يتناسب مع مجالاتهم الفنية بطريقة تتسم بالديمومة وعدم وجود تهديدات بالإخلاء من قبل الإدارات المتعاقبة، ويكون ذلك من خلال توثيق المشروع كمراسم واستوديوهات الممارسة الأعمال الفنية في أقرب وقت وليست كوحدات سكنية؛ التواصل المباشر والدائم ما بين ممثل لمجلس الإدارة ومجموعة مختارة تمثل فناني المراسم درءا لسوء الفهم أو اللبس".
واقترح الفنانون من قاطني الحي "إمكانية التعاون في مشروعات فنية تفيد المدينة ومشروعات الشركة ذات العوائد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية؛ والحفاظ على البيئة الخضراء في المنطقة المواجهة لحي الفنانين والتي خصصت في التخطيط السابق كمكان مفتوح للعرض والفاعليات الفنية وإقامة الورش".
وأكد البيان أنه "لا يجوز إخلاء أو إزالة مراسم الفنانين لما له من أثر تعسفي على المشروع الثقافي المبرم بين المهندس سميح ساويرس ووزارة الثقافة متمثلة في قطاع الفنون التشكيلية وأكاديمية الفنون والذي دعمه الفنانين على مدار 15 عاما وأكثر بكل ما استطاعوا من وقت وجهد ومال لضمان استمراره كمركز إشعاع فني وثقافي".
أمين التشكيليين: نسعى لمفاوضات عادلة
تعليقًا على الأزمة، كتبت الدكتورة ريهام عمران، أمين عام نقابة الفنانين التشكيليين، على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن هذه الأزمة بدأت بمبادرة من شركة أوراسكوم للإسكان التعاوني مع رئيس قطاع الفنون التشكيلية لوضع نواة حي للفنانين بمشروع هرم سيتي، بهدف قيام الشركة بدور فاعل في توفير بيئة صحية للمبدعين والفنانين للإسهام بدور فاعل في الحركة الفنية، بتوفير عدد من الوحدات تصلح استوديوهات بإيجار مدعم ووضع تخطيط مبدئي لخدمة الأنشطة الفنية، لتشجيع الفنانين للانتقال والعمل في المشروع.
وكتبت ريهام: "هذه المبادرة تحولت إلى أزمة حقيقية بعد رغبة إدارة شركة نيو سيتي في استغلال الوحدات بشكل استثماري، والابتعاد عن الهدف الأصلي للمشروع الذي أبدع فيه الفنانين لمدة تصل إلى خمسة عشر عاما، طوروا فيها من شكل المكان ليليق بمسمى حي الفنانين، وأقاموا فعاليات تحت رعاية الشركة، إلا أن إنذارات إخلاء الوحدات وصلت للفنانين من الشركة في غضون شهر مايو الماضي وصولا لساحات القضاء".
وأضافت: "بناء على التواصل بيني وبين فناني الحي بشأن الأزمة فإنهم طالبوا النقابة القيام بدورها تجاه الفنانين، وبدوري كأمين عام للنقابة والتي تهدف إلى رعاية مصالح الفنانين التشكيليين من جميع النواحي المادية والأدبية وحماية الإنتاج الفني، والعمل على بقاء المراسم والمساكن للفنانين، وكذا المحافظة على التراث المصري والقومي في الفنون التشكيلية القديمة والحديثة على السواء والارتقاء بالتذوق الجمالي للجماهير. فإنني أدعو جميع الأطراف المعنية بالجلوس على مائدة مفاوضات يعلوها حب الوطن والارتقاء به، إيمانا بالدور المشترك لمؤسسات الدولة الحكومية والخاصة وللفنانين التشكيليين القوى الناعمة في إظهار الوجه الحضاري والثقافي للدولة".
وشددت أمين عام نقابة الفنانين التشكيليين على "أن يخرج هذا التفاوض بنتائج عادلة بعيدا عن ساحات القضاء التي لا يليق الوصول إليها إلا بعد نفاذ كل وسائل التفاوض الودية بما يليق مع أطراف النزاع، ليستفيد منها جميع الأطراف وصولا لتحقيق الهدف الأصلي للمشروع الذي حقق طموح الشركة في تسطير اسمها كراعي لحي الفنانين، الذي أضاف جمالا ورواجا لمشروعات الشركة، وحقق طموح الفنانين في وجود رعاية لإبداعهم تمكنهم من الاستمرار وفقا لبروتوكول التعاون سالف الذكر.