إدراج إسرائيل من قبل الأمم المتحدة على قائمة العار بسبب عدم احترام حقوق الأطفال في النزاعات هو انعكاس لحجم الجرائم التي ارتكبتها ضد المدنيين وبخاصة النساء والأطفال منهم.
صحيح وضعت الأمم المتحده حركتي الجهاد الإسلامي وحماس على نفس القائمة، رغم أنه لم يثبت عليهما ارتكاب أي جرائم تتعلق بقتل الأطفال أو الاعتداء عليهم على غرار ما فعلته إسرائيل ومازالت، حيث قتلت الأطفال الخدج، حديثي الولادة، فلم يسلم أحد من نيرانها، طفل أو شيخ أو إمرأة.
وربما يكون تعليق الأمم المتحدة على حركتي المقاومة المذكورتين أنهما احتجزا عن عمد رهائن من الأطفال يوم 6 أكتوبر عام 2023؛ حتى ولو حدث تبقى إسرائيل متصدرة لقائمة العار ليس فقط لقتلها الأطفال و إنما النساء، فأغلب قتلاها الذين وصلوا إلى قرابة 40 ألفًا من صغار السن من الأطفال والنساء العزل.
إسرائيل لم تختلف كثيرًا عن داعش؛ فكل منهما يقتل على الهوية والجنس والعرق؛ يقتل كل من يختلف معه أو يُعارضه أو لا يسير في ركابه؛ هم نتاج الفهم الخاطئ لبعض المسلمين، وإسرائيل هي نتاج الصهيونية، وهي حركة متطرفه قامت بقتل الفلسطينيين بهدف إقامة وطن قومي لليهود.
الجديد في إخطار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش لإسرائيل أنه كشفها أمام العالم الذي ينحاز جزء كبير منه لها، سواء كان سببه مصدر القوة العسكرية التي تتمتع به الأخيرة أو انحيازا لسياساتها ووجودها، وهنا نستطيع القول إنّ إسرائيل خسرت كثيرًا على المستوى السياسي والدبلوماسي وعلى مستوى حلفائها، هذه الخسارة لم تكن عسكرية فقط ولم تكن على مستوى الصراع داخل الحدود الفلسطينية وإنما على المستوى الدولي.
انحياز الولايات المتحدة بهذه الصورة لإسرائيل منذ بداية الحرب قبل ثمانية أشهر صب في مساحة دعم جماعات العنف والتطرف، أو على الأقل أعطاها مساحة للعمل والتحرك والنشاط، وحديثنا هنا عن الجماعات المتطرفة وليست حركات المقاومة والتي أعطاها القانون الدولي والإنساني الحق في الدفاع عن أرضها.
هذا الانحياز سوف تظهر نتائجه خلال الفترة القادمة؛ وربما يتشابه الموقف الأمريكي من غزو العراق في مارس من العام 2003 وبين دعم واشنطن لتل أبيب في أكتوبر من العام 2023؛ وكل منهما أنتج جماعات متطرفة وساعد على وجودها وعزز من عملياتها الإرهابية، وهنا تُسأل الدولة الكبرى عن سياستها.
يُريد الرئيس الأمريكي جو بايدن أنّ يقدم نفسه للأمريكيين مع قرب الانتخابات الرئاسية بالإنتصار لإسرائيل؛ والحقيقة أنه انتصر لتنظيمات العنف والتطرف سواء ذات الخلفية الإسلامية أو الصهيونية، والعالم سوف يدفع ضريبة هذه السياسة على المدى القريب والبعيد.
الأزمة التي يعيشها العالم ليست في إنهاء الحرب الإسرائيلية وإنّ كانت هذه أولوية بالفعل ولكن فيما سوف تخلفه هذه الحرب، ويُسأل المجتمع الدولي عن النتائج حيث كان منحازًا لأحد طرفي الصراع، هذا لم يكن جديدا ولكن تبعاته بدأت تظهر بالفعل وهو ما يؤثر على العالم بأكمله أمنه وسلامته.
لابد أنّ توضع الولايات المتحدة الأمريكية وبعض من الدول الكبرى على قائمة العار بسبب هذا الانحياز المضر بأمن العالم، لابد أنّ يكون هناك تحذير لواشنطن التي ساعدت في اشتعال الحرب الإسرائيلية بهذه الصورة، فأغلب قتلى الأطفال والنساء تم بسلاح أمريكي وبإلتزام من قبل بحماية الابن المدلل تحت أي ظرف وبأي صورة.
تستطيع واشنطن إنهاء الحرب الإسرائيلية ولكنها لم ولن تفعل ذلك، صحيح هناك تباين في وجهات النظر ولكن في نفس الوقت هناك تطابق في الأهداف والغايات، فضلًا عن التزام أخلاقي وسياسي ودبلوماسي وإعلامي وعسكري تجاه الصهيونية العالمية ممثلًا في إسرائيل.
وهنا يمكن أنّ نذهب إلى أنّ قائمة العار لابد أنّ توضع فيها الولايات المتحدة الأمريكية والتي انحازت ومازالت لإسرائيل في حربها ضد المدنيين؛ فهذه الحرب رغم قوتها كانت ضد المدنيين، ولم تُحقق واشنطن أي تقدم عسكري على حماس إلا في مساحة الــ 10% فقط، وهو ما يدل على فشل تل أبيب ووضعها في قفص الإتهام خاصة وأنها عمدت لقتل المدنين بعدما فشلت في التعامل مع حركات المقاومة.
فما كان لإسرائيل أنّ تقوم بقتل المدنيين والأطفال دون موافقة البيت الأبيض والإدارة الأمريكية وباقي المؤسسات الأمريكية مثل الكونجرس الأمريكي.
وهنا يمكن أنّ نفهم الأسباب التي أدت إلى ظهور داعش أو على الأقل تنامي هذا التنظيم المتطرف ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط ولكن في العالم؛ المسئول عن ذلك بإختصار شديد السياسات الدولية وسلوك الولايات المتحدة الأمريكية، سواء في مارس من العام 2003 أو أكتوبر من العام 2023، ولذلك لابد أنّ يفتح القوس بشكل أكبر في قائمة العار الأممية.