رغم التحذير الأمريكي المستمر للنظام الإيراني بالتوقف دعم الميليشيا الحوثية بل والضغط على حليفها اليمني من أجل وقف أعمال القرصنة البحرية، إلا أن إيران لا تستجيب بل تنفي دعمها للجماعة الانقلابية مؤكدة أن قرارات الأخيرة مستقلة وهي لا تتدخل بها، ولكن ما كشف زيف الادعاءات الإيرانية هو ما كشفته عدد من وكالاتها الرسمية خلال الأيام القليلة الماضية عن وسائل دعم طهران المستمر للحوثيين والأسلحة الإيرانية التي تعتمد عليها تلك الميليشيا في هجماتها البحرية.
دعم إيراني
يأتي هذا في سياق، ما كشفته وكالة "تسنيم"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، في 28 مايو 2024، أن طهران زودت مليشيا الحوثي بالصواريخ الباليستية التي تطلَق من البحر (صواريخ مضادة للغواصات)، قائلة، "تم الآن توفير الصاروخ الباليستي الذي يطلَق من البحر، المسمى قدر، للمقاتلين اليمنيين (الحوثيين)"، ومضيفة بأن هذا الصاروخ البحري الذي كان قادراً على إبعاد الأميركيين عن شواطئ إيران أصبح سلاحاً قادراً على تهديد مصالح أمريكا وحليفها الرئيسي في المنطقة، إسرائيل.
تأتي هذه الأنباء بعد أيام قليلة مما كشفته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" في 12 مايو 2024، عن تطوير الميليشيا الحوثية لمدن صاروخية وانفاق تحت الأرض في مناطق سيطرتها لتعزيز وظيفة أنظمتهم الهجومية والدفاعية، ومن ثم فإن تقرير وكالة تسنيم التابعة للحرس الثوري الإيراني، جاء ليؤكد بشكل رسمي ما تقوله المخابرات الأمريكية بأن إيران تمتلك أكبر عدد من الصواريخ الباليستية في المنطقة كما أنها مُنتِج كبير للطائرات المسيرة.
تحذير يمني
وقد رد وزير الإعلام اليمني «معمر الإرياني» على وكالة «تسنيم» الإيرانية، في 29 مايو 2024، بالقول أنه "اعتراف صريح وخطير بنقل طهران تكنولوجيا الصواريخ الباليستية المضادة للسفن إلى الميليشيا لاستخدامها في هجماتها البحرية"، وطالب المجتمع الدولي بضرورة الضغط على إيران من أجل وقف دعمها للحوثيين.
وما تقدم يشير إلى أمرين، أولها، أن النظام الإيراني حريص على تقوية وكلائه وإمدادهم بمختلف الأسلحة النوعية المتطورة التي تمكنهم من صد التهديدات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، والأمر الثاني، للتأكيد على أن الفترة المقبلة ستشهد تصعيد على نطاق أوسع من قبل وكلاء إيران في حال لم توقف أمريكا دعمها لإسرائيل وتضغط من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهذه الرسائل ذاته، هي التي تفسر إعلان وزير الخارجية الإيراني بالإنابة «علي باقري» في مؤتمر لدعم غزة بطهران في 1 يونيو 2024، أنها سيتوجه إلى سوريا ولبنان خلال الأيام القادمة.
نائب طهران
والسؤال الذي يطرحه نفسه الآن هل تدخل إيران في مواجهة مع أمريكا من خلال دعمها المستمر للحوثيين، وللإجابة عن هذا التساؤل، يقول الدكتور «مسعود إبراهيم حسن» الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أن دخول طهران في مواجهة مباشرة مع أمريكا والدول الأوروبية هو "امر مستبعد" إذ تنادي الأوساط السياسية الإيرانية والشعب بعدم التدخل في مواجهات مباشرة، وهو ما كان يجعل المسؤولين الإيرانيين يتبرأون من دعمهم لحركة المقاومة الفلسطينية وما حدث في 7 أكتوبر الماضي.
ولفت «إبراهيم حسن» في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز» أن إيران أعلنت عدم علاقاتها بتصرفات الحوثيين وان هذه الحركات لها "إرادة مستقلة" بعيدة عنها، وللك نجد إيران لا تدخل أو تتحرك بشكل مباشر في الدفاع عن الحوثيين، ولكن لا شك أن هناك دعم غير مباشر سواء أكان ماديا أو عسكريا، إذ ينظر النظام الإيراني لهذه الحركات ليس فقط لأنها اذرع عسكرية له، بل هي نائب له في المنطقة ووسيلة من وسائل الضغط الإيراني على أمريكا.
وأضاف أن ما يقوم به الحوثيين ليس له علاقة بنصرة القضية الفلسطينية ودعم المقاومة كما تدعي هذه الميليشيا، إنما عبارة عن "ممارسات سياسية" لنيل رضا إيران واستمرار دعمها لهم من جهة، واحياء ايران أسلوب الضغط على امريكا لتحقيق مكاسب لها ولأذرعها من جهة أخرى.