الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

"لكل لون معنى ومغنى".. عزبة الورد تحتفل بموسم الحصاد

موسم حصاد الورد بعزبة
موسم حصاد الورد بعزبة الأهالي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تفوح رائحة الورود في كل مكان، وتنتشر في الأرجاء وترى المشاتل عن يمينك ويسارك، مساحات خضراء شاسعة يتخللها ألوان الورورد الحمراء والبيضاء والزرقاء والبنفسجي، ترى العمالة اليدوية تقطف الجمال من مطلع الفجر وحتى وقت الضحى وسط  قطرات الندى ونسمات الهواء العليل، هنا في قرية "عزبة الأهالي" بمحافظة القليوبية يعمل أغلب قاطنيها بمجال زراعة وتجارة الورد، وقد ورثوا المهنة أبًا عن جد وصارت هي العمل والهوى والهواية والإرث الذي يتركه الأقدمون للجيل الجديد، فالورد في قاموس اللغة هو نور الشجر، والزهرة لكلّ نبات، وهو عبارة عن نوعٍ تابع للفصيلة الوردية، ويعد من مجموعات الوريقات التي تشكل ارتباطًا وثيقًا معًا بشكلٍ رائعٍ، وتوجد الوردة في آخر غصن الشوكة من الأعلى، وقد قام الناس منذ زمن بعيد باستعمال الورود للإهداء كتعبير عن الإعجاب والحب والتقدير والاحترام.

وتعد «عزبة الأهالى» التابعة لمركز القناطر الخيرية فى محافظة القليوبية، هي "بلد الورد" في مصر، فهنا تتفتح زهور الربيع ومعها رزق الكثير من العاملين الكادحين فى زراعتها وخدمتها طوال العام، والأيادي الناعمة التي تقطف الورود وتتعامل معها معاملة الأميرات وترعاها كالأطفال الصغار، وهناك يجتمع المزارعون من رجال ونساء صباح كل يوم فى موسم حصاد الورد، الذى يحل هذه الأيام بالتزامن مع فصل الربيع، ليجمعوا عيدانه ويجروا عليه بعض التجهيزات اللازمة، قبل نقله إلى محال ومعارض الزهور والمصانع.

"موضة الورد مبتقدمش".. صاحب مشتل ورود: أفضل وظيفة منظر جميل وروائح أجمل 

يقول "رجب الشابوري"، يعمل في مجال زراعة الورد منذ 40 عامًا، أنه قد ورث المهنة عن أبيه وجده وعمل بها منذ ما يقارب ربيعه العاشر، فقريته هي بلد الورد في مصر، والزراعة الأساية بها هي زراعة الورود بمختلف أشكالها، مضيفًا أنهم يستوردون التقاوي من هولندا ويتم زراعتها في شتلات، ثم أخذ الشتلة الأم وزراعتها في الأرض والتي تظل تثمر وتنتج لما يقارب الخمسة أعوام، وأنهم يقومون بقص التفريعات من عود الورد الأصلي وزراعته كعود جديد مستقل، أما عن الدول التي تهتم بشراء الورود فهي السعودية والجزائر وتونس، مؤكدًا أن "موضة الورود مبتقدمش" وسيظل البشر لآخر حياتهم يتخذون الورد أسلوبًا جميلًا وجذابًا للتعبير عن مشاعرهم.

وأضاف "رجب"، أن زراعة الورود جميلة وممتعة، لكنها تحتاج إلى توفير «ظروف مناخية بشكل صناعى» لإنبات تلك الزهور، سواء من خلال الصوب أو طرق الزراعة والتسميد، وأوضح أنه يتم توفير تقنيات محددة داخل الصوب لتثبيت درجة الحرارة التى تتلاءم مع تلك الزهور، بما يُمكننا من إنتاجها فى المزارع، وتوفير عملة صعبة بتصديرها إلى الخارج، وأكد أن الفصل المناسب لزراعة ونمو الزهور هو فصل الشتاء، لكن هذا كان قبل توافر الإمكانات والتقنيات الحالية، ففى الوقت الحالى تتوافر الزهور طوال العام، ويتم حصدها أكثر من مرة، عبر تهيئة الظروف المناخية لتكون مواتية لما تتطلبه الزهور فى موسمها الأصلى، موضحًا أن أبرز تلك التقنيات توفير تكييفات ومبردات ومراوح، من أجل الوصول إلى درجة الحرارة المطلوبة داخل الصوب، واتباع برامج مخصصة للتسميد و«رعاية النبتة» طوال فترة بقائها فى الأرض.

وتابع قائلًا، تحتاج الزهور إلى رعاية كالأطفال، واتفاق الخبرة مع العلم لإخراج منتج جيد، فاتباع طرق شاذة أو تفتقر إلى الخبرة يتسبب فى تدهور إنتاج وجودة النبات، وكشف عن مراحل التعامل مع الورد، بداية من حصاده ثم إعداده وشحنه إلى المحال والمصانع، مبينًا أنه يتم وضعه فى الماء بعد قطفه من الأرض مباشرة، ثم فى الثلاجات بدرجة حرارة معينة لمدة لا تقل عن ٣ ساعات، وأضاف: «كما ينقل إلى وجهته المقبلة بعد حصده عبر سيارات مجهزة بأجهزة تبريد، للحفاظ على الزهور، خاصة أنه فى حال نقل الورد البلدى من الأرض إلى محال بيع الزهور تتفتح الزهرة أكثر من اللازم فيتشوه شكلها الجمالى.

وبيّن أن مدة بقاء النباتات فى التربة تختلف وفقًا لأنواعها، فهناك أنواع مثل زهرة «الليليوم» تحتاج لدورة زراعية واحدة تحصد خلالها، ثم تتم زراعة المحصول الجديد منها فى الموسم التالى، بعد تعقيم وتجهيز الأرض، أما أنواع الزهور الأخرى فعمرها يمتد فى الأرض لـ٥ أو ٦ أعوام، فيتم قطفها وحصادها، وبعد مدة تتجدد أزهارها وتقطف من جديد، لكن شريطة تقديم السماد والمبيدات المطلوبة وطرق الرى والرعاية اللازمة، حتى تتمكن النبتة من الإزهار مجددًا بجودة عالية.

"العنكبوت الأحمر والديدان والصيف".. أعداء وأمراض الورود في الصيف 

يتعرض الورد في الحقول والحدائق المفتوحة وفي البيوت المحمية الي عدد من الأمراض أهمها البياض الدقيقي والبقعة السوداء والبوتريتس والصدأ والتدرن والذبول وبعض الأمراض الفيروسية، فمرض البقعة السوداء هو مرض فطري يسبب تساقط الأوراق بالكامل وينتشر في بداية موسم الخريف ويؤدي الي ضعف النبات وحدوث الموت الرجعي للفروع وتقرحات الساق ويشتد المرض في الشتاء.

 أما عن مرض البياض الدقيقي فيصيب الأوراق والفروع والبراعم والأزهار ويؤدي الي تكون مسحوق ابيض علي أسطح النبات والتواء الأوراق وتحوله الي اللون البنفسجي وفشل الأزهار في التفتح، يسبب المرض الشديد  تلف وتقزم الشجيرات ثم موتها، وتنتقل جراثيم المرض الكونيدية بسهولة بالهواء والحشرات من نبات مصاب إلي سليم ومن حقل الي آخر حيث تتحمل هذه الجراثيم الجفاف لدرجة كبيرة، وينتشر المرض بشدة في الجو الحار الرطب.

وهناك مرض لفحة البوتريس، وهو مرض فطري يسبب تساقط البراعم الزهرية وعدم تفتحها، تتحول البراعم الي اللون البني وتتعفن، وأحينا يهاجم البراعم المتفتحة ويغطيها بالعفن (النمو الفطري الميسليومي)، ويعيش الفطر بوتريتس علي أنسجة النبات الميتة وفي الظروف المناسبة تنطلق منها ملايين الجراثيم الكونيدية للفطر وتشتد ألعدوي عندما تبقي المياه على الأوراق او البراعم  لفترات طويلة.

أما عن مرض التقرح البني، يوجد المرض غالبا في الورد المزروع خارجيا ونادرا ما يشاهد في البيوت المحمية، ويهاجم الفطر أي جزء من النبات فوق سطح التربة وقد يسبب موت كامل لساق النبات، فتظهر بقعة حمراء إلي بنفسجية على فرع هذا العام ومع الوقت تتحول إلي ندبة بيضاء إلي رمادية على سطح الفرع. قد تتجمع البقع في شكل مساحة بيضاء وقد لا تسبب ضرر كبير في العام الأول ولكن مع الوقت تتسع الندبة لعدة سنتيمترات مكونة تقرح بني يسبب تحلق الفرع مؤديا الي موته، قد يمتد التقرح الي قاعدة الساق ويسبب موت الشجيرة بالكامل.

ويتسبب مرض البياض الزغبي، بظهور بقع أرجوانية أو حمراء أو بنية اللون بين الأوردة على الأوراق ، والتي تصبح بعد ذلك صفراء وتسقط  في بعض الأحيان، قد ينتج العفن الأسفل بقعا شاحبة على السطح العلوي ونموات زغبية من الحوامل الجرثومية على الجوانب السفلية من الأوراق ، مما يساعد على تمييزها عن البياض الدقيقي ، والتي تنتج عادة نموا مسحوقي مرئيا على سطحي الأوراق.

وهناك ما يعرف بصدأ الورد، فقد تسقط الأوراق المصابة قبل الأوان ، وتظهر بثرات برتقالية صغيرة على الجوانب السفلية ، في حين أن الجوانب العليا غالبا ما تكون ملونة، فيجب التخلص من أي أوراق متبقية على النباتات، حتى يمكن لعيدان الورود تحمل مستويات منخفضة من الضرر دون خسائر كبير، ويمكنك استخدام التطبيقات الوقائية لمبيدات الفطريات، ولكن محاولة الحفاظ على النباتات خالية من الصدأ قد تتطلب تطبيقات متكررة، والتي قد لا تكون مبررة في مواقف الحدائق أو المناظر الطبيعية.

أشهرهم بيبي فلاور وكرزانتم.. أنواع الورود في مصر

من المعروف أن الورد هو رمز من رموز المحبة بين الآخرين، ومن الطبيعي أن الكثير يهادون بعضهم البعض به للتعبير عن مشاعرهم النبيلة، وتتعدد أنواع الورود في مصر، وأشهرهم على الإطلاق هو الورد البلدي الذي يتميز بشكله الفريد ورائحته المميزة، ويلقب بملك الزهور، وتقطف الورود قبل الغروب لإطالة عمر الوردة وتقطف بجزء غير قصير من الفرع بواسطة المقص حتي لا تسلخ شجرة الورد ثم توضع الوردة في الماء بغمر الساق في الماء العميق لمدة ساعة تقريباً، أما عن زهرة اللوتس فقد اتخذها الجيش المصري القديم علماً له , واللوتس نبات بري وزراعي ساقه منتصبة له فروع كثيرة وأزهاره صفراء زاهية اللون يعلوها بعض البقع الحمراء ، وزهرة اللوتس بها مادة ملونة مسكنة مضادة للتشنج ولها قدرة غريبة علي شفاء الالتهابات ، وأزهار اللوتس أزهار رقيقة لا تحتمل النقل من مكان لآخر وكذلك فإن قطفها ليسبب موتها بسرعة وزهرة اللوتس في الأساطير المصرية تعبر عن الطفولة البريئة التي تحلق من قلب الزهرة البيضاء. 

أما شجرات البنفسج تكون كالأعشاب صغيرة ولكنها شجيرات زينة أوراقها علي هيئة اقراص لها عنق طويل وزهورها في محاور الشجيرات ، كل  زهرة  تنبت في فرع ولها نصل غير طويل ولون الزهور ابيض أو بنفسجي ، وتقتطف أزهار البنفسج في الساعات المبكرة من الصباح لأن رائحتها أقوي وفي الصباح الباكر ولكن زهور البنفسج لا تعيش طويلاً بعد القطف خارج الماء لأن اعناقها تذيل بسرعة، وزهرة النرجس تشبه الأقراص الخماسية أو سداسية العدد ، وصفحة الورق منتصبة ويتوج النبات زهرتان كبيرتان لونها كبريتي ، وأزهار النرجس البلدي تُقطف في الصباح الباكر وتكون رائحتها نفاذة وأقوي من التي تُقطف في منتصف النهار لانها تكون حينذاك قليلة الزيوت العطرية التي تتبخر مع ارتفاع درجة حرارة الجو .

 وبالنسبة لنبات الكاميليا، فهي نبات شجيري تنبت أزهاره في الشتاء والربيع وتكون وردية أو حمراء أو بيضاء وهو نبات يعيش في الظل لا يحتاج الا الي كمية قليلة من ضوء الشمس ولكن يحتاج الي النور كثيراً ، ويمكن زراعه الكاميليا بالبذور أو الغرس وكذلك يمكن قطع عقله بها براعم من ساق أحد النباتات وزراعتها من سبتمبر وحتي فبراير من كل عام، وهناك نبات البردي نبات طويل من العائلة الخيمية وينبت في المستنقعات في الدلتا وجذوره تتعمق في الطين وسيقانه  تمتد الي أعلي علي هيئة مقطع ثلاثي الشكل اما أزهار البردي فهي علي شكل خيمة وذات أحراش كثيفة وهي تشبه قرص الشمس ويستعمل في صناعة الورق البردي للكتابة وكان يسمي الورق الملكي وهو نبات دائم الخضرة وكانت تقدم باقات زهور البردي في المعابد تقرباً من الله وما زال هذا النبات موجوداً في بحر الغزال جنوب نهر النيل.

أما عن نبات الصبار، فهو نبات لحمي يكتز بمادة الكلورفيل الخضراء يعلو من 2 الي 5 أمتار وألواحه الحولية بيضاوية الشكل وطولها من 30 الي 40 سم وعرضها من 20 الي 50 سم عوده أخضر وله شوك طويل تمتاز الأزهار بأن فيها مواد لعابية وسكرية وحامض الليمون وحامض التفاح وثمرته مغذية جداً، وهناك  زهور السوسن الأبيض نبات يعلو من 60 الي 100 سم أزهارها كبيرة فواحة لونها أزرق ووسطها لون اصفر وأوراق نبات السوسن مفصلية الشكل وساقه قوية وهناك بعض الزهور لونها أبيض ويعلوها توشيح أحمر ورقشة قرمزية وضلعها أصفر من 5 الي 8 سم .

شتلات ورد على مساحة 125 فدان.. تاريخ عزبة الأهالي منذ عصر محمد علي 

تتحول عزبة الأهالي بالقناطر الخيرية، في فصل الربيع إلى مشتل كبير، حيث يعمل 90% من سكانها في مجال زراعة الزهور، فهي مهنة توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، وتميزوا فيها وأصبحوا المصدر الأول لتصدير الزهور للخارج، بشتى أنواعها سواء القطف أو الزينة، فتتحول في الربيع إلى مصدر للبهجة والألوان لكل أنواع الورود والزهور ووجهة عشاق الزينة.

ويذكر أن عدد مشاتل عزبة الأهالي هو 30 مشتل زينة و30 مشتل زهور قطف و7 صوب زراعية، وهناك الكثير من أصناف الزهور مثل زهور القطف ليليوم والجبسوفيليا والكرزنتم، والمساحة الكلية للعزبة 125 فدانا، وعدد العاملين في مشاتل الزهور يمثلون نحو 80% من السكان في عزبة الأهالي.

عزبة الأهالي من أشهر الأماكن بزراعة الزهور في مصر على المستوى المحلي والعالمي لأنها تصدر لدول الخليج والعالم أجمع، مؤكدة أنها على المستوى المحلي تعد العزبة من أوائل الأماكن التي يجري بها زراعة الزهور، حيث كانت قبل 50 عاما تزرع محاصيل حقلية مثل الذرة والبرسيم وغيرهما، وقد استقبلت العزبة منذ عهد محمد علي باشا شتلات تم استيرادها من هولندا، ومنذ 50 عاما بدأوا يهتموا بنزراعة الزهور وتنشطيها، وهناك مشاتل زينة ومشاتل للقطف، حيث تشمل مشاتل الزينة الأشجار التي يتم استخدامها للزينة سواء في الحدائق أو الأماكن العامة والمستشفيات وغيرها.

وتستخدم مشاتل القطف تستخدم في زهور المناسبات التي تستخدم في الهدايا والأفراح والبوكيهات في كل المناسبات، وهناك الكثير من العمالة في هذه المشاتل فتعد زراعة الزهور مصدر هام للأسر في عزبة الأهالي، فأصبحت تعرف بأنها مملكة الزهور، وكانت بقرار جمهوري صدر عام 2005 تقريبا تعرف باسم "منشأة الزهور".

ويعتبر شم النسيم هو أكبر موسم للزهور في القرية، فخلاله تنظم القرية مشتل كبير أو معرض للزهور يحضره محافظ  القليوبية ووكيل وزارتي الزراعة والري، ويكون المعرض كبيرا ومناسبا للجميع، وتعمل المشاتل باستمرار وتشغيل خطوط الإنتاج، وأصحاب المشاتل لديهم القدرة على تسويق منتجاتهم وفقا للبورصة.